Page 180 - merit 50
P. 180
العـدد 50 178
فبراير ٢٠٢3 تتيح حرية تأسيسها من
جهة ،كما أن نشاطها المدني
وإبداء الملاحظات ،والحوار وترسيخ مقومات الهوية يتم وفق قوانينها الأساسية،
مع الجهات المعنية ،واستعمال الوطنية ،وما تتميز به من
وأنظمتها الداخلية من
وسائل الإعلام والاتصال غنى وتنوع ،والنهوض جهة ثانية.
لتوضيح مواقفها ،ويمكنها بالفنون ،والتشجيع على
أن تلجأ إلى التظاهر السلمي الاستقلالية :بمعنى امتلاك
إذا اقتضى الأمر ذلك؛ ولا الإبداع ،وغير ذلك من شخصية قانونية اعتبارية
المجالات ،دون أن تكون
يمكنها مطل ًقا اللجوء إلى الغاية من وراء ذلك هي تنظم علاقة المنظمة أو
العنف ،لأن المجتمع المدني التجارة أو الربح ،أو المصلحة المؤسسة المدنية مع الدولة
من المفروض أن يساهم في والمجتمع ،علاقة مبنية على
تهذيب السلوك العام ،وليس الذاتية للأعضاء. الشراكة والتعاون ،غير أن
في ترهيب المجتمع ،ويعبئ عدم السعي للوصول إلى علاقات التكامل بين المجتمع
الطاقات لخدمة الصالح العام، السلطة :ومن هذه الزاوية
ولا يهيج الناس من أجل المدني والدولة وتخضع
التخريب ،ويعمل على نشر يتميز المجتمع المدني عن فيها كل العلاقات لسيادة
قيم التضامن والتسامح ،ولا الأحزاب السياسية التي من القانون ،أما إذا كانت الدولة
طبيعتها أن تعمل للوصول تقيد الحريات ،وتنهج أسلوب
يزرع الحقد والكراهية. القمع مع الأفراد والجماعات،
ويعد الشباب ،بحضورهم إلى الحكم؛ أي جمعية من فإن هيئات المجتمع المدني في
ونشاطهم التطوعي ،جوهر المجتمع المدني لا تتدخل في هذه الحالة ،إن وجدت ،تكون
الحياة المدنية في المجتمعات كل المجالات ،وإنما تختار أن
المعاصرة ،لاسيما في عصرنا تقدم خدمات معينة في مجال قوة معارضة.
محدد ،ولا تدخل في المنافسة خدمة الصالح العام :إن
الحديث ،بعد ان اتسعت الانتخابية التي تعني الأحزاب أعمال ومبادرات منظمات
وتعقدت مجالات الحياة المجتمع المدني لا بد أن تصب
وعلاقاتها المتشابكة «إذ إن السياسية ومنهج عملهما في خدمة الصالح العام ،من
الحكومات ،سواء في البلدان مغايران ،فهي تتنافس في خلال تقديم خدمات لفائدة
المتقدمة أو النامية ،لم تعد الاجتهادات والبرامج التي المجتمع ،أو بعض الفئات
قادرة على سد احتياجات تهم مختلف مجالات الشأن
أفرادها ومجتمعاتها ،فمع المستهدفة منه ،الأعمال
تعقد الظروف الحياتية العام. الاجتماعية التي تستهدف
عدم اللجوء إلى العنف: الفئات المحتاجة ،ورعاية
ازدادت الاحتياجات تقوم منظمات المجتمع المدني الأشخاص المعاقين ،وحماية
الاجتماعية وأصبحت في بالاحتجاج على السياسة التي الطفولة ،والاهتمام بقضايا
تغير مستمر ،ولذلك كان لا تتبعها السلطات العمومية المرأة والشباب ،ومحاربة
بد من وجود جهة أخرى في مجال ما ،أو في مواجهة الأمية ،والوقاية الصحية،
موازية للجهات الحكومية إحدى الظواهر السلبية في والدفاع عن حقوق الإنسان،
تقوم بملء المجال العام، المجتمع ،ومن حقها أيضا وتعميم مفاهيمها وثقافتها،
وتكمل الدور الذي تقوم به ممارسة الضغوط لتحقيق ونشر قيم المواطنة ،وحماية
الجهات الحكومية في تلبية فوائد للمجتمع ،ومكتسبات البيئة ،والمساهمة في تنمية
الاحتياجات الاجتماعية، للشرائح الاجتماعية التي الحواضر والقرى ،ومحاربة
تدافع عن مصالحها ،فإنها لا الفقر والإقصاء الاجتماعي،
ويطلق على هذه الجهة يمكن أن تستعمل في ذلك إلا
«المنظمات الأهلية». الوسائل السلمية المتحضرة،
والمتمثلة في رفع المطالب،