Page 48 - Nafahat Ramadan
P. 48

مدفع رمضان
مثـل مدفـع رمضـان بشـكله التقليـدي أهـم مامـح الطقـوس الرمضانيـة، إذ يضفـي علـى أيـام وليالـي هـذا الشـهر الكريـم مذاقـًا خاصـًا رغـم التطـور الـذي يعيشـه النـاس ودخـول التكنولوجيـا ووسـائل الاتصـال الحديثـة فـي مناحـي الحيـاة كافـة، ويرتبـط مدفـع رمضـان لـدى الكثيريـن بذكريـات جميلـة ومواقـف إنسـانية رائعـة كان يجتمـع فيهـا أهـل «الفريـج» فـي الإمـارات قديمـا ليتناولـوا إفطارهـم فيمـا يعـرف بالــ «مفاطـر»، التـي كانـت تزيـن الفرجـان قديمـا
بمـا تعكسـه مـن روح الحـب والتآلـف بيـن سـكان المجتمـع الإماراتـي.
بديل الأذان الموحد
لا يـزال العديـد مـن الإماراتييـن، خاصـة كبـار السـن منهـم يسـعدون بسـماع طلقـات مدفـع الإفطـار، ويسـترجعون معــه أيــام الطفولــة حيــث كان هــذا المدفــع رمــز ًا للوحــدة بينهــم عبــر الإعــان للنــاس عــن مواعيــد الإفطــار أو بـدء شـهر رمضـان الكريـم، وكـذا إطـاق الطلقـات فـي المناسـبات الدينيـة والوطنيـة المختلفـة، تعبيـر ًا عـن الفـرح والبهجـة باسـتقبال هـذه الأيـام الجميلـة التـي تحمـل الخيـر والفـرح للجميـع علـى اختـاف مراحلهـم العمريـة وفئاتهـم
المجتمعيــة.
اعتمـادًا علـى خبرتـه الممتـدة فـي التـراث الإماراتـي وحيـاة الأهـل الإمـارات قديمـًا، يقـول سـعيد المناعـي، مديـر إدارة الأنشـطة بنـادي تـراث الإمـارات، إن مدفـع رمضـان لـه مكانـة خاصـة لـدى كل أبناء الإمـارات والشـعوب العربية والإسـامية، خاصـة وأن الأجـواء فـي الإمـارات قديمـا كانـت تتسـم بالبسـاطة والبعـد تمامـا عـن الزحـام والضوضـاء التـي نجدهـا حاليـًا، وكان المدفـع فـي هـذا الزمـن القديـم، يعمـل عمـل الأذان الموحـد، مشـيرا إلـى أن أولـى الأمـر كانـوا يعطـون المدفـع اهتمامـا كبيـر ًا، حيـث كانـت تتـم تجربتـه قبـل حلـول شـهر رمضـان للتأكـد مـن مـدى جهوزيتـه للمهمــة التــي ســيؤديها خــال ثاثيــن يومــًا، ونظــرًا لهــذه الأهميــة كان الأهالــي يعتمــدون علــى ســماع مدفــع
الإفطـار أكثـر مـن الأذان، لأن موعـد الأذان كان متفاوتـًا لعـدم وجـود تنسـيق وآليـة توحـد بيـن المؤذنيـن.
طقوس الإطلاق
إن مدفـع رمضـان وصـوت إطاقـه أو رؤيـة طقـوس الإطـاق كانـت تمثـل فرحـة كبيـرة بالنسـبة للكبـار والصغـار، خاصـة الأطفـال الذيـن كانـوا فـي خطواتهـم الأولـى فـي عالـم الصيـام، حيـث كان المدفـع يمثـل لهـم بهجـة تنـاول الطعـام والشـراب بعـد يـوم حـار وشـاق قبـل ظهـور وسـائل الراحـة حديثـا.
كمـا أن بعـض الأطفـال مـن سـكان المناطـق البعيـدة كانـوا يسـيرون إلـى أماكـن تجعلهـم قادريـن علـى سـماع طلقـات المدفـع بوضـوح، ثـم يسـارعون فرحيـن لأهـل لإخبارهـم بحلـول موعـد الإفطـار، الـذي ربمـا لا يكون مسـموعا بوضـوح فـي تلـك الأماكـن.
زي خاص
عـن رداء الشـخص المسـؤول عـن إطـاق المدفـع قديمـا، والـذي كان يسـمى الحـارس أو «المطـارزي»، يقـول الوالـد حثبـور الرميثـي، الـذي تجـاوز السـبعين عامـًا، وعاصـر أجيـا ًلا كانـت تعتمـد بشـكل رئيـس علـى المدفـع فـي الإعـان عـن دخـول شـهر رمضـان وغيـره مـن المناسـبات الدينيـة، إن الحـارس كان لـه رداء مميـز وأهـم مـا فيـه «التفـق» أي البندقيـة باللهجـة الإماراتيـة، وهنـاك محـزم حـول الوسـط يضـع فيـه الخنجـر، ومحـزم آخـر علـى الكتـف يضـع فيـه
رصـاص البندقيـة.





















































































   46   47   48   49   50