Page 118 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 118
العـدد 32 116
أغسطس ٢٠٢1
كفي الأيمن مشيرة له ببدء الحكي. صعد الدرج برشاقة وخفة ،وأنا متثاقلة ومترددة،
جلس على أول طاولة ،بعد أن سحب لي الكرسي
:ولد ُت بمنطقة شعبية ،والدي عامل نظافة في المجاور للنافذة التي تطل على النيل والمراكب على
فندق متواضع ،ووالدتي ربة منزل ،ولد َّي شقيقان سطحه ،وأتي النادل فطلب إسماعيل فنجان قهوة
أحدهما ترك المدرسة وعمل في ورشة ميكانيكا، له وعصير ليمون لي.
-أنا اتابع ِك على الفيس بوك ،وقرأت كل كتب ِك،
والآخر كان كل همه المذاكرة والتفوق والخروج من وأتمنى أن تكتبي قصة حياتي ،معظم المؤلفين
بالتأكيد شخص ما طلب منهم الطلب نفسه.
جحيم الفقر ،من أجل تحسين وضعنا المالي فتح شعرت بالضجر والاختناق ،فع ًل لم تكن المرة
أحدث ِك عن أالبثيمانمينحي ًالت قصبغيل ًرام لولكد ِّي ِكالبماللابطبعس،، الأولى أن ُيطلب مني ذلك ،والجميع قصصهم
زمن المحل كان سخيفة وليس بها ما يثير خيالي أو يحفز قلمي
بمنطقة على الكتابة ،عدت لتأمل النيل وشربت من عصير
موبوءة بالمخدرات ،كنت أساعده في العمل ،أفتح الليمون ،كان منع ًشا ،وصار صوته مبتع ًدا وكلماته
غير واضحة ،انتبه لشرودي فناداني ،وقال:
المحل وأستقبل الزبائن ،وقت استراحته بعد العمل
-تيسير ،آسف أستاذة تيسير ،أنا ُمعالج نفسي
في الفندق ،أنظف حوله وأكتشف العالم الجديد، من الإدمان ،ومدمن متعافي من كل أنواع المخدرات
كنت على أبواب المراهقة؛ والرغبة في النضوج وسجنت ،أنا وصلت لقاع القاع ونجوت.
-عف ًوا ..مدمن؟
السريع والبطولات الزائفة يجعلني أحترق ،بدأ
-نعم ،ربما لم تلت ِق بمدمنين من قبل!
الأمر بقطعة حشيش إكرامية لي عن أول قطعة -نعم معلوماتي عن الموضوع فقط من متابعة
السينما والدراما ،خاصة مسلسل تحت السيطرة
قماش قمت بكيها بنفسي ،كما تعرفين أن المدمنين
هل كنت مثلهم؟
يرغبون في سحب المزيد لطريقهم الوعر ،وأنا -أكثر ،تحبين أن أحكي ل ِك؟
مضيت خلفهم بخطوات مثل القفزات ،أحببت -بالطبع.
قلتها وسحبت الكرسي نحو الأمام قبالته ،ليس
وجودي في المحل ،قللت ساعات عمل أبي به ،صرت المهم أن أكتب القصة ،فضولي نحو المعرفة يجذبني،
شرب قهوته وهم بالحديث ،لكنني بادرته بسؤال:
أجهز الملابس وانتظر الإكراميات المرسلة بسخاء، -ما الذي دفعك لترك المخدرات وما أصعب موقف
أهملت مدرستي وكل شيء ما عدا المخدرات وعالمها تعرضت له؟
-تركت المخدرات لأنني خسرت كل شيء وما عاد
والمكاسب السريعة والقوة ،بالرغم من صغر
بإمكاني خسارة المزيد ،أصعب المواقف موت أمي
سني وأنني لم أنشأ في هذه المنطقة لكنهم كانوا وسلوى.
يعاملونني كجزء منهم ،بدأت بتوزيع التامول لطلبة -من سلوى؟
-أكثر إنسانة أحبتني ،جذبتها لطريق الأدمان ثم
المعهد القريب منا بسعره المعروف وأكسب فرق تخليت عنها وقتلت نفسها وقتلت ابني الأول ،أريد
أن أخبرك بكل شيء لكن بالترتيب هل تسمحين
السعر لصالحي ،المنطقة كانت أسعارها منخفضة
لي؟
لأنها المصدر وتجارة متشعبة تتداخل فيها شعرت بسماجتي وقلة ذوقي واندفاعي ،اعتذرت
له ،ووضعت كفي أسفل خدي مثل الطفلة وحركت
السلطة وكل شيء ،لكنني كنت محد ًدا في مكاسبي
وخطواتي المحسوبة.
الشخص المدمن يختلف عن الشخص الطبيعي،
انتبه أبي لي ،وتحدث معي وحثني عن الرجوع،
وأغلق محل الكي ،لم أهتم ،لست بحاجة إلى ستار
لأمارس نشاطي ،صار اسمي إسماعيل تامول
ويأتي الجميع لي ولا أذهب لأحد ،ه َّدأ ُت اللعب قلي ًل
لأنني أحب عائلتي ،وجزء من اندفاعي في المتاجرة
مساعدة عائلتي وجعل أبي يستريح من عناء العمل،
خاصة مع كبر سنه ،أوقفت المتاجرة لكن التعاطي
كان هو الهواء الذي يملأ رئتي بالحياة ،سلوى
كانت سلوى حياتي ح ًّقا.
قاطعته بسؤالي الذي ألح بشدة ،وقلت: