Page 275 - RAYA 43 small 1
P. 275

‫في مخ�اوف ال�دول ا ألوروب�ي�ة من ا�ستهداف العقوبات الأمريكية على‬                ‫الأن�شطة النووية الإيرانية‪ .‬و�سيكون الكونجر�س بمجل�سيه �ساحة لهذا‬
‫طهران ال�شركات ا ألوروبية التي تعمل في طهران‪ ،‬با إل�ضافة إ�لى تهديد‬             ‫ال�صراع‪ ،‬وخا�صة إ�ذا خ�سر الجمهوريون ا ألغلبية في انتخابات التجديد‬
‫الم�صالح التجارية ا ألوروبية‪-‬الإيرانية التي �شهدت مراحل من التطور‬               ‫الن�صفي للكونجر�س‪ ،‬لأن الرئي�س �سيكون في حاجة �إل�ى ت�شريع من‬
‫بعد التوقيع على الاتفاق النووي‪ ،‬ورفع العقوبات المفرو�ضة على طهران‬               ‫الم ؤ��س�سة الت�شريعية لتمرير المزيد من العقوبات على �إي�ران وال�دول‬

                                             ‫بموجبه‪.‬‬                                                                  ‫التي تتعاون معها‪.‬‬
‫خام�سا‪ -‬ا إل�ضرار بالجهود ا ألمريكية لمنع الانت�شار النووي‪ :‬حيث‬                 ‫ثانيا‪ -‬تراجع �وصرة الولايات المتحدة ومكانتها دول ًيا‪ :‬ي ؤ�ثر قرار‬
‫يقو�ض الان�سحاب ا ألمريكي من الاتفاق النووي الجهود الدبلوما�سية‬                 ‫ترامب بالان�سحاب من الاتفاق النووي ا إلي�راني فى م�صداقية ونفوذ‬
‫الأمريكية والدولية لمنع الانت�شار النووي عالم ًيا‪ ،‬وفي منطقة ال�شرق‬             ‫الولايات المتحدة بين حلفائها وخ�وصمها على حد �سواء‪ ،‬لعدم وفائها‬
‫الأو��س�ط على وج�ه الخ���ص�و��ص‪ ،‬ألن ال�ق�رار �سي�صعب على م�سئولي‬               ‫بالالتزام بالتعهدات التي تقطعها على نف�سها‪ ،‬حيث يظهر القرار أ�ن‬
‫الوكالة الدولية للطاقة الذرية والم�سئولين الأمريكيين اكت�شاف �أي‬                ‫وا�شنطن هي الطرف غير الم�سئول الذي يدمر الاتفاقيات مقابل التزام‬
‫جهود إ�يرانية �سرية لبناء �أ�سلحة نووية‪ .‬كما �أن الان�سحاب ا ألمريكي‬            ‫الطرف الآخر (�إي�ران) بالالتزامات المن�وص�ص عليها بالاتفاق ب�شهادة‬
‫من الاتفاق النووي الإيراني �سيكون له جل الت�أثير فى فر�ص الولايات‬               ‫التقارير الدولية وا ألمريكية‪ ،‬وهو ما يدفع حلفاء الولايات المتحدة‬
                                                                                ‫التقليديين إ�ل�ى �إع��ادة النظر في علاقاتهم ب�ه�ا‪ ،‬وال�ت�ق�ارب م�ع قوى‬
          ‫المتحدة في إ�نهاء أ�زمة البرنامج النووي لكوريا ال�شمالية‪.‬‬             ‫دولية أ�خ�ري مناف�سة لوا�شنطن على الم�سرح ال�دولي من أ�ج�ل �ضمان‬
‫�ساد�سا‪ -‬ت�شدد النظام ا إلي�راني‪ :‬يقو�ض القرار ا ألمريكي ب�وصرة‬
‫كبيرة ق�وة التيار الإ�لاصحي ال�ذي يدعو �إل�ى الانفتاح على الولايات‬                                                   ‫م�صالحهم و أ�منهم‪.‬‬
‫المتحدة داخ�ل النظام الإي�راني‪ ،‬مقابل تقوية نفوذ التيار الراديكالي‬              ‫ويك�شف القرار ب�وصرة جلية عن تراجع الدور القيادي ا ألمريكية‬
‫ال��ذي ي�دع�و دائ�م�ا إ�ل��ى �أن��ه لا يم�ك�ن ال�وث�وق ب�وا��ش�ن�ط�ن باعتبارها‬  ‫في نظام دولي ي�شهد جملة م�ن ال�ت�غ�يرات وال�ت�ط�ورات في غ�ير �صالح‬
‫«ال�شيطان الأكب�ر»‪ ،‬الأم�ر ال�ذي قد يدفع النظام ا إلي�راني إ�ل�ى تبني‬           ‫الولايات المتحدة‪ ،‬وت�صاعد دور القوى المناف�سة‪ ،‬مثل ال�صين رو�سيا‪ ،‬أ�و‬
‫�سيا�سات راديكالية على ال�صعيدين الداخلي والخ�ارج�ي‪ ،‬خا�صة بعد‬                  ‫الحليفة مثل فرن�سا و أ�لمانيا التي بد�أت تحل مكان وا�شنطن في الحفاظ‬
‫ا ألزم��ات التي �سيتعر�ض لها الاقت�صاد ا إلي��راني‪ ،‬ال�ذي يعاني حال ًيا‬
‫�أزمات حادة‪ ،‬عقب فر�ض ا إلدارة الأمريكية عقوبات عليه بعد الان�سحاب‬                                         ‫على الا�ستقرار وا ألمن الدوليين‪.‬‬
‫من خطة العمل الم�شتركة‪ ،‬وه�و ما ي�صب في م�صلحة التيار المت�شدد‬                  ‫ثالثا‪ -‬تهديد �أم�ن وا�ستقرار منطقة ال�شرق الأو��س�ط‪ :‬قد يدفع‬
‫ال�ذي �سيعزز من فر�صه بين ال�شعب الإي�راني‪ ،‬وكذلك فر�ص فوز في‬                   ‫الان�سحاب الأمريكي من الاتفاق النووي وفر�ض عقوبات على النظام‬
                                                                                ‫الإيراني‪� ،‬أن ي�سعي ا ألخير إلعادة تخ�صيب اليورانيوم‪ ،‬وال�شروع في بدء‬
            ‫الا�ستحقاقات البرلمانية والرئا�سية ا إليرانية القادمة‪.‬‬              ‫إ�نتاج قنبلة نووية‪ ،‬الأم�ر الذي يهدد المحاولات الدولية لمنع الانت�شار‬
‫��س�اب�ع�ا‪ -‬ت� أ�ث�ر الاق�ت���ص�اد ا ألم�ري�ك�ي‪�� :‬س�وف ت�ستهدف العقوبات‬        ‫النووي في منطقة ال�شرق الأو�سط‪ ،‬ف�لاض عن ت�أجيج أ�زم�ات المنطقة‬
‫الأمريكية الجديدة قطاع النفط الإي�راني‪ ،‬و�شركات الطاقة الدولية‬                  ‫الم�شتعلة‪ ،‬و�إل�ى �سباق ت�سلح في منطقة ال�شرق الأو��س�ط‪ ،‬و��ص�راع بين‬
‫التي تعمل في طهران‪ ،‬الأمر الذي يرفع �أ�سعار الطاقة في ال�سوق العالمي‬            ‫�إي�ران و إ��سرائيل‪ ،‬بالإ�ضافة إ�ل�ى ت�صعيد الح�روب بالوكالة في المنطقة‬
‫مع انخفا�ض المعرو�ض الإي�راني‪ .‬وينعك�س ارتفاع أ��سعار النفط عالميا‬              ‫بين طهران والريا�ض‪ ،‬وهو ا ألمر الذي ي�ؤثر فى �أمن وا�ستقرار منطقة‬
‫على الاقت�صاد ا ألمريكي‪ ،‬لا �سيما مع كثير من التحديات التي تواجهها‬              ‫ال�شرق الأو�سط‪ ،‬وم�صالح الولايات المتحدة وحلفائها بالمنطقة‪ .‬ففي‬
‫ال�شركات ا ألمريكية المنتجة للنفط ال�صخري‪ ،‬والتي كان يعول عليها في‬              ‫غ�وضن �أربعة وع�شرين �ساعة من إ�علان ترامب الان�سحاب من الاتفاق‬
‫تعوي�ض النق�ص في المعرو�ض العالمي من النفط بعد فقدان ا إلمدادات‬                 ‫تعر�ضت ال�سعودية و إ��سرائيل لهجمات �صاروخية إ�يرانية ال�صنع من‬
‫النفطية الإيرانية‪ ،‬كما �سيدفع الم�ستهلك ا ألمريكي فاتورة الارتفاع في‬
                                                                                                            ‫حلفاء طهران في اليمن و�سوريا‪.‬‬
  ‫أ��سعار النفط‪ ،‬ولكن هذا �سيكون على مدار ال�سنوات الأربع القادمة‪.‬‬              ‫رابعا‪-‬توترالعلاقاتالأمريكية‪-‬ا ألوروبية‪:‬ي�ضيفقرارالان�سحاب‬
‫مما لا �شك فيه‪� ،‬ست�ؤثر ال�سيا�سات التي ينتهجها ترامب �سلب ًيا‬                  ‫ا ألمريكي من الاتفاق النووي رغم معار�ضة ال�دول ا ألوروب�ي�ة ق�ضية‬
‫فى دور الولايات المتحدة القيادي لنظام دولي يمر حاليا بمرحلة من‬                  ‫جديدة للق�ضايا الخلافية بين جانبي ا ألطل�سي ب�وصرة لم ت�شهدها‬
‫التطور‪ ،‬في ظل �سعي مناف�سيها وحلفائها للإحلال محلها في قيادته‪،‬‬                  ‫العلاقات الأمريكية‪-‬ا ألوروبية منذ �سبعة عقود‪ .‬وخلال الفترة التي‬
‫ناهيك ع�ن اه�ت�زاز �وصرتها ال�دول�ي�ة ك�ق�وة عظمي يقع على كاهلها‬                ‫�سبقت ا إلع�الن ا ألمريكي �سعت الدول ا ألوربية خلال زي�ارات متعددة‬
‫الحفاظ على الأم�ن والا�ستقرار الدوليين عامة‪ ،‬وفي منطقة ال�شرق‬                   ‫لر ؤ��سائها ولم�سئوليها للولايات المتحدة‪ ،‬والتي �شملت زي�ارة الرئي�س‬
                                                                                ‫الفرن�سي «�إيمانويل م�اك�رون»‪ ،‬والم�ست�شارة الألمانية «انجيلا ميركل»‬
                             ‫ا ألو�سط على وجه الخ�وص�ص‪.‬‬                         ‫ووزي�ر الخارجية البريطاني «بوري�س جون�سون»‪ ،‬ف�لاض عن ات�صال‬
‫كما �سيزيد الان�سحاب ا ألمريكي من الاتفاق النووي من الانخراط‬                    ‫رئي�سة ال�وزراء البريطانية «تيريزا م�اي» بالرئي�س «دونالد ترامب»‪،‬‬
‫ا ألمريكي في ال�صراعات وا ألزم��ات التي �سيولدها ه�ذا ال�ق�رار‪ ،‬الذي‬            ‫لإق�ن�اع الأخي�ر بالحفاظ على خطة العمل الم�شتركة ال�شاملة‪ ،‬لكن‬
‫�سي ؤ�دي إ�لى ت�أجيج المنطقة التي تمزقها التطرف والتناحرات الطائفية‪،‬‬            ‫الرئي�س الأمريكي اتخذ قرار الان�سحاب من الاتفاق النووي في مخالفة‬
‫مع احتمالات الت�صعيد الإيراني مما يجعل ابتعاد الولايات المتحدة عن‬               ‫لمطالب وم�صالح الدول ا ألوروبية‪ ،‬وهو الأمر الذي ينذر بتوتر محتمل‬
‫ال�ت�ورط في ن�زاع آ�خ�ر في منطقة ال�شرق الأو��س�ط ‪-‬كما ي�روج الرئي�س‬
                                                                                           ‫في العلاقات الأوروبية‪-‬الأمريكية خلال الفترة المقبلة‪.‬‬
                                 ‫ترامب‪ -‬أ�م ًرا غير واقعي‪.‬‬                      ‫وتتمثل ا أل�سباب الرئي�سية لتوتر العلاقات ا ألمريكية‪-‬ا ألوروبية‬

 ‫العدد ‪275 2018 -44‬‬
   270   271   272   273   274   275   276   277   278   279   280