Page 101 - Lybia Flipbook
P. 101
تضع ليبيا ضمن أدنى البلدان أدا ًء على مستوى العالم من حيث جودة التعليم ونواتج التعلم.
ويؤدي النظام التعليمي المتقادم إلى عدم التوافق بين ما يعرضه الخريجون وما تبحث عنه الشركات أو المؤسسات، مما يخلق صعوبة أمام الشباب للعثور على عمل مناسب. ويعجز واحد من كل اثنين من الشباب عن الحصول على وظيفة، مما يجعل ليبيا رابع أعلى معدل بطالة بين الشباب في العالم لعام 2021، وهو ضعف متوسطها في بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.7 وعلى الرغم من ارتفاع مستوى تعليم الفتيات مقارنة بنظرائهن من الذكور، فإنهن يواجهن صعوبة أكبر في العثور على عمل مناسب؛ ومن المؤسف أن هذا
التوجه المتفاوت لمعدلات البطالة يزداد سوءاً.
قدمت «سارة»، وهي شابة نشيطة تبلغ من العمر 26 عاماً كانت تستعد لنيل درجة الماجستير في اللغات من جامعة بنغازي، شرحاً للوضع وضربت مثالاً بحالتها الشخصية. فقد كانت تشعر بالقلق بشأن ما يمكن أن يحدث بعد تخرجها، بالنظر إلى أن فرص العمل كانت محدودة للغاية. وقالت أنه بدون وظيفة، كان الخيار الوحيد أمامها هو العودة إلى أسرتها في القرية، حيث كانت فرص العمل أكثر ندرة مما هي عليه في المدينة. ولم تكن القرية تمتلك الكثير لتقدمه لها، وكانت معظم صديقات «سارة»،
الحماسية، قفز عدد الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني من أقل من 100 قبل عام 2011 إلى نحو 1900 في عام واحد فقط. ومع تصاعد الحرب الأهلية وركود العملية السياسية، تضاءل هذا الحماس، لا سيما وأن تأزم الأوضاع الإقتصادية يعد خانقاً للأجيال القادمة، لأنه يقوض ثقتها في المؤسسات ويزيد من قلقها بشأن المستقبل. وتعمل وسائل التواصل الإجتماعي على خلق الوعي بالفرص التي لا تتوفر في ليبيا في أغلب الأحيان، والتي تجعل من مغادرة
ًً
البلاد أمرا جذابا.
لقد أصبح جيل الشباب اليوم أكثر تعليماً من أي وقت مضى في تاريخ ليبيا، حيث أصبح الإلمام بمهارات القراءة والكتابة شاملاً تقريباً، كما يلتحق ثلاثة من بين كل أربعة مراهقين بمرحلة التعليم الثانوي. وهذه المعدلات موحدة في جميع أنحاء البلاد، في المناطق الريفية والحضرية على حد السواء، حيث يفوق عدد الفتيات عدد الفتيان قليلاً في المدارس الثانوية. وتتيح 14 جامعة و91 معهداً فنياً عالياً خيارات واسعة لما بعد المرحلة الثانوية، كما أن التعليم مجاني في جميع المراحل.
وفي حين أن عدد الأطفال الملتحقين بالمدارس أصبح أكبر بكثير مما كان عليه في الماضي، فقد تدهورت جودة التعليم. وبدأ هذا الإتجاه في أوائل العقد الأول من القرن الحالي، حيث
أدت سنوات الصراع الذي طال أمده إلى المزيد من الخسائر. ونادراً ما تُستخدم التكنولوجيا الحديثة، مثل أجهزة الكمبيوتر؛ وبدلاً من ذلك، يواصل المعلمون الإعتماد على أساليب التعلم القائمة على الحفظ والتلقين. كما يفتقر العديد
منهم إلى المؤهلات والتدريب الذي من شأنه أن يساعدهم على التدريس بصورة أفضل. وقد أدت الإنقسامات الحكومية إلى إعاقة الإصلاحات التعليمية التي تشتد حاجة البلاد إليها، كما أن المناهج الدراسية لا تزال قديمة. وهذه العوامل مجتمع ًة
بعد ما يقرب من 15 عاماً من المرحلة الإنتقالية والصراع، لا يتذكر سوى القليل من الشباب في ليبيا الأحوال التي كانت عليها بلادهم قبل عام 2011. وفي حين يظل معظمهم متفائلين بالمستقبل، فإن آفاق الحاضر تتعثر بسبب التقدم المحدود نحو حل سياسي دائم، مما يدفع البعض إلى العثور على عزاء في المثل العربي القائل « الصبر مفتاح الفرج ». وعلى كل حال، فقد تمكنت بلدان أخرى تعاني من تحديات مماثلة من تجاوز الصعوبات التي واجهتها وبدأت
مسيرة اللحاق بالركب. قد يكون الدور التالي على ليبيا.
يشكل الشباب ممن تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاماً نحو 1.1 مليون مواطن، أي ثلث العدد للقوى العاملة الوطنية المحتملة، وهذا يمثل فرصة كبيرة في حد ذاتها. وإذا توفرت الظروف المناسبة أمام الشباب الليبي، فسوف يمكنه دفع البلاد إلى الأمام وضخ الحيوية في الإقتصاد والمساعدة في إيجاد حلول مبتكرة للتحديات المعاصرة، وتوليد دخل يكفي لتمويل المعاشات التقاعدية وتقديم الخدمات الإجتماعية. ولتحقيق هذه المنافع، تحتاج البلاد إلى تحديث نظامها التعليمي وخلق فرص عمل جديدة وتصميم مبادرات لتمكين هؤلاء الشباب على الصعيدين السياسي والإجتماعي. وبدون توفير الظروف الداعمة لهم، يمكن أن تتحول هذه الإمكانات غير المستغلة إلى السخط. فالشباب الذين تخرجوا من الجامعة يتوقعون، وبشكل منطقي، أن يتم تعويض سنوات دراستهم بالحصول على وظائف لائقة. لكن عندما تخيب توقعاتهم، فقد يتملكهم الإحباط والإستياء؛ وإذا شعروا أن أصواتهم ليست مسموعة، فقد يتطلعون إلى أساليب مدمرة لإحداث
التغيير المنشود.
لقد شهدت ليبيا بالفعل القو َة التي يتمتع بها شبابها، وبإمكانها تهيئة الظروف المناسبة لتحقيق الإستغلال الأمثل لإمكاناتهم. وكان لهؤلاء الشباب دور بالغ الأهمية في ثورة 2011، واستمرت مشاركتهم النشطة في الأحزاب السياسية والإنتخابات في السنوات التي تلتها. وبفضل مساهماتهم
النشأة في أوقات عصيبة
ومنها زميلات تخرجن من الجامعة،
يشعرن بالملل واشتغلن بالحرف
اليدوية لصنع بعض المنتجات التي
يمكنهن على الأقل بيعها في بازار
يقمن بتنظيمه سنوياً. وحتى الزواج
لم يكن خياراً لأن معظم الشباب في القريةكانواعاطلينأيضاًعنالعملويحتاجونإلىالماللشراء السكن اللازم للزواج. وكانت «سارة» تأمل فقط في أن تتاح لها وظيفةكُمعلِمةفيالمدرسةالحكوميةفيمنطقتها،لأنهذه هي فرصة العمل الوحيدة الواقعية لكي تمضي في حياتها.
«لوصف ليبيا في بيت من أغنية، أختار التالي: يا ليبيا... أنتي طموح اولادنا، وأنتي في دم أجدادنا، وأنتي ورثنا لأحفادنا.» فاطمة، 30 سنة
101