Page 141 - Lybia Flipbook
P. 141
جذاباًبشكلكبير،حيثيتمتهريبماقيمتهعشراتالملايين من الدولارات من البنزين إلى الخارج سنوياً. وهذا لا يعني فقط أن ليبيا ينتهي بها المطاف إلى دعم البنزين لصالح بلدان أخرى، بل إن المفارقة هي أنه يسبب نقصاً في الإمدادات التي يحتاجها مواطنيها. وهذا النقص حاد بشكل خاص في المناطق الجنوبية، حيث يؤدي الإحباط من هذا الوضع في كثير من الأحيان إلى قيام المحتجين بوقف إنتاج النفط والمياه.
ويتسبب دعم الوقود والكهرباء أيضاً في تأخير تحول ليبيا إلى شبكة طاقة أنظف وأقل تكلفة. فالتكاليف المنخفضة بشكل
يواجه قطاع الكهرباء تحديات عديدة. بينما تُعد صيانة الشبكة القائمة وتحديثها بإستمرار من أهم الإجراءات المطلوبة بشكل عاجل، تُعتبر منظومة الدعم هي الأكثر تأثيراً وصعوبة في إصلاحها. فلا تزال أسعار استهلاك الكهرباء منخفضة للغاية بحوالي 0.04 دينار (تقريباً سنت أمريكي) للكيلوواط/ ساعة للإستهلاك المنزلي، و0.08 دينار للشركات، كما أن التحصيل غير منتظم في أحسن الأحوال. علاوة على ذلك، فإن تكلفة الوقود الأحفوري اللازم لتوليد الكهرباء في ليبيا تغطيها
تُعد ليبيا من أكثر البلدان الغنية بالطاقة فيالعالم،فهيمنبينأكبرعشردولفيمجالإنتاجالنفط ووفرة الإحتياطات، كما أن ثرواتها من الغاز الطبيعي كبيرة جداً وموقعها الجغرافي بالقرب من أوروبا يسهل نقل النفط والغاز منخفض التكلفة إلى المشترين الرئيسيين لهما. ويحقق إنتاج النفط دخلاً سنوياً يزيد على 30 مليار دولار وفقاً للأسعار الحالية التي تتراوح بين 60 و90 دولاراً للبرميل ومعدلات إنتاج تبلغ حوالي 1.2 مليون برميل يوميا9ً. ويعد نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي في ليبيا من أعلى المعدلات في أفريقيا، مما يتيح لها جمع احتياطيات هائلة من النقد الأجنبي
ومدخرات وفيرة في صندوق الثروة السيادية.
اس ُتخدمت أموال النفط والغاز منذ البداية للإستثمار بكثافة في إنشاء شبكة كهرباء وطنية متكاملة، مما جعل ليبيا من أوائل البلدان الأفريقية التي تزود جميع مواطنيها تقريباً بالكهرباء. كما تم إقامة خطوط نقل الطاقة الكهربائية لربط الشبكة بمصر وتونس لتسهيل تبادل الكهرباء وزيادة مرونة
الشبكة عند حدوث انقطاعات.
لقد كان توليد الكهرباء وتوزيعهاً أمراً بالغ الأهمية لتحقيق التنمية والإستقرار، حيث تعتمد شبكة المياه بشكل كلي تقريباً على الطاقة الكهربائية ويحتاج إليها النظام الصحي لتشغيل المعدات الطبية و الشركات حتى تفتح أبوابها. والكهرباء مطلوبة أيضاً لتوفير التبريد للمباني والأشخاص في فصل الصيف وتوفير التدفئة في فصل الشتاء، فضلاً عن تشغيل الأضواء. وبالنظر إلى أهمية الكهرباء واستخدامها في العديد من جوانب الحياة اليومية، فليس من المستغرب أن يؤدي انقطاعها في الغالب إلى ردود أفعال مدوية. وربما اعتاد الليبيون على تعطل التيار الكهربائي بسبب الصراع وخروج المرافق عن الخدمة، لكن الإنقطاعات المتكررة والممتدة، مثل تلك التي حدثت في عام 2018، سرعان ما أصبحت لا تطاق، مما دفع الناس إلى التعبير عن غضبهم بالنزول إلى الشوارع.
مصطنع تجعل من الصعب على التقنيات الجديدة النفاذ إلى السوق، فمن يريد أن يدفع أكثر مقابل خدمة كانت شبه مجانية في الماضي؟ ونتيجة لذلك، وعلى الرغم من إمكانية توليد الطاقة الشمسية بتكلفة أقل بكثير من تكلفة نظامها الحالي، فإن نظام الدعم يعمل ببساطة على مزاحمة أي استثمارات في مصادر الطاقة المتجددة. وبالتالي، لا تزال البلاد عالقة في نظام الطاقة الحالي وغير قادرة على اللحاق
«ليبيا بلد الخيرات، أصفها بكلمات أمازيغية
هناك يوما سوف الخير. بيت من أبيات اغنية الربيع الأمازيغي.» طاهر، 29 سنة
الحكومة بالكامل تقريباً. ومن المؤسف أن انخفاض تكلفة استهلاك الطاقة يشجع على المزيد من الإستهلاك وقلة الكفاءة. ومن الأمثلة على ذلك أن استهلاك الكهرباء على مستوى البلاد تضاعف تقريباً عندما توقف تحصيل الرسوم فعلياً في عام 2013 وسط الإضطرابات المدنية. وعلى الرغم من أن دفع الفواتير آخذ في التحسن، فإن تكاليف استهلاك الكهرباء لا تزال منخفضة وليس هناك
الذهب الأسود والأضواء: تعزيز التحول في استخدام الطاقة
ببقية بلدان العالم في التحرك نحو الطاقة المتجددة.
وليست خسارة الأموال هي النتيجة الوحيدة لهذا المزيج من عوامل التثبيط، بل أيضاً التعرض لمخاطر وجودية أكثر خطورة. وتشير معظم التوقعات إلى أن عهد النفط والغاز بوصفهما مصدري الطاقة المهيمنين في العالم قد شارف على نهايته. ومع تسارع التحول العالمي في مجال الطاقة، فإن الطلب على الوقود الأحفوري سيتراجع حتماً، مما يؤدي إلى انخفاض الأسعار. وعلى الرغم من أننا لا نعرف مدى السرعة التي سيحدث بها ذلك، فإن الأمر الواضح هو أن ليبيا لم تعد
قادرة على الإنتظار حتى تتحرك.
حافز يذكر لتجنب إهدار الطاقة الكهربائية، مما يؤدي إلى بقاء الأنوار مضاءة في النهار وتشغيل مكيفات الهواء في الغرف الخالية. والنتيجة هي أن نصيب الفرد في ليبيا من إستهلاك الكهرباء يزيد بواقع مرتين إلى أربع مرات عن ما يستهلكه جيرانهم، كما أن نصيب الفرد من الإنبعاثات الكربونية هو
الأعلى في أفريقيا.
لكن عيوب نظام الدعم لا تنتهي عند هذا الحد، فسعر البنزين لم يرتفع منذ عام 1978 وتوقف عند 0.03 دولار فقط للتر، وهو من بين أرخص الأسعار في العالم. وتجعل أسعار البنزين المرتفعةنسبياًفيالدولالمجاورةهامشالربحلمهربيالوقود
141