Page 81 - Lybia Flipbook
P. 81
وفي غياب التأهب على المستوى الرسمي لمواجهة الكوارث، قامتالمجتمعاتالمحليةبإنشاءنظامالإستجابةالخاص بها. وسواء تعلق الأمر بالتعافي من الدمار الذي خلفه تنظيم داعش في سرت، أو بالعنف القبلي في مرزق، أو السيول في درنة، فسرعان ما تتم تعبئة شبكات
أثار إعصار دانيال والإستجابة التي أعقبته نقاشاً متجدداً حول قدرةليبياعلىالتأهبللأزماتوالإستجابةلهاوعامًةحول كيفية التعامل مع الإحتياجات المتزايدة لإعادة الإعمار بشكل أكثر فاعلية. ويتمثل عدم وجود تخطيط تنموي متكامل التحدي
عندما ضرب إعصار دانيال ليبيا في سبتمبر/أيلول2023،كان«خالد»فيشقتهالتيتقعفي حي البلاد المكتظ بالبنايات والسكان، بالقرب من الميناء في مدينة درنة القديمة. وكان يسمع صوت هطول الأمطار التي تعلن وصول الإعصار المتوقع في تلك الليلة. ومع أن درنة شهدت من قبل عدداً من الأعاصير، فقد تلقى الناس أخبار هذا الإعصار بشيء من القلق والترقب. في الواقع، أختار مؤسسوا هذه المدينة موقعها عند مدخل أحد الوديان الطويلة بحيث يمكن استخدام مياه الأمطار المنحدرة من الجبال لإنشاء سهل خصب. وتم بناء سدين لإحتواء مياه الأمطار والإحتفاظ بها للري. لكن تلك الليلة شهدت أمطاراً غزيرة أكثر بكثير من المعتاد. ونظراً لعدم قدرتهما على تحمل وزن المياه، فقد انهار السدان، مما أدى إلى إطلاق أكثر من 30 مليون طن من المياه. وإجتاحت السيول العنيفة المدينة ودمرت كل شيء في طريقها. وكتبت النجاة لخالد، حيث علقت سترته على عمود إنارة، مما منعه من الإنجراف إلى
البحر. لكن الكثيرين كتب لهم مصير أخر.
لقد كان هذا الفيضان مأساة ذات أبعاد هائلة، تُضاف إلى قائمة طويلة من الكوارث الطبيعية وأخرى من صنع الإنسان.5 ومن بين جميع الأزمات، يبقى العنف المسلح هو الأزمة الأشد أثراً والأعلى تكلفة إلى حد كبير. ولا تزال آثار الحرب قائمة في بعض المدن مثل بنغازي ودرنة وطرابلس وسرت ومرزق، وتنتظر الاستثمارات اللازمة لإصلاح ما لحق بها من أضرار. ومع أنه يصعب تقدير تكلفة الصراعات المتتالية، لكن ثمن الحرب في ليبيا يُقدر بأكثر من 576 مليار دولار.6 وعلى الرغم من أن البلاد معرضة للعديد من المخاطر، شأنها في ذلك شأن معظم البلدان، فإن اقتران الصراع مع تغير المناخ
ًً
يجعل الكوارث أكثر تواترا وأكثر ضررا.
الأقارب والعائلات، بما في ذلك
المساعدة التي يرسلها من يعيش
منهم خارج البلاد. وتعد وسائل
التواصل الإجتماعي أيضاً مصدراً
بالغ الأهمية لتوفير المعلومات
حول المخاطر والتهديدات وكذلك
إعادة التواصل بين الأشخاص بعد
الكوارث. ويساهم المجتمع المدني
والنقابات المهنية والشبكات الأخرى في توسيع قائمة
المصادر المحتملة.
وتعد فرق الكشافة والهلال الأحمر الليبي من بين المنظمات غير الحكومية الأكثر فائدة. وغالباً ما يكونوا من بين أول المستجيبين لنداءات الإستغاثة والأكثر فاعلية في إيصال الضحايا إلى بر الأمان. وتعد فرق الكشافة جديرة بالملاحظة لأنها كانت واحدة من الجهات الفاعلة القليلة في المجتمع المدني التي ُسمح لها بالعمل في ظل النظام السابق، وقد تمكنت من الحفاظ على حيادها على الرغم من تزايد الحزبية. وعلى الجانب الحكومي، يتم بشكل روتيني إنشاء صناديق إعادة الإعمار في أعقاب الكوارث. وعلى الرغم من تأخر التمويل وعدم كفايته في كثير من الأحيان، فإن هذه الأموال توفر آلية يمكن من خلالها تعبئة الموارد وتوجيهها إلى المناطق
المتضررة.
«حياتي في ليبيا عبارة عن صبر وكفاح ومحاولة للمساهمة في تحسين الأوضاع الراهنة قدر المستطاع، وذلك بد ًءا بالإندماج في الأنشطة المجتمعية.» حمزة، 22 سنة
ما بعد الأزمات: الطريق إلى إعادة الإعمار
الرئيسي الذي يقف أمام التأهب للأزمات. ولا يرجع ذلك إلى نقص الخبرات، بل على النقيض من ذلك، فالعديد من موظفي الخدمة المدنية يتمتعون بالكفاءة الفنية، كما أنهم على دراية كافية بوسائل التوفيق بين العمليات المترابطة فيما بينها. لكن تتمثل المشاكل الأساسية في تجزؤ المؤسسات
وعدم وجود موازنة وطنية موحدة، حيث صدرت آخرها في عام 2013. وفي غياب موازنة موحدة أو خطط إنمائية وطنية، تم إهمال الصيانة ولذلك لم يتم بعد إعادة بناء الأحياء المدمرة،
كما تدهورت حالة المدارس والمراكز الصحية.
ويتمثل العائق الآخر الذي يقف أمام التأهب للأزمات في عدم وجود أنظمة للإنذار المبكر والإستجابة لها. ومرة أخرى، لا يُعتبر نقص الخبرات هو المشكلة، حيث يمكن للهيئة المختصة بخدمات الأرصاد الجوية التنبؤ بأحوال الطقس، بما في ذلك العواصف مثل إعصار دانيال. غير أن هذه القدرة على التنبؤ يلزمها ترتيبات قانونية ومؤسسية مناسبة لتكون ذات قيمة عملية، وأنشطة تواصل ونشر فعالة، و وضع بروتوكولات بشأن كيفية الحد من التعرض للمخاطر المتوقعة في ظل سيناريوهات مختلفة و آليات للإستجابة المنسقة، و كذلك المشاركة العامة و التوعية المجتمعية. وفي الوقت الحالي، يُترك الناس للإعتماد على أنفسهم لتحديد مصدر الحصول على المعلومات وكيفية التأهب والإستعداد، وكيفية الإستجابة
في حالات الطوارئ.
81