Page 13 - Baghdadiat-RightToLeft
P. 13

بغداديات 9 داود اللمبجي
كان داود طويلا، أطول من أي شخص آخر عاش ببغداد مطلع القرن الماضي، واصبح واحدا من مشاه ها، وشخصية تُستحضر في الشعر والغناء والامثال وظل كذلك الى ايامنا هذه، حيث يرد اسمه كث ا في المقالات السياسية، وكل  خرجت جنازة لأحد السياسي  الاوغاد.   تتحقق هذه الشهرة لـ داود بسبب طوله، فالطول ليس كافيا لمثل هذا النوع من الشهرة، و  تتحقق بسبب عمله المعلن كـ "لمبجي" أي مسؤول عن وضع الزيت في اللمبات، المنتشرة في حواري بغداد، وانارتها كل  اقبل الليل، صحيح ان هذه المهنة ُخلقتلداود،بلانهخلقلها،بسببطولهالمفرطوالذيكان كنهمنوضعالزيتواشعالالقناديلدو االحاجةالىسلم،حتىاصبحاسمهفيكلالمراجعداود اللمبجي. لقد تحققت هذه الشهرة لـ داود اللمبجي بسبب اشتغاله في القوادة، وادارته لبيوت الدعارة، وللتذك  ففي تلك المرحلة الزمنية،   تكن بيوت الدعارة او احيائها وقفا على بغداد، لقد كانت موجودة على هامش كل مدينة عربية. ولا زالت، ولكن الصنعة الاقدم في التاريخ اصبحت اك  تعقيدا وحرفية وتوحشا وأك  خضوعا لمعاي  ومتطلبات السوق. مات داود بعد ان تزوج فاطمة الصمنجي، وهي واحدة من اجمل جميلات بغداد، ويحلو للعراقي  ان يثبتوا الرواية التي تقول: ان الم ّلا عبود الكرخي وهو شاعر واديب مشهور، ويعد ام ا للشعر الشعبي في زمانه، كان جالساً في قهوة لدى خروج جنازة داود من المبغى العام في حارة الميدان وتحديدا من محلة الصابونجية، تتبعهاجوقةمنالمومساتالباكياتالنادبات،وتتقدمهنزَهّيهوبنتالنجفيومريمالكرديه،وغ هنمنالعاهراتالمشهوراتفيذلكالوقت،هّزالموضوعالملاالكرخي، والذي اشتهر بالكتابة عن ادق تفاصيل الحياة السياسية والاجت عية بنقد لاذع وسخرية مرة، فكتب قصيدته )داود اللمبجي( التي ذاعت واشتهرت بصورة   يسبق لها نظ 
رغم إحتوائها على الكث  من الالفاظ الخادشة للحياء.
طبعا   تُنشر القصيدة في أي جريدة أو مجلة ولكنها دارت شفاهاً ب  الناس حتى رسخت في الموروث الشعبي البغدادي، كمرآة للوضع الاجت عي في ذلك الزمان، وخاصة بعد ان غناها مطرب المقام الاول يوسف عمر، بدء من مطلعها الذي يقول: ماتاللمبجيداودوعلومه.....كوموااليومدنعّزيفطومة
مرورا بس ة داود في القوادة، ووصف هندامه ولباسه وطوله وعرضه، وانتها ًء  عايرة ابراهيم بيك الطنبوري، هذا البيك الذي تزوج فطومة ارملة داود، وقد خصه الكرخي بهذين البيت  من القصيدة: َشدعيعالزمانمن إجاكالب ...............خّليالبيكيتنّعموياكلزين إن َتبزمانكجانإلككرن ...............هذاأربعهمشندخاتطوال ومعلوم طبعا ان القرن  هي رمز للدياثة. يوسف عمر مطرب قدير وقارئ مقام من الطراز الاول، تفتق ابداعه في السجن حيث قضى حك  بالحبس لـ 15 عاما بتهمة قتل، وقد زار السجن بعد ذلك عدة مرات لفتراتمتقطعةبسببغنائهلهذهالقصيدة،كانوايسجنونهبتهمةالمساسبالأخلاقالعامة،فيقوللهم:كن ُتسكرانا،ولناكررها،فيطلقونهليغنيهامرةأخرىفيالمقهى البغدادي، الكائن في شارع ابو نواس على شاطئ دجلة. يقال ان احد اصدقاء يوسف عمر طلب طلبا استثنائيا من وزير الصحة، فاشترط عليه الوزير مقابل تلبية الطلب، ان يقنع يوسف عمر بغناء قصيدة داود بحضوره في الحفلة القادمة، وهكذا كان، ويومها سجلت دون علمه، على الارجح، وما زال هذا التسجيل متداولا وبك ة عبر اليوتيوب. من يقرأ القصيدة ويدرك معا  كل تها الموغلة في العامية، ويلحظ وصف الشاعر لأدق تفاصيل الحياة في بيوت الدعارة، فضلا عن ايراده لأس ء العاهرات العاملات في تلك البيوت، والصبية الذين كانوا يساعدون اللمبجي، يدرك ان الكرخي رحمه الله،   ينته من القصيدة خلال جلوسه على المقهى في ذلك اليوم، وا ا بعده بفترة تتعدى على الاقل، فترة حداد فطومة وانقضاء ايام ع ّدتها وزواجها من ابراهيم بيك. هذا الادراك قد يقودنا الى ان الكرخي نفسه قد يكون من زوار هذه البيوت، إن   يكن للاستمتاع بالعاهرات فلر ا للاستمتاع بالحفلات الغنائية التي كانت تقام فيها. الكاتب العراقي رياض كاظم سجل حكاية الكرخي واللمبجي بطريقته الخاصة، طريقة لا تخلو من خيال وإمتاع ومؤانسة، يكتب رياض في زاويته ضمن محور الادب والفن في موقع الحوار المتمدن: ....)ان اليهودي المرح المدعو كرجي ع  على داود ووجد فيه ضالته المنشودة فاقتاده للعمل لمبجياً في حارة الصابونجية التي   يدخلها داود قبل ذلك ابدا، وبدأ بتعريفه على اشهر بيوتها، هذا بيت ر ة أم العظام، وهذا بيت بدرية السودة، وهذا بيت بدرية السواس، وهذا بيت نزهة الحلوة . رفع داود حاجبيه متعجباً، فهو   يسمع من قبل ببيوت تنسب للنساء، اتجها ناحية بيت جميل المنظر واسع الحديقة، قال كرجي: هذا بيت بنات مراد. فتح الباب ونادى بصوته الرخو : ريجينا، مسعودة، روزة، سليمة ؟
15


































































































   11   12   13   14   15