Page 188 - ميريت الثقافية- العدد رقم 22 أكتوبر 2020
P. 188
العـدد ١٩ 186
يوليو ٢٠٢٠ وحديثًا عن الفلسفة ضد
موجة الهجوم العارمة التي
بالنظر في تلك الكتب وزل الحكيم بعلم من سبقه، قادها الغزالي ضد الفلسفة.
زا ٍل ،إما من ِقبل سوء ترتيب معتب ًرا ثمرات العقل البشري فقد كتب ابن رشد ثلاثة كتب
لهذا الغرض ،وهي“ :فصل
نظره فيها أو من ِقبل غلبة وإبداعاته منذ بداية تيقظه
شهواته عليه ،أو أنه لم يجد إر ًثا حلا ًل للبشرية جمعاء. المقال فيما بين الحكمة
والشريعة من الاتصال”،
معل ًما يرشده إلى فهم ما ولا يخفى علينا أن هذه و”الكشف عن مناهج الأدلة
فيها ،أو من ِقبل اجتماع هذه مقدمة يحاول ابن رشد في عقائد الملة” و”تهافت
من خلالها أن يبرر إعجابه التهافت” .حيث ناقش في
الأسباب فيه أو أكثر من بأرسطو وإقباله على مؤلفاته بداية دفاعه مسألة حكم
واحد منها ،أن نمنعها عن ومؤلفات غيره من السابقين الشرع في دراسة الفلسفة،
الذي هو أهل للنظر فيها ،فإن غير المسلمين ،فنجده يقول: وهل هو مباح أم محظور؟
هذا النوع من الضرر الداخل «ننظر في الذي قالوه وأثبتوه وذهب ابن رشد إلى القول
من قبلها هو شيء لحقها في كتبهم فما كان منها بأنه مباح ،واستدل على
بالعرض لا بالذات ،وليس مواف ًقا للحق قبلناه منهم الإباحة بل الوجوب مستن ًدا
يجب في ما كان ناف ًعا بطباعه وسررنا به وشكرناهم عليه، إلى آيات قرآنية وأحاديث
وذاته أن يترك لمكان مضرة وما كان منها غير موافق نبوية ،ثم تدرج من ذلك
موجودة فيه بالعرض ،فإن للحق نبهنا عليه وحذرنا منه إلى أن النظر في تلك العلوم
لا يجوز أن يكون إلا بأتم
الحق لا يضاد الحق بل وعذرناهم»)1(. أنواع القياس وهو البرهان.
يوافقه ويشهد له»)2(. فاعتبر الاستعانة بكتب وأثبت وجوب الاعتقاد في
السابقين من الأمور المعينة النظر في القياس العقلي ،وأنه
أما مسالة تكفير الغزالي على النظر ،ومن ثم اعترضته يجب علينا أن نستعين على
للفلاسفة في كتابه الشهير فكرة الخوف من قول الفقهاء ما نحن بسبيله -أي النظر
«تهافت الفلاسفة» فحاول بأن من ينظر في كتب القدماء في الفلسفة والمنطق -بما
يضل ويكفر ،فرد على ذلك
ابن رشد أن يدافع عن برد قاطع ،حيث قال« :وليس قاله السابقون ،سواء
الفلاسفة ويثبت خطأ الغزالي يلزم من أنه إذا غوى غا ٍو كانوا من المشاركين
لنا في الملة أم كانوا
وتهافت رأيه ،وقد قطع من غير المشاركين،
الغزالي بتكفيرهم مستن ًدا إلى ومن ثم يكون غرض
آرائهم في مسائل ثلاث-1 : ابن رشد هو التنبيه
على تحصيل العلم
ووجوب الاستفادة
من الجميع ،وأخذ
العلم عن المسلم
وغير المسلم ،ومن
ثم استطاع أن يثبت
وجوب استعانة

