Page 60 - merit 42 jun 2022
P. 60

‫العـدد ‪42‬‬                           ‫‪58‬‬

                                                               ‫يونيو ‪٢٠٢2‬‬

‫محمد عكاشة‬

‫حقل البرسيم‬

                    ‫حين تحالف البرسيم مع الماء‬                          ‫يدرك البرسيم دهاء المنجل‬
                     ‫نثرت الأرض بذو ًرا من نور‬                              ‫لهذا يتراص في خطوط‬

                        ‫حين تحالف مع الشمس‬                     ‫كي يتصدى للمنجل بتوهج الخضار‬
                  ‫نمت أجنة خضراء تبغي الحياة‬         ‫ربما ينغلق قوس المنجل خو ًفا على نفسه كدائرة‬
        ‫وتقوست درجات الأخضر كهلال للسماء‬
                                                                    ‫أو يفر كعجلة من يد فلاح ثائر‬
                                          ‫قالت‬        ‫رغم علم البرسيم أن المنجل تلوى في نار الكير‬
                             ‫الفراشات في الهواء‬
                           ‫للبرسيم أوراق وقلب‬              ‫والتهم التنور حديده في يوم شتوي غائم‬
                                                                ‫رغم معرفته بضربات البرق لينثني‬
                                          ‫قالت‬
                                ‫الترع في الوادي‬     ‫ربما يطيره بستاني حالم في السماء كنصف قمر‬
                    ‫البرسيم سجادة صلاة للرب‬                            ‫يضيء الليل بالأحمر الناري‬
              ‫وسيقانه مداحون في حضرة الغيب‬
                                                     ‫فيتلألأ الأخضر البرونزي مع ألوان البرتقال في‬
                                           ‫قال‬                                            ‫الحقول‬
                              ‫المطر وهو يساقط‬
                  ‫للبرسيم صور تمور مور الغيم‬              ‫فتتراقص أعواد البرسيم من فرط نشوتها‬
                          ‫حتى البهائم في البرية‬             ‫أو يلتهم بأسنانه أسراب الجراد المهاجر‬

                                          ‫قالت‬    ‫فيدفع عن الأخضر المسالم رمال الصحراء المتحركة‬
                            ‫البرسيم دماء القلب‬              ‫حتى يغني العابرون للحقول م َّوا ًل للبدر‬
                      ‫وما المنجل إلا دائرة القدر‬                   ‫حتى ينقر الطير أزهاره البيضاء‬
                                                                     ‫وترعى الإبل في امتداده الموغل‬
                ‫***‬
                                                                  ‫***‬
‫حين ماج في يوم كان البرسيم فيه مشغو ًل بترتيب‬
                               ‫درجات الأخضر‬                   ‫المنجل يعشق ليونة البرسيم وطراوته‬
                                                                         ‫ضربة واحدة بطول ذراع‬
   ‫كان مهمو ًما ببث عصارته على جسور العابرين‬
  ‫كان جا ًّدا وهو يفرد الأخضر أسفل أقدام الجنود‬   ‫تسقط جماعة كبيرة بدرجات الأخضر وقت التوهج‬
                                                   ‫ضربات كفيلة بسفك الأخضر الزهري في شرايين‬
    ‫كان شاع ًرا وهو يرقد أسفل أشجار الجزورين‬
                  ‫ربما يتكاثر حول مدفع للحرب‬                                              ‫الأرض‬
                                                                     ‫كي ينقر الطير ما تبقى من ألم‬
  ‫ولم يع أن كفوف الناس تنبت مناجل متأهبة كل‬                        ‫ويعلن الفلاحون ولاءهم للمنجل‬
                                         ‫صباح‬                    ‫ويرسمه الصبية كوشم على أكفهم‬
                                                                     ‫وتعلقه الفتيات على صدورهن‬

                                                                  ‫***‬
   55   56   57   58   59   60   61   62   63   64   65