Page 17 - التنوير 6-8 2
P. 17
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
واللذة عد إلى العقل والطبيعة ،عد إلى الاكتفاء بما هو مجلــــــــــــــــة
طبيعي وضروري .وليكن العرب والمسلمون هم قادة
هذا التوجه العالمي استناًدا على الرؤية الاقتصادية الإسلامية ،وليس مهما أن نمتلك الثروات الطائلة
والتنموية الإسلامية نحو الاقتصاد الإنتاجي والتوزيع
العادل للموارد والمنتجات ،الاقتصاد القائم على والأموال السائلة ،بل الأهم أن نمتلك ما يكفينا من
الإشباع المعتدل للحاجات دون اللهاث و ارء إشباع
الحاجات المادية والمزيد منها ،ذلك اللهاث نحو اللذة الغذاء والكساء وُسبل العيش الكريم دون الاعتماد
والمزيد من اللذة التي تؤدي في النهاية إلى أن يفقد على المساعدات الغربية ودون الدخول في آليات
الإنسان المعنى الجميل للحياة الهادئة التي تعتمد
ال أرسمالية الجهنمية التي حولت العالم بالفعل إلى
على كل ما هو طبيعي وتكتفي بما هو ضروري.
ما أطلقوا عليه ال أرسمالية النفاثة التي لا مجال فيها
-3وهم الديموق ارطية كنظام سياسي أمثل أما الوهم
الثالث الذى وقر فى أذهاننا نتيجة الإلحاح الغربى، إلا لأحد احتمالين :إما أن تأكل أو تؤكل7 .ونحن
فهو وهم أن الديموق ارطية هى النظام السياسى الأمثل؛
فلقد صّدع الغربيون رؤوسنا بنظام سياسي لا بديل بالطبع لا نريد أًّيا منهما ،بل نريد أن نخرج من
له في نظرهم هو الديمق ارطية ،وكأنهم اخترعوا النظام
الأمثل للحياة السياسية التي تقوم على المشاركة دائرتهما الجهنمية وتوعية العالم بالالتفاف حول
وإبداء ال أري والتصويت الحر ،وصوروا لنا أن هذا
هو الحل الوحيد والأمثل للدولة الفاضلة .والحقيقة أن نموذج اقتصادي جديد ي ارعي العدالة ويحفظ حقوق
الديمق ارطية كأي نظام من النظم السياسية الأخرى
لها ما لها من ممي ازت وعليها ما عليها من عيوب نبه الجميع ،جميع الدول وجميع العاملين ،وعدالة توزيع
إليها الفلاسفة منذ أفلاطون وأرسطو وحتى صاحب
الموارد وتوظيفها لخدمة الإنسان على هذه الأرض
كتاب ديمق ارطية القلة.
التي استخلفنا الله عليها .إن الاقتصاد والتنمية
إن الديمق ارطية الحقة كانت الديمق ارطية الأثينية
المباشرة ،أما تطو ارتها الحالية فهي لا تفي بتحقيق الحقيقيين يقومان على الاستغلال الأمثل للموارد
أغ ارض الفرد من الدولة ،إذ إنه يعطي إ اردته لشخص
أو لمجلس قد يعبر فقط عن مصالحه ومصالح الطبيعية التي حبانا الله بها ،وليأخذ ك ٌّل قدر حاجته
أعضائه وإهمال مطالب من اختاره أو من اختاروهم.
إن قيم الديمق ارطية الحقيقية تتمثل بصورة أرقى وقدر جهده وعمله ،وليتم التبادل بين الجميع لفوائض
وأفضل فيما يعرف في الإسلام بالشورى؛ حيث
يشاور الحاكم الرعية ثم يتخذ ق ارره ويتحمل مسئولياته إنتاجهم بعدالة في التسعير وعدالة في الاستغلال
17 لحقوق المنتج الحقيقي وهو العامل ،فضلاً عن
م ارعاة المساواة والعدالة التي يتحقق بموجبها الرضا
للجميع عاملين وأصحاب رؤوس أموال ،إن الاقتصاد
الحقيقي هو الاقتصاد القائم على العمل والإنتاج
واستغلال الموارد الطبيعية دون الإض ارر بالبيئة
التي يحيا فيها الإنسان .وأن تكون الملكية فيه من
خلال العمل والإنتاج وليس من خلال اللعب بالأموال
وكنزها والاستثمار فيها! وكم حذر فلاسفة السياسة
والاقتصاد منذ أرسطو وابن خلدون وحتى ماركس من
الاقتصاد ال ازئف القائم على كنز الثروات والمتاجرة
والمضاربة بها! يا أيها العالم الغربي المجنون بالثروة
( )7انظر :هاتربيتر مارتين وهارالد شومان :فخ العولمة،
ترجمة د .عدنان دعبس ،سلسلة عالم المعرفة ( )438الكويت
1989م ،ص .36-27