Page 15 - ثقافة قانونية - العدد الرابع - للنشر الإلكتروني
P. 15

‫وما يمكن أن يسلكه من بدائل لإقامتها‪ ،‬أو الاستمرار فى سجالات‬                 ‫وتقدم تقاريرك لمديرك فتخضع أنت لتقييمه‪ ..‬ويخضع هو لرقابة‬
           ‫قضائية سقيمة لا جدوى منها سوى إطالة أمد نظر الدعوى ‪ ..‬وكذلك‬                 ‫رؤسائه‪ ..‬وفى نهاية اليوم‪(..‬تبصم) للخروج والعودة للمنزل‪ ..‬وتخرج‬
           ‫تعميق إدراكه بأن هناك ناظ ًما موضوع ًيا يحكم علاقاته‪ ،‬وهو القانون‬           ‫مسا ًء مع أسرتك للسينما أو المسرح أو التنزه‪ ..‬وجميع تلك المعاملات‬
           ‫‪ ..‬الذى يستظل الجميع بحمايته إنصا ًفا للحق‪ ،‬أو يقع تحت طائلته‬               ‫تخضع للقانون‪ ،‬أو لتلك القواعد العرفية الأخلاقية والتى قد تسمو‬

                                                        ‫حسابًا وعقابًا !!‬                  ‫فى مرتبتها المجتمعية على إلزام القاعدة القانونية المكتوبة ذاتها‪.‬‬
           ‫ولا يكفى أن يسير محور التوعية بالقانون إلى ح ّد تبسيط مفاهيمه‬               ‫وعلى المستوى الـدولـي‪ ..‬نجد أن قواعد القانون الدولى تنظم‬
           ‫بنشر الثقافة القانونية بين مختلف فئات المجتمع المختلفة فحسب‪،‬‬                ‫العلاقات الدولية من خلال منظمات دولية وإقليمية‪ ..‬تأتى على رأسها‬
           ‫بل يتوازى ذلك الوعى مع محور رفع المستوى الثقافى العام لل ُموا ِطن‪،‬‬          ‫منظمة الأمم المتحدة المنشأة عام ‪ ،1945‬بموجب ميثاق توافقت عليه‬
           ‫بُ ِغ َية استيعاب القانون‪ ،‬بحيث يتناغم ويتكامل المحوران بما يحقق‬            ‫إرادة دول العالم‪ ،‬ويحدد الميثاق (القانون) حقوق وواجبات الدول تجاه‬
           ‫تبسيط القانون أمامه من ناحية‪ ،‬ورفع المستوى الثقافى العام لديه‬               ‫بعضها البعض‪ ،‬ومن ثم تجاه شعوبها وسياداتها‪ ،‬وينيط الميثاق بمجلس‬
           ‫من ناحية أخرى؛ وبذلك يصبح قادرا على تق ُّبل أوامره ونواهيه بشك ٍل‬           ‫الأمن أو محكمة العدل الدولية صلاحيات عقوبة الـدول المخالفة‬
           ‫سلي ٍم‪ ،‬وليس بالتسليم والاستسلام المشوب بالخوف من مجرد ذكره!‬                ‫للميثاق‪ ،‬بحسب المخالفة‪ ،‬ثم يجتمع قادة الدول الأعضاء ورؤسائها‬
           ‫بما ُيس ّهل للجميع ُمدارسة الحد الأدنى (الكافي) من مفردات اللغة‬             ‫وزعمائها وملوكها وسلاطينها جميعهم أو من ينوب عنهم‪ ،‬بد ًءا من‬
                                                                                       ‫الأسبوع الثالث من سبتمبر فى كل عام أمام الجمعية العمومية لطرح‬
                                          ‫القانونية فى سياق ثقافته العامة‪.‬‬             ‫تقاريرها ومناقشة سياستها‪ ،‬على مرأى ومسمع من العالم كله على‬
           ‫فالقانون ضرورة وجود للإنسان أ ًّيا كان موقعه أو وظيفته وحرفته‪،‬‬              ‫نحو يكشف أمام الشعوب تلك الدول كافة‪ ،‬فى مشهد دولى مهيب‬
           ‫وتحقيق هـذا الهدف ليس بالأمر الهين اليسير بل يتطلب ‪ -‬فى‬
           ‫تقديرى ‪ -‬وضع خطة قومية تنفيذية واضحة‪ ،‬تتساند فيها الوزارات‬                                                                  ‫يتكرر سنو ًيا‪.‬‬
           ‫والمحافظات والهيئات والمؤسسات الحكومية جن ًبا إلى جن ٍب مع جهود‬             ‫والقانون ‪ ،‬ليس مجرد معرفة التشريعات والنصوص القانونية‪،‬‬
           ‫مراكز البحوث والـدراسـات والإعـام والجهاز التعليمى والتربوى‬                 ‫كما أنه لا يعنى تلك المناقشات النظرية والندوات القانونية التى تدور‬
           ‫الخاص والمؤسسات والجمعيات الأهلية ‪ ،‬مع التأكيد على الدور المهم‬              ‫بين أوساط رجال القانون المتخصصين‪ ،‬من أساتذة وفقهاء‪ ،‬وقضاة‬
           ‫للمساجد والكنائس و ُدور العبادة والمؤسسات الدينية‪ ،‬والتسليم بأن‬             ‫ومحامين‪ ،‬وغيرهم من رجال القانون والقضاء‪ ،‬والتى كثي ًرا ما تبدو‬
           ‫دورهـا لا يقتصر على أداء العبادات فقط‪ ،‬بل هى مؤسسات ذات‬                     ‫خارج الاهتمامات المباشرة للمواطن‪ ..‬بل إن الوعى بالقانون هو صورة‬
           ‫تأثي ٍر ها ٍم‪ ،‬ولها دور حيوى فى تعبئة المواطنين‪ ،‬وتهيئتهم النفسية لتق ُّبل‬  ‫متمازجة وشاملة لكل أنواع الثقافة العامة فى المجتمع وفى مقدمتها‬
                                                                                       ‫الوعى الاجتماعي‪ ،‬وهذا يعنى استيعاب المواطن ‪ -‬كركن من الأركان‬
                          ‫الواجبات العامة التى يفرضها القانون على الجميع‪.‬‬              ‫المكونة للمجتمع ‪ -‬لكل ما يدور حوله من علاقات ومفاهيم وأهداف‬
                                                ‫محاور للنقاش المجتمعي‬                  ‫من خلال تصورات قانونية سليمة‪ ..‬بأن يتبنى هو بذاته القانون‪ ،‬وأن‬
                                                                                       ‫يعتبره قيمة من ال ِق َيم التى يحترمها‪ ،‬وأن يتعامل مع واجباته بوصفها‬
           ‫نطرح فى هذه الدراسة الموجزة لثنائية تكامل التربية والثقافة فى‬               ‫شيئًا ُو ِجد لمصلحته‪ ،‬حاض ًرا له‪ ،‬ومستقبلا لأبنائه‪ ،‬وهو أمر لا يتأتى‬
                     ‫تنمية الوعى القانونى من خلال المحاور النقاشية الآتية ‪:‬‬            ‫إلا من خلال وعيه بضرورة وجود القانون فى حياته‪ ،‬وبفائدته‪ ،‬وبأنه‬
                                                                                       ‫جزء لا يتجزأ من مسؤوليته الشخصية‪ ،‬وهو واجب وطنى وأخلاقى لا‬
           ‫قيام الأطـراف مجتمعة بدورها المنوط بها فى التربية والضبط‬                    ‫ِمراء فيه ‪ ..‬وهذا ما يدعوه إلى أن يفكر ‪ -‬غير مرة ‪ -‬فيما قد تجره‬
           ‫الاجتماعى والتثقيف بداية من الأسرة والمؤسسات التعليمية والثقافية‬
           ‫والإعلامية ودور العبادة والبرلمان والمجالس المحلية والرئاسية والقومية‬                              ‫عليه إقامة الدعوى ‪ -‬بدون وعى قانوني‪-‬‬

                          ‫ومراكز الشباب والمحاكم ومنظمات المجتمع المدنى ‪.‬‬
           ‫وضع ميثاق شرف لكل المؤسسات وبخاصة الإعلام والفنون والآداب‬
           ‫والعلوم بحيث تسعى تلك المؤسسات إلى محاولة غرس قيم التربية‬
           ‫وزيادة آفاق الثقافة والمعرفة ‪ ،‬والسمو بالمنظومة الأخلاقية والسلوكية‬

                                ‫والوعى بالقانون وإدراك الحقوق والواجبات‪.‬‬
           ‫إبراز دور القدوة الصالحة فى مختلف المجالات والمراحل وإشاعة‬

                            ‫الثقافة الإيجابية ومقاومة أنماط الثقافة السلبية‪.‬‬
           ‫تضمين الثقافة القانونية لكل المقررات الدراسية الممتدة فى حياة‬
           ‫الطالب منذ البداية وحتى التخرج لتغدو سلوكا طبيعيا فى حياة‬

                                                               ‫المواطن‪.‬‬
           ‫قيام دور العبادة بدورها التنويرى فى خدمة المجتمع وزيادة وعى‬
           ‫أفراده بما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات‪ ،‬وتقديم خطاب دينى‬

                   ‫تنويرى يخاطب الإنسان المعاصر ويلبى احتياجاته وتطلعاته‪.‬‬
           ‫قيام كل مؤسسة أو هيئة فى المجتمع بوضع أطر تنظيمية يلتزم بها‬
           ‫الجميع سواء أكانوا من المنتسبين إليها أم المتعاملين معها بحيث‬
           ‫يعرف كل فرد ما له وما عليه ‪ ،‬سيما من خلال وسائل التواصل‬

                                                   ‫الجتماعى الحديثة‪.‬‬
           ‫تبسيط القوانين واللوائح والتعليمات والإجراءات ونشرها فى‬
           ‫وسائل الإعلام وغيرها بحيث يتمكن المواطن من الحصول‬
           ‫على حقه فى المعرفة والوعى بحقوقه وواجباته‬

                  ‫بعيدا ً عن التعقيد ومجاوزة القانون‪.‬‬
           ‫إبراز دور التربية فى حياة الإنسان ‪،‬وأنها‬
           ‫تعتمد على الـبـذل والـعـطـاء واحـتـرام الآخـر‬

                      ‫والسلوك القويم واحترام القانون والوعى به‪.‬‬
           ‫تنمية ثقافة المواطن وتربيته على المشاركة الوطنية والهموم‬

                                              ‫العامة والمسئوليات المشتركة‪.‬‬
           ‫إشاعة ثقافة الضبط الاجتماعى وتقديس القانون والعدالة الناجزة‬
           ‫وحصول المواطن عل حقه بكل يسر وسهولة ووضوح وتطبيق القوانين‬

                                               ‫بكل حزم وسرعة وفاعلية ‪.‬‬

‫‪15‬‬
   10   11   12   13   14   15   16   17   18   19   20