Page 69 - ثقافة قانونية - العدد الرابع - للنشر الإلكتروني
P. 69

‫نقدم فى هذا الباب من مجلة « ثقافة قانونية لأحد أهم إصدارات المكتبة‬
              ‫القانونية مؤخ ًرا وهو كتاب « المواجهة القانونية لظاهرة الفساد « للمستشار‬
              ‫الدكتور عبد المجيد محمود – النائب العام الأسبق ‪ ،‬الصادر فى موسوعة الثقافة‬

                                               ‫القانونية عن الهيئة المصرية العامة للكتاب ‪.‬‬
              ‫ولم نجد ما نقدم به الكتاب من تلك المقدمة الشاملة التى كتبها المؤلف موض ًحا‬

                                                      ‫بها الجوانب المختلفة لموضوع الكتاب ‪.‬‬

    ‫السياسية والسلطة التنفيذية‪ ،‬وتم اختيار أفضل العناصر لتولى منصب القضاء‪،‬‬               ‫الذى فيه الإشتراك فى أنواع الإثم أكثر مما تستقيم مع الظلم فى الحقوق وإن‬

    ‫واتبع القاضى فى حكمه الأسلوب المطلق من حيث الإجتهاد كما فعل القضاة‬                   ‫لم تشترك فى إثم‪ ،‬ولهذا قيل‪ :‬إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة‪ ،‬ولا‬

                                                     ‫فى عصر الخلفاء الراشدين‪.‬‬            ‫يقيم الظالمة وإن كانت مسلمة‪ ،‬ويقال‪ :‬الدنيا تدوم مع العدل والكفر‪ ،‬ولا تدوم‬

    ‫وفى العصر العباسى الثانى تأثر القضاء بالسياسة‪ ،‬وأصبح الخلفاء يتدخلون‬                                                                                                                                                                                      ‫مع الظلم والإسلام»‪.‬‬

    ‫فى شؤون القضاء‪ ،‬وأجبروا القضاة فى كثير من الأحيان على السير وفق رغباتهم‪،‬‬             ‫وللإنسان حقوق وحريات أساسية لا يجوز الإعتداء عليها من قبل الغير‪ ،‬وحرية‬

    ‫مما أدى إلى اعتذار الكثير من القضاة فى ذلك العهد عن قبول التعيين فى‬                  ‫المسلم فى المجتمع الإسلامى ظهرت فى وجوه عديدة‪ ،‬فهناك الحرية السياسية‬

    ‫المناصب القضائية مع علمهم بمكانة ومنزلة هذا المنصب بين الناس‪ ،‬خشية‬                   ‫التى تتجلى فى مبدأ الشورى‪ ،‬يقول تعالى فى كتابه العزيز‪َ ﴿ :‬وا َّل ِذي َن ا ْس َت َجا ُبوا‬
                                                                                         ‫ِل َربِّ ِه ْم َوأَ َقا ُموا ال َّصلا َة َوأَ ْم ُر ُه ْم ُشورَى َب ْي َن ُه ْم َو ِ َّما رَ َز ْق َنا ُه ْم ُين ِف ُقو َن﴾ [الشورى‪.]38:‬‬
              ‫تدخل الخلفاء فى أحكامهم القضائية‪.‬‬

    ‫وفى عصر الأندلس‪ ،‬أشترط فى تعيين القاضى أن يكون متعم ًقا فى الفقه‬                     ‫وهناك حرية الفكر‪ ،‬فالقرآن دعا الناس أن يت َّدبروا الأمو َر بعقولهم‪ ،‬حيث‬
    ‫مشهو ًدا له بالنزاهة والإستقامة‪ ،‬حيث كان للقضاء فى الأندلس مركز ممتاز‪ ،‬وكان‬          ‫أَ ْع َت ْد َنا‬  ‫ِم ُسن َرارَِّدبِّ ُقكُ َهْما َفَوَِإمنن َي َْشساَتءِغي َفُثلْ ُوياْؤ ُيِم َغان ُث َوواَم ِن َبا َءشا َكءا ْلَفُ ْلْه َي ِلكْ َيُف ْْرش ِِوإ َّناى‬  ‫قال تعالى‪َ ﴿:‬و ُق ِل ا ْ َل ُّق‬
    ‫يطلق على قاضى القضاة اسم (قاضى الجماعة)‪ ..‬وفى الدولة العثمانية أصبح‬                  ‫ا ْل ُو ُجو َه‬                                                                                                                                                       ‫ِلل َّظا ِلِي َن َنارًا َأ َحا َط ِب ِه ْم‬

    ‫للمؤسسة القضائية شأن كبير‪ ،‬حيث قامت هذه الدولة على أسس إسلامية‪،‬‬                                              ‫ِبئْ َس ال َّش َرا ُب َو َسا َء ْت ُم ْر َت َف ًقا﴾[الكهف‪.]29:‬‬

              ‫وتبوأ القضاة الذين عرفوا (بفئة العلماء) مكانة مهمة فى المجتمع‪.‬‬             ‫كما توجد حرية التعليم‪ ،‬فمن حق كل فرد من أفراد المجتمع أن يتلقى تعلي ًما‬

    ‫أما فى الباب الرابع تناولت نماذج مشرقة من عدل الرسول ﷺ والخلفاء‬                      ‫جي ًدا يرقى بمستواه الفكرى والثقافى والعلمي‪ ،‬والتعليم غير مقصور على فئة‬

    ‫الراشدين‪ ،‬يتضمن الفصل الأول نماذج من عدل وقضاء الرسول ﷺ‪ ،‬وفى الفصل‬                                    ‫معينة لأنه كالماء والهواء فلا غنى للإنسان عن التعليم فى حياته‪.‬‬

    ‫الثانى نماذج من عدل وقضاء أبى بكر الصديق‪ ،‬والفصل الثالث‪ :‬نماذج من عدل‬                ‫وهناك حرية التملّك الذى هو حق لكل إنسان‪ ،‬وحرية العمل فى الأماكن المناسبة‬

    ‫وقضاء عمر بن الخطاب‪ ،‬والفصل الرابع‪ :‬نماذج من عدل وقضاء عثمان بن عفان‪،‬‬                ‫للأشخاص للكسب الحلال‪ ،‬سواء كان ذلك فى بلادهم‪ ،‬أو عن طريق السفر‬

    ‫وفى الفصل الخامس‪ :‬نماذج من عدل وقضاء على رضى الله عنه‪ ،‬وفى الفصل‬                     ‫َلخكُا ُومراهجْنلَاالرْبكل َاضدحذ‪ُ َ،‬لريلوًاةليا َفلمانع ْمعقيهُشمدوةام ِافلننىاذبَلم َعناةكِك ِبمَحهاانك َوٌمقُكلُوووللاا ِاملقالننه ِرّو ْزتنِق‪،‬ع ِاهلق َواِىإ‪َ:‬لل ْي ِ﴿تَهعلااللُِّنإىْكُـ‪:‬شـوَر﴿ارُ َه ُه﴾َو ِف[االَّلىم ِلذالىك ِّ‪:‬دي‪َ5‬ج ِن‪َ1‬ع] َ‪.‬ل﴾‬

    ‫السادس‪ :‬عدل الخليفة عمر بن عبد العزيز ثامن الخلفاء الأمويين‪ ،‬والتى كانت‬

    ‫سيرته أشبه بمسيرة الخلفاء الراشدين الأوائل؛ فأصبح يل ّقب بالخليفة الراشدى‬

              ‫الخامس‪ ،‬واعتبره الكثير من الناس المجدد للدولة الإسلامية‪.‬‬                   ‫[البقرة‪ .]256:‬والإكراه يكون بالضغط الماد ّي والروح ّي‪ ،‬فما دامت تعالي ُم الإسلام‬

    ‫وعرضت فى الباب الخامس‪ :‬براعة القضاة فى التاريخ الإسلامي‪ ،‬كالقاضى‬                     ‫وفاليبضقحةعلمىفع ّصقلية‪،‬دتفهل‪،‬غقيارلالتمعاسللمى‪:‬أ﴿ن َويَلتْو ّدب َشرا َءهارَ ُّبوي َكف َهلم َمهاَن‪َ ،‬مفإننِفىشااْءلَفْرليؤِضم ُكلنُّ‪ُ،‬ه ْموإ َنج ِميشاًعءا‬

    ‫شريح بن الحارث‪ ،‬والقاضى كعب بن سور‪ ،‬القاضى شريك بن عبد الله‪ ،‬القاضى‬

    ‫بن عبد‬    ‫البلوطي‪ ،‬القاضى أبى بكر الباقلاني‪ ،‬القاضى سوار‬      ‫سعيد‬  ‫بن‬  ‫ُم ْن ِذ ٌر‬                          ‫ُتالكْباِر ُهبالاَّنلاثالَسث َحتَّتحٰىد َثيكُتو ُنعوان ُتماْؤرِمي ِنخي َانلق﴾ [يضاوءن وتس‪:‬ط‪9‬و‪9‬ر]ه‪.،‬‬                                          ‫َأ َفأَن َت‬
    ‫ا ْلسود‪،‬‬  ‫الله‪ ،‬القاضى ابن شبرمة‪ ،‬ال َقا ِضى ُسلَ ْي َمان بن‬                                                                                                                                                                                              ‫وفى‬
                                                                                                          ‫بداية‬

    ‫القاضى إياس بن معاوية‪ ،‬وابن خلدون قاضى قضاة‬                                                                  ‫من القضاء فى العصر الروماني‪،‬‬

              ‫المالكية بمصر‪.‬‬                                                                                     ‫وكـان يقصد بالسلطة القضائية‬

    ‫وفى الباب السادس تناولت‪ :‬استقلال القضاء‬                                                                      ‫فى القانون الرومانى الإشـراف‬

    ‫ونزاهة القاضى بين الشريعة والقانون‪ ،‬فوظيفة‬                                                                   ‫على القضاء‪ ،‬ومعناها الحرفى‬

    ‫القاضى تعتبر من أسمى المناصب التى تساعد على‬                                                                  ‫«النطق بالقانون»‪ ،‬أما فى العصر‬

    ‫تمكين سيادة القوانين لحفظ الأمن والإستقرار فى‬                                                                ‫الجاهلي‪ ،‬فكان هناك اضطراب‬

    ‫المجتمع‪ ،‬وترسيخ السلام والقيم الإنسانية النبيلة‬                                                              ‫فى القضاء‪ ،‬لعدم وجـود مصدر‬

    ‫التى ينبغى أن تسود بيننا‪ ،‬بواسطة أحكامه التى‬                                                                 ‫قانونى معين يستند إليه‪ ،‬ولتعدد‬

    ‫يصدرها لحفظ الحقوق بين الناس وصيانتها‪ ،‬وفى‬                                                                   ‫جهات التقاضى‪ ،‬وعدم وجود سلطة‬

    ‫هذا السياق يقول ميرابو عالم القانون الوضعى‪:‬‬                                                                  ‫تتولى الإشراف على القضاء وتنفيذ‬
    ‫«الناس فى حاجٍة إلى القضاء ما عاشوا فإذا فرض‬
                                                                                                                 ‫أحكامه‪ ،‬فلم يكن للمجتمع العربى‬

    ‫عليهم لزم أن يحسوا بأنه محل ثقتهم وموضع‬                                                                      ‫قبل الإسلام مقومات الدولة‪ ،‬بل‬

              ‫طمأنينتهم»‪.‬‬                                                                                        ‫كان مجتم ًعا بدائ ًيا‪ ،‬وبالتالى لم تكن‬
                                                                                                                 ‫هناك حكومة بالمعنى المتعارف عليه‬
    ‫وتحــت عـنـوان «جـواهـر خـالـدة فـى القضاء‬

    ‫المصري»‪ ،‬تح َّدثت فى الباب السابع‪ ،‬عن مبنى دار‬                                                               ‫الآن‪ ،‬تنفذ أحكام القضاة وتقوم برد‬

    ‫القضاء العالى من الناحية التاريخية والأدبية‪ ،‬ومدى‬                                                                                                                                                                                                         ‫الحقوق إلى أصحابها‪.‬‬

    ‫ارتباط المصريين بهذا المبنى الذى يعتبر قلعة العدالة‬                                                          ‫وفى عصر الإسلام تبوأ القضاء‬
                                                                                                                 ‫منزلة رفيعة لأنه ُجعل لهد ٍف نبيل‬
    ‫فى الوطن العربي‪ ،‬وفى ذات الباب تناولت شخصيات‬

    ‫مهمة فى القضاء المصرى مثل «عبد العزيز فهمى باشا»‪،‬‬                                                            ‫وهـو تحقيق العدالة بـن الناس‬

    ‫و «عبد الرزاق السنهورى»‪ ،‬ثم تناولت فى الفصل الرابع‬                                                           ‫فى الأرض‪ ،‬وتتمثل فيه الصورة‬

    ‫من الباب السابع مسرحية «السلطان الحائر» التى‬                                                                 ‫الحقيقية للتطبيق الصحيح لأحكام‬

    ‫أصدرها توفيق الحكيم عام ‪ 1959‬والتى تعتبر من‬                                                                  ‫الله‪ ،‬وبالفعل قـام بهذه الوظيفة‬

    ‫أبرز المسرحيات التى تحولت إلى خشبة المسرح‪،‬‬                                                                   ‫المقدسة وأقـام العدل ونفذ حكم‬

    ‫ثم عدت لتناول شخصية وتاريخ القاضى د‪ .‬وحيد‬                                                                    ‫الله تعالى‪ ،‬فكان مفخرة الأمة فى‬

    ‫رأفت‪ ،‬ومن بعده المستشار «وجدى عبد الصمد»‪،‬‬                                                                    ‫تاريخها المجيد‪ ،‬حتى صار مضرب‬

    ‫فلقد كانوا هم وغيرهم الكثيرين من رجال القضاء‬                                                                 ‫المثل فى النزاهة والحياد والعدل‬

    ‫المصري‪ ،‬مما لا يسعنى ذكرهم فى هذا الجزء من‬                                                                   ‫والقسط‪ ،‬وكان القضاة المسلمون فى‬

    ‫الكتاب‪ ،‬نموذج للقاضى الشريف الذى اتسم بالنزاهة‬                                                               ‫الغالب نموذ ًجا رائ ًعا‪ ،‬ومث ًل عال ًيا‪.‬‬
                                                                                                                 ‫وفى العصر الأموى كانت السلطة‬
    ‫والعفة‪ ،‬فتحية تقدير وإجالل لمؤسسة القضاء المصرى‬
                            ‫ورموزه الأج َّلء الشرفاء‪.‬‬                                                            ‫القضائية منفصلة عن السلطة‬

‫‪69‬‬
   64   65   66   67   68   69   70   71   72