Page 42 - ثقافة قانونية - العدد الرابع - للنشر الإلكتروني نهائي
P. 42

‫من أحكام المحاكم العليا‬

           ‫الناشئة عن العقد محل التداعى وما يترتب عليها من آثار مالية‪.‬‬           ‫فى تطبيق القانون يكون فى غير محله جدي ًرا بالالتفات عنه‪ ،‬فضلاً عن أن كل‬
‫ومن حيث أن التضامن يشكل خروجاً وإستثنا ًء عن مبدأ إستقلال الذمة‬                  ‫ما أُثير من دفوع ومطاعن كان تحت نظر محكمة أول درجة التى فندت هذه‬
‫المالية لكل من الشخص الطبيعى أو الإعتباري‪ ،‬إذ لكل منهما ذمته المالية‬             ‫الدفوع والمطاعن تفنيداً كافياً جاء موافقاً لصحيح حكم القانون فيما خلصت‬
‫المستقلة كما قرر القانون لكل منهما أهليتى الآداء والوجوب حال توافر شرائط‬         ‫إليه من قضاء مما يجعل كل ما نعاه الطاعن بصفته من مناعى على الحكم‬
‫قانونية معينة‪ ،‬لذلك تطلب المشرع لإقرار التضامن إتفاق الأطراف أو نص فى‬            ‫المطعون فيه فيما خلص إليه هذا الحكم مخالفاً لصحيح حكم القانون متعيناً‬
‫القانون‪ ،‬وحرص على عدم إفتراضه‪ ،‬إذ أن إمتداد المسئولية والمطالبات المالية‬         ‫طرحه‪ .‬ولا محاجة بما دفع به الطاعن بصفته فى تقرير الطعن الماثل من أن‬
‫لمساءلة الشخص الإعتبارى مالياً عن أية آثار تعاقدية لايمكن أن يفترض‪ ،‬وإذ‬          ‫الشركة المطعون ضدها الثانية صاحبة صفة فى النزاع فهى الوكيل المحلى‬
‫خلت الأوراق من نص تعاقدى (إتفاق الأطـراف)‪ ،‬أو نص فى القانون يقطع‬                 ‫للشركة المطعون ضدها الأولى إذ أن المشرع فى قانون التجارة نظم أحكام الوكالة‬
‫بإلتزام الشركة المطعون ضدها الثانية بالتضامن بسداد المديونيات المستحقة‬           ‫التجارية ومايز بين الوكالة بالعمولة التى نظمها قانون التجارة الصادر بالقانون‬
‫عن الشركة المطعون ضدها الأولى الناشئة عن العقد محل التداعي‪ ،‬الأمر يكون‬           ‫رقم ‪ 17‬لسنة ‪ 1999‬بالمواد ‪ 166‬وحتى ‪ 176‬التى يتعاقد فيها الوكيل بإسمه‬
‫الحكم المطعون فيه إذ خلص الى عدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة‬               ‫ولحساب الموكل وتنصرف إليه كافة الآثار المترتبة على التصرف دون أن يكون‬
‫بالنسبة للشركة المطعون ضدها الثانية قد صادف صحيح حكم القانون بمنأى‬               ‫للغير الذى تعاقد معه الوكيل أى علاقة بالموكل أو العكس‪ ،‬وبين وكالة العقود‬
‫عن الإلغاء‪ .‬ويكون ما نعاه الطاعن بصفته فى غير محله حقيقاً بالإلتفات عنه‪،‬‬         ‫التى نظمها قانون التجارة بالمواد ‪ 177‬حتى ‪ 189‬منه إذ نصت المادة ‪ 177‬من‬
‫ولا يقدح فى ذلك ما نعاه الطاعن من أن قانون المناقصات والمزايدات الصادر‬           ‫هذا القانون على أن «وكالة العقود عقد يلتزم بموجبه شخص بأن يتولى على‬
‫بالقانون رقم ‪ 89‬لسنة ‪ 1998‬تضمن نصاً تشريعياً يفيد التضامن بين الوكيل‬             ‫وجه الإستمرار وفى منطقة نشاط معينة‪ ،‬الترويج والتفاوض وإبرام الصفقات‬
‫التجارى والشركة التى يمثلها إذ خلت نصوص قانون المناقصات والمزايدات من‬            ‫باسم الموكل ولحسابه مقابل أجر‪ ،‬ويجوز أن تشمل مهمته تنفيذها باسم الموكل‬
‫نص تشريعى يشير الى ذلك‪ ،‬كما خلت اللائحة التنفيذية من مثل هذا النص‬                ‫ولحسابه» إذ أنه فى هذا النوع الأخير من الوكالة يتولى الوكيل بصفة مستمرة‬
‫إذ لم تتضمن سوى نص المادة (‪ )61‬التى تطلبت أن يجب أن يكون مقدم العطاء‬             ‫وفى منطقة معينة الترويج والتفاوض وإبرام الصفقات بإسم الموكل ولحسابه فى‬
‫مقيماً فى جمهورية مصر العربية أو أن يكون له وكيلاً فيها‪ ،‬وإلا وجب عليه أن‬        ‫مقابل أجر والذى يكون غالباً نسبة مئوية من قيمة الصفقة ويلتزم الموكل بآداء‬
‫يبين فى عطائه الوكيل المعتمد منه فى جمهورية مصر العربية فيما لو رست‬              ‫هذا الأجر‪ ،‬وفى المقابل يلتزم الوكيل بالمحافظة على حقوق الموكل‪ ،‬ومن ثم فإنه‬
‫على المناقصة وأن يبين فى عطائه العنوان الذى يمكن مخابرته فيه وهو نص‬              ‫وفقاً لهذه الصورة من وكالة العقود تتحدد حدود الوكالة وإلتزامات الأطراف‬
‫لائحى يخالف فى مضمونه ما نعاه الطاعن‪ ،‬مما يكون معه مانعاه الطاعن فى‬              ‫وفقاً للعقد بين الموكل ووكيله‪ ،‬ويفتقد هذا النوع من الوكالة الى أى إلتزامات تقع‬
                                                                                 ‫على عاتق الوكيل بالتضامن مع موكله فى الإلتزامات الناشئة عن الصفقة التى‬
                          ‫هذا الشأن فى غير محلة متعيناً الإلتفات عنه‪».‬‬           ‫يساهم فى إبرامها إذ أن الوكيل فى وكالة العقود يتعاقد بإسم الموكل ولحسابه‪.‬‬
                                                                                 ‫ومن حيث أن التضامن بين المدينين يعد من أقوى صور الكفالة الشخصية‬
                          ‫المبدأ رقم (‪:)2‬‬                                        ‫لذلك قرر المشرع عدم إفتراضه وإستلزم وجود إتفاق الأطراف أو نص فى‬
‫من أنماط عقود الدولة المستحدثه‪ :‬الطبيعة القانونيه لعقد الشراكه بين‬               ‫القانون يقرر التضامن‪ ،‬فالدائن إذا حصل على كفيلاً لحقه وكان هذا الكفيل‬
‫الدوله والقطاع الخاص ‪ – )Public Private Partnership (PPP‬الأثر‬                    ‫غير متضامن مع المدين كانت هذه هى المرتبة الدنيا من الكفالة الشخصية‬
                                                                                 ‫لأن الدائن لا يستطيع الرجوع على الكفيل ‪-‬إذا دفع الأخير بالتجريد‪ -‬إلا بعد‬
                                     ‫القانونى المترتب على هذه الطبيعة‪:‬‬           ‫الرجوع على المدين الأصلي‪ ،‬فإذا إشترط الدائن تضامن الكفيل مع المدين الأصلى‬
                                                                                 ‫وصل الى مرتبة أعلى من الكفالة الشخصية لأنه يستطيع أن يرجع إبتدا ًء على‬
‫‪ -‬عقد الشراكه بين الدوله والقطاع الخاص ‪ PPP‬صوره مستحدثة من‬                       ‫الكفيل ولكن يظل إلتزام الكفيل تابعاً لإلتزام المدين الأصلى بحيث ينزل الكفيل‬
‫عقود إلتزام المرافق العامه ‪ -‬يتضمن العقد شروطاً استثنائية غير مألوفة فى‬          ‫منزلة المدين الأصلى فى مدى إلتزامه بالدين فإذا جعل الدائن الإثنين مدينين‬
‫القانون الخاص حيث يمنح الجهة الإدارية سلطات واسعة فى رقابة المرفق‬                ‫أصليين وإشترط تضامنهما وصل بذلك الى المرتبة العليا من الكفالة الشخصية‬
‫ومراقبة شركة المشروع‪ ،‬إضافة إلى منحها الحق فى تعديل شروط العقد وفق‬               ‫إذ يستطيع أن يرجع إبتداء على إيهما شاء المدين الأصلى أو الضامن المتضامن‬
‫ما يحقق المصلحة العامة‪ ،‬علاو ًة على حقها فى إنهاء العقد قبل المدة المحددة‬        ‫معه مع تعادلهما فى مرتبة المديونية‪ ،‬و درجة و مدى إلتزامهما بالسداد‪ ،‬فيصبح‬
‫وذلك لدواعى المصلحة العامة مع تعويض المتعاقد إذا كان له مقتضى فى ذلك‪.‬‬            ‫للدائن مدينان بدلاً من مدين واحد‪ ،‬لذلك حرص المشرع بموجب المادة (‪)279‬‬
‫‪ -‬هذا العقد يعد من العقود الإدارية بطبيعتها وتكون المنازعات الناشئة عنه‬          ‫من القانون المدنى على تقرير أن التضامن بين المدينين لا يفترض وإنما يكون‬
‫منازعة إدارية تحكمها المبادئ المستقرة فى النظام القضائى المصرى والخاصة‬           ‫بنا ًء على إتفاق أو بنص فى القانون‪ ،‬وفى المسائل التجارية غاير المشرع هذا‬
                                                                                 ‫النهج إذ قرر بموجب المادة (‪ )47‬من قانون التجارة سالف الذكر أن الملتزمين‬
                                               ‫بهذا النوع من المنازعات‪.‬‬          ‫معاً بدين تجارى متضامنون فى هذا الدين ما لم ينص القانون أو الإتفاق على‬
‫‪ -‬علاقة المتعاقدين فى هذه العقود لا تستند فقط إلى الشروط التعاقدية‪،‬‬              ‫غير ذلك ويسرى ذلك حال تعدد الكفلاء فى الدين التجاري‪ .‬ولما كان الثابت‬
‫وإنما أيضاً إلى القواعد التنظيمية للمرفق العام تغليباً للصالح العام على المصلحة‬  ‫فى مجال تحديد الطبيعة القانونية للعلاقة التعاقدية بين الشركة المطعون‬
‫الخاصة‪ ،‬ويكون المتعاقد مع جهة الإدارة على علم بهذه الطبيعة الاستثنائية‬           ‫ضدها الأولى (الموكله) والشركة المطعون ضدها الثانية (الوكيله) أنها محض‬
‫لتلك العقود وقابل لها وهو ما تعكسه موافقته على التعاقد مع جهة الإدارة‪،‬‬           ‫وكالة عقود تنصرف كافة الآثار الناجمة عن التصرفات القانونية التى تبرمها‬
‫ومع ذلك لا تؤثر تلك الطبيعة الاستثنائية على حقوقه المالية المتفق عليها والتى‬     ‫الشركة المطعون ضدها الثانية (الوكيلة) الى الشركة المطعون ضدها الأولى‬
‫تظل مصانة لا تستطيل إليها آثار السلطات المخولة للإدارة فى هذه العقود‪،‬‬            ‫(الموكلة) الأصيلة فالثابت أنه تم إرساء المناقصة على الشركة المطعون ضدها‬
‫والطبيعة الاستثنائية لهذه العقود والتى تعقدها جهة الإدارة بوصفها سلطة‬            ‫الأولى وكانت الشركة المطعون ضدها الثانية ما هى إلا وكيل تجارى عنها حيث‬
‫عامة تظل سمة لتلك العقود حتى لو جاءت فى صورة مركبة أو مختلطة مثل‬                 ‫قدمت العطاءات بإسم الشركة المطعون ضدها الأولى كما تم إبرام العقد بإسم‬
‫العقد محل النزاع الماثل‪ ،‬فيكون للجهة الإداريـة سلطة وضع الأنظمة التى‬             ‫الشركة المطعون ضدها الأولى‪ ،‬وكذلك ُف ِتحت لصالحها الإعتمادات المستندية‪،‬‬
‫تراها ملائمة لسير المرافق العامة بانتظام واضطراد‪ ،‬وكذلك لها تعديل هذه‬            ‫و صدرت بإسمها بوالص الشحن للجرارات محل التداعي‪ ،‬الأمر الذى يكون معه‬
‫الأنظمة بما تراه متفقاً مع الصالح العام دون أن يكون لأحد من الناس الادعاء‬        ‫الشركة المدعى عليها الأولى هى الأصيلة والملتزمة بكافة الإلتزامات التعاقدية‬
‫بحق مكتسب فى استمرار نظام معين‪ ،‬فذلك حق أصيل لتلك الجهة مرده إلى‬
‫فكرة المرفق العام وما يقتضيه سيره وانتظامه لأنه أمر تقتضيه طبائع الأشياء‬                                                                                 ‫أكتوبر ‪2024‬‬

                                                 ‫والسير العادى للأمور‪.‬‬

                                                                                                                                                                      ‫‪42‬‬
   37   38   39   40   41   42   43   44   45   46   47