Page 21 - مجلة تنوير - العدد الخامس
P. 21

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا‬                    ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

‫ومـع ذلـك لا يتـم تشـكيلها علـى أنهـا أنشـطة‬                  ‫للأشـخاص دائ ًمـا افتـ ارض هويـة مزيفـة (تُعـرف‬
‫تقـع ضمـن نطـاق الحظـر الجنائـي‪ ،‬بسـبب الطبيعـة‬               ‫أي ًضـا باسـم «الصـورة الرمزيـة المزيفـة»)‪ ،‬ومواصلـة‬
‫الفريـدة للفضـاء السـيب ارني (‪،Jaishankar‬‬                     ‫الدردشـة معـك لعـدة أيـام‪ ،‬أو حتـى شـهور‪ ،‬قبـل أن‬
‫‪ .)2008‬لمعالجـة هـذا الموقـف جـادل سـيلك‬                      ‫تكتشـف أخيـًار أن الشـخص الـذي كنـت تتواصـل‬
‫وديميتريـو (‪((()2003‬بـأن نـزع الطابـع الفـردي‬                  ‫معـه ليـس هـو الشـخص الـذي يدعـي أنـه هـو‪.‬‬
‫هـو أحـد الأسـباب الرئيسـية للسـلوك المنحـرف‬
‫للأشـخاص فـي الفضـاء الإلكترونـي‪ .‬أوضحـوا أن‬                  ‫بمعنـى آخـر‪ ..‬لا يمكـن تحديـد الهويـة والمعلومات‬
‫نـزع الطابـع الفـردي هـو حالـة نفسـية يفقـد فيهـا المـرء‬      ‫التـي يقدمهـا الشـخص علـى الفضـاء الإلكترونـي‬
‫إحساسـه بالفرديـة والمسـئولية الشـخصية‪ .‬نتيجـة‬                ‫بدقـة‪ .‬خـذ الاحتيـال الزوجـي علـى سـبيل المثـال‪.‬‬
‫لهـذا الاضطـ ارب يمكـن للنـاس أن يتصرفـوا بشـكل‬               ‫فـي مثـل هـذه الحـالات يقـوم المحتالـون عموًمـا‬
‫أقـل إيثـاًار وأكثـر أنانيـة وأكثـر عدوانيـة‪ .‬فـي حيـن‬        ‫بإنشـاء ملـف تعريـف جـذاب لامـ أرة ذات شـعار‬
‫أنـه يمكـن أن يكـون هنـاك العديـد مـن الأسـباب و ارء‬
‫عـدم التفـرد‪ ،‬فقـد حـدد (‪)2008 ,Jaishankar‬‬                     ‫غزلـي فـي محاولـة لخـداع العرسـان المحتمليـن‪.‬‬
‫أن إخفـاء الهويـة هـو العامـل الوحيـد الأكثـر أهميـة‬
                                                              ‫ومن ثم لا يمكن التحقق بدقة من شرعية الهوية‬
                      ‫الـذي يسـبب عـدم التفـرد‪.‬‬               ‫والمعلومـات الـواردة فـي هـذه المواقـع (أو أي مواقـع‬
                                                              ‫شـبكات علـى الإنترنـت لهـذا الأمـر)‪ .‬الملاييـن مـن‬
‫‪.3‬مـن المرجـح أن يتـم اسـتي ارد السـلوك الإج ارمـي‬            ‫الأنشـطة الإج ارميـة التـي يتـم إخفـاء هويتهـا علـى‬
‫للمجرميـن فـي الفضـاء السـيب ارني إلـى الفضـاء‬
‫المـادي الـذي قـد يتـم تصديـره فـي الفضـاء المـادي‬                                             ‫أسـاس يومـي‪.‬‬

                 ‫أي ًضـا إلـى الفضـاء السـيب ارني‪:‬‬            ‫علـى مـا يبـدو فـإن أحـد العوامـل الرئيسـية التـي‬
‫قبل عام ‪ 2000‬كان مجرمو الإنترنت يتصرفون‬                       ‫تحـث معظـم أفـ ارد المجتمـع علـى التصـرف بأسـلوب‬
‫بمفردهـم‪ .‬لقـد ارتكبـوا الغالبيـة العظمـى مـن الج ارئـم‬       ‫صـادق وغيـر عنيـف هـو الخـوف مـن أن يتـم‬
‫المتعلقة بالحاسوب بصفتهم الشخصية‪ .‬كان الدافع‬                  ‫القبـض عليهـم‪ ،‬وهـو عامـل ردع‪ .‬ومـع ذلـك فـإن‬
‫الرئيسـي الـذي دفعهـم إلـى ارتـكاب جريمـة فرديـة هـو‬          ‫هـذا الـردع يتضـاءل إلـى حـد كبيـر فـي الفضـاء‬
‫الدعايـة والسـمعة السـيئة‪ ،‬وليـس الربـح‪ .‬ولكـن فـي‬
‫السـنوات القليلـة الماضيـة أصبـح مجرمـو الإنترنـت‬                                                 ‫السـيب ارني‪.‬‬
‫أكثـر احت ارًفـا‪ ،‬مقارنـة بملفهـم الشـخصي السـابق‪،‬‬
‫حيـث انغمسـوا فـي القرصنـة والج ارئـم الأخـرى‬                 ‫لـم ذلـك؟ وذلـك لأن الفضـاء الإلكترونـي يسـمح‬
‫المتعلقـة بالكمبيوتـر‪ ،‬إمـا فـي الماضـي أو حتـى فـي‬           ‫للمجرميـن بمهاجمـة ضحاياهـم حتـى مـن أكثـر‬
                                                              ‫المواقـع النائيـة؛ لا يجـب أن يكونـوا قريبيـن جغ ارفيـا‬
     ‫بعـض الأحيـان لكسـب م ازيـا ماليـة عرضيـة‪.‬‬               ‫مـن الضحايـا علـى عكـس المسـاحة الماديـة‬

‫لقـد أدركـوا أنـه يمكنهـم تحقيـق مكاسـب ماليـة‬                                    ‫( ‪.)2015 ،Jaishankar‬‬
‫هائلـة مـن خـال الأنشـطة غيـر القانونيـة‪ ،‬عبـر‬
                                                              ‫عـاوة علـى ذلـك فـإن الضـرر الـذي لحـق‬
‫‪(7)Demetriou, C., Silke, A. (2003). A Crim-‬‬                   ‫بالضحايـا ‪ -‬نتيجـة للجريمـة الإلكترونيـة ‪ -‬غيـر‬
‫‪inological Internet ‘Sting’. Experimental‬‬                     ‫واضـح علـى الفـور‪ .‬قـد تتسـبب الج ارئـم الإلكترونيـة‬
‫‪Evidence of Illegal and Deviant Visits to a‬‬                   ‫فـي أضـ ارر جسـيمة للضحايـا‪ ،‬فـي بعـض الأحيـان‪،‬‬
‫‪Website Trap. British Journal of Criminol-‬‬                    ‫إلـى حـد التأثيـر عليهـم اجتماعًّيـا ونفسـًّيا ومالًّيـا‪.‬‬
‫‪ogy. 43(1), 213-222‬‬                                           ‫حتـى أنهـم قـد يخالفـون قواعـد التوقعـات المعقولـة‬

                                                                                           ‫والمدنيـة للسـلوك‪.‬‬

                                                          ‫‪21‬‬
   16   17   18   19   20   21   22   23   24   25   26