Page 53 - مجلة تنوير - العدد الرابع
P. 53

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا‬                     ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

‫الإنترنـت آليـات متعـددة لهـذه الـذات‪ ،‬عبـر المنتديـات‬         ‫الوسـائل الرقميـة‪ ،‬فـي الغالـب معظـم المسـتخدمين‬
‫والمدونـات‪ ،‬ومواقـع التواصـل‪ ،‬وخطابـات التعـارف‬                ‫للإنترنـت مواطنـون رقميـون‪ ،‬هكـذا ذهـب دوروثـي‬

                  ‫المختلفـة المنتشـرة عبـر الشـبكة‪.‬‬                         ‫كاسـلز ‪. )10(Dorothy Cassells‬‬

‫ج‪ :‬الـذات السياسـية ‪ :political – self‬لا يجـادل‬                ‫مفهـوم الـذات المواطنيـة ‪ Citizen – self‬هـو مفهـوم‬
‫أحـد فـي ازديـاد بـزوغ المجـال العـام الافت ارضـي‪ ،‬الـذي‬       ‫أشـار إليـه أحمـد ازيـد‪ ،‬ويقصـد بـه الطاقـة المعرفيـة‬
‫أضحـى سـاحة للتفاعـات‪ ،‬ويعـرض مـن خلالـه الأفـ ارد‬             ‫للمواطنـة‪ .‬يشـير واقـع المواطنـة بشـكل عـام‪ ،‬والمواطنـة‬
‫مطالبهـم إلـى الدولـة‪ .‬وقـد وجـدت هـذه الـذات انتصـاًار‬        ‫علـى الصعيـد الرقمـي بشـكل خـاص إلـى وجـود محـرك‬
                                                               ‫أساسـي لهـا متمثـ ًا فـي الطاقـة المعرفيـة‪ .‬ولكـن مـا‬
                     ‫لهـا فـي ثـو ارت الربيـع العربـي‪.‬‬         ‫المقصـود بالطاقـة المعرفيـة للمواطنـة؟ تتضمـن الإجابـة‬
                                                               ‫علـى هـذا السـؤال شـرًحا لمفهـوم الـذات المواطنيـة‪ .‬فقـد‬
‫د‪ :‬الـذات المدنيـة ‪ :civil – self‬قـدم المجتمـع الرقمـي‬         ‫ذهـب تفسـير ازيـد للمواطنـة علـى أنهـا تقـع داخـل الفـرد‬
‫اثنتيـن مـن الفـرص أمـام الارتبـاط المدنـي‪ ،‬أولهـا فـرص‬        ‫ذاتـه‪ ،‬أي داخـل البنـاء النفسـي والعقلـي‪ .‬ويطلـق علـى‬
‫للترويج لأنشطة المجتمع المدني على السياق الواقعي‪،‬‬              ‫البنـاء النفسـي والعقلـي م ًعـا اصطـاح البنـاء المعرفـي‬
‫فقـد وجـد الأفـ ارد الذيـن لديهـم انتمـاءات للأحـ ازب أو‬       ‫للمواطنـة‪ .‬وهنـا يمكـن القـول إن الـذات المواطنيـة تتمثـل‬
‫الجمعيـات أو النقابـات مجـالاً للتعبيـر عـن تفاعلاتهـم‬         ‫فـي البنـاء النفسـي والعقلـي للفـرد‪ .‬خاصـة وأن المواطنـة‬
‫الواقعيـة عبـر المجتمـع الرقمـي‪ .‬وثانيهـا مرتبـط بفـرص‬         ‫فـي جوهرهـا تمثـل بنـا ًء معرفًّيـا يتكـون مـن مجموعـة‬
‫الارتبـاط المدنـي الافت ارضـي‪ ،‬حيـث ثمـة مبـاد ارت فرديـة‬      ‫مـن المعاييـر والقيـم والطاقـة النفسـية التـي يسـلك وفًقـا‬
‫تقودهـا ذوات بعينهـا لجمـع تبرعـات‪ ،‬أو الدعـوة إلـى‬            ‫لهـا الفـرد باعتبـاره مواطًنـا‪ .‬وللإطـار المعرفـي للمواطنـة‬
‫مبـاد ارت‪ ،‬أو القيـام بأنشـطة مدنيـة‪ .‬وهنـا يمكـن القـول‬       ‫ركـن داخـل الـذات‪ ,‬وهنـا يمكـن تقسـيم ذوات المواطنـة‬
‫إن هـذا النمـط مـن الـذوات وجـد مجـالاً للتعبيـر عـن‬
                                                                          ‫علـى الصعيـد الرقمـي وفقـا للتالـي (‪:)11‬‬
                   ‫أنشـطته داخـل المجتمـع الرقمـي‪.‬‬
                                                               ‫أ‪ :‬الـذات العلميـة ‪ :scientific – self‬هـي الـذات‬
‫ه‪ :‬تقاطعـات ذوات المواطنـة الرقميـة‪ :‬إن هـذه الأنمـاط‬          ‫التـي تسـعى إلـى اكتسـاب المعـارف‪ ،‬والتـي تسـعى‬
‫المتعـددة مـن ذوات المواطنـة‪ ،‬لا تنفصـل عـن بعضهـا‬             ‫إلـى تحصيـل العلـم‪ ،‬وتدفـع المواطـن إلـى الممارسـات‬
‫البعـض‪ ،‬إذ إن الفصـل فقـط فـي هـذا التنميـط مـن أجـل‬           ‫البحثيـة‪ .‬ولا شـك أن هـذه الـذات وجـدت لنفسـها مجـاًل‬
‫التوضيح فقط‪ ،‬إلا أن الذات الواحدة يمكنها أن تتأرجح‬             ‫كبيًار داخل سياقات الإنترنت لكي تشبع نهمها العلمي‪،‬‬
                                                               ‫وتسـتزيد مـن المعرفـة‪ ،‬وذلـك مـن خـال الانفتـاح علـى‬
                  ‫علـى مرجعيـة هـذه الـذوات جمي ًعـا‪.‬‬          ‫قواعـد البيانـات التـي تزخـم بهـا الشـبكة‪ ,‬وغيرهـا مـن‬

                                       ‫خلاصة‬                                             ‫آليـات المجتمـع الرقمـي‪.‬‬

‫لقـد أفـرزت المواطنـة الرقميـة مواطًنـا رقمًّيـا‪ ،‬كمـا‬         ‫ب‪ :‬الـذات الاجتماعيـة ‪ :social – self‬اسـتطاعت‬
‫ظهـر جلًّيـا أن هـذا المواطـن يتحـرك علـى مرجعيـات‬             ‫هـذه الـذات أن تنمـو بشـكل أخـذت ت اركـم فيـه مـن‬
‫متعـددة وهويـات مختلفـة وثقافـات متباينـة‪ ،‬كمـا اتضـح‬          ‫العلاقـات الاجتماعيـة علـى الصعيـد الرقمـي‪ .‬فقـد قـدم‬
‫أن ثمـة ذات مواطنيـة تخـص هـذا المواطـن فـي العالـم‬
‫الرقمـي الرحـب‪ ،‬فقـد اسـتطاع هـذا العالـم أن يعيـد‬

                                                           ‫‪53‬‬
   48   49   50   51   52   53   54   55   56   57   58