Page 94 - مجلة التنوير - العدد الثالث - نسخة لمستخدمي الآيفون
P. 94
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
مجلــــــــــــــــة
يحيى هويدي وفلسفته القرآنية
أ.د .مصطفى النشار
وأذكـر أنـه كان يلمـح فـى هـذه المحاضـ ارت إلـى الدكتـور يحيـى هويـدى (المتوفـى عـام 2014م)
مصطلـح الفلسـفة القرآنيـة ،وأن للديـن الإسـامى يعـد واحـًدا مـن رواد التجديـد الفلسـفى العربـي ،وهـو
نفسـه فلسـفة لا تتضـح إلا بالقـ ارءة المتعمقـة أحـُد أعـام جيـل الـرواد المبدعيـن فـى كل مـا كتـب
للقـرآن والسـنة النبويـة المشـرفة ،وأن هـذه الفلسـفة مـن كتبـه عـن الفلسـفة العامـة إلـى الكتـاب الأخيـر
الـذى بيـن أيدينـا كتـاب «البيـان فـى القـرآن» الـذى تختلـف عمـا نجـده لـدى فلاسـفة الإسـام المعروفيـن
فـى ميادينهـا المختلفـة مـن علـم الـكلام والفلسـفة تركـه مخطو ًطـا ليعكـف عليـه ويقـدم لـه ويحققـه
والتصـوف .وكنـت حينئـذ أعجـب مـن هـذه وينشـره د .عبـد الحميـد مدكـور .وقـد كنـا – نحـن
تلاميـذ ال ارحـل العظيـم – نتـوق لمعرفـة مـا فـى التلميحـات لأن د .هويـدى كان فـى تلـك السـنوات
هـذا الكتـاب المخطـوط الـذى أخـذ كل اهتمامـه فـى مـن أواخـر السـتينيات حتـى منتصـف السـبعينيات
محسـوًبا علـى التيـار الاشـت اركى العربـي ،وكان السـنوات الأخيـرة مـن حياتـه ،لدرجـة أنـه اعتزلنـا
البعـض يعتبـره مـن فلاسـفة الثـورة الناصريـة حيـث
كتـب «الفلسـفة فـى الميثـاق» و»حيـاد فلسـفي» واعتـزل الحيـاة العامـة واكتفـى بالحيـاة وحيـًدا فـى
منزلـه فـى جـو روحانـى كنـا نشـعر بـه لكـن لا أحـد
معبـًار عـن فلسـفة ثـورة 23يوليـو ورؤيتهـا السياسـية يجـرؤ علـى قطـع خلوتـه ولا السـؤال عمـا يكتـب؛
والاقتصاديـة والاجتماعيـة. فقـد كان د .هويـدى قامـة سـامقة شـامخة وخاصـة
وأذكـر مـن مواقفـه التـى لا تُنسـى ،وكان حينئـذ لـدى جيلنـا الـذى يعـرف القيمـة الحقيقيـة لـه مـن
وكيـاً ثـم عميـًدا لكليـة الآداب وفـى ظـل مـا أطلقـه
الرئيـس السـادات وسـماه ثـورة التصحيـح التـى خـال حضـور دروسـه ومحاض ارتـه .وكـم كان
أطاحـت برجـال الحقبـة الناصريـة ،وكان منهـم
شـقيقه أميـن هويـدى ،إنـه سـمح لنـا كاتحـاد طـاب حظـى سـعيًدا بالتتلمـذ علـى يديـه مـن بدايـة حياتـى
كليـة الآداب بإقامـة أسـبوع ثقافـي متكامـل اسـتضفنا الجامعيـة مـن محاض ارتـه فـى الفرقـة الأولـى،
فيـه شـخصيات وأفلا ًمـا وأجرينـا فيـه حـوا ارت
ونقاشـات حـول الوضـع السياسـي والتـردد فـى أخـذ وكانـت فـى «الفلسـفة العامـة» إلـى محاض ارتـه فـى
قـ ارر الحـرب لمحـو آثـار هزيمـة 1967م ،وكان
هـذا الأسـبوع الثقافـى سـبًبا مـن أسـباب اشـتعال الفرقـة ال اربعـة وكانـت فـى «الميتافيزيقـا» ،فقـد كان
مظاهـ ارت الطـاب التـى طالبـت القيـادة السياسـية
باتخـاذ قـ ارر المعركـة ضـد إسـ ارئيل فـى مطلـع لهـذه المحاضـ ارت مـذا ٌق خـاص؛ حيـث كان رحمـه
الله مـن الأسـاتذة القلائـل التـى تشـعرك بأهميـة فعـل
ا لس ـبعينيا ت ! !
التفلسـف وكيفيـة ممارسـة التفلسـف؛ فهـو لـم يكـن
يعـرض تاري ًخـا للفلسـفة ولا يحدثنـا عـن الفلاسـفة
ومذاهبهـم بقـدر مـا كان يتخذهـم مناسـبة لعـرض
أفـكاره وفلسـفته هـو وأسا ًسـا لبيـان رؤيتـه الخاصـة
فـى الحيـاة وفـى الوجـود.
94