Page 14 - مجلة تنوير - العدد الثالث - نسخة آيفون
P. 14
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
مجلــــــــــــــــة
إخفـاء لمسـات مـن النعومـة والـدفء علـى حيـاة اللذان تدور حولهما معظم أرجاء الحياة المعاصرة.
الرجـل ،مثـل هـذه العلاقـة أشـبه بعلاقـة التابـع
لا شـك أن لفـ َظ «الحريـة» قـد اسـتُخدم بكثـرة قبـل
بالمتبـوع أو العبـد بالسـيد. «زكـي نجيـب محمـود» ،لكـ ّن دوَره الأساسـي يكمـن
– بصفـة خاصـة – فـي عمليـة التحديـد والتعريـف
حـرص «زكـي نجيـب محمـود» علـى عـدم حبـس
«المـ أرة» داخـل أسـوار البيـت؛ لأن ذلـك يفقدهـا لا سـيما للجانبيـن السـلبي والإيجابـي لهـذا اللفـظ.
عناصـر الوعـي الاجتماعـي المكتسـب .معنـى هـذا
أن الدعـوة إلـى عـودة المـ أرة إلـى بيتهـا يـؤدي إلـى حـاول «زكـي نجيـب محمـود» تأكيـَد أن قضيـة
عـزل الأم عـن المحيـط الاجتماعـي ،فيحرمهـا ذلـك «المـ أرة» قضيـة إنسـانية اجتماعيـة ،بمعنـى أنهـا
مـن التفاعـل مـع هـذا المحيـط ،ويـؤدي – مـن ثـَّم قضيـة لا تنفصـل عـن قضيـة الرجـل ،فهـي مـن ثـَّم
– إلـى فقـدان فعاليتهـا فـي اكتسـاب الوعـي الـازم جـزٌء جوهـري أصيـل فـي قضيـة الوجـود الاجتماعـي
لعمليـة التنشـئة ذاتهـا. للإنسـان.
حـرص «مفكرنـا» ،أي ًضـا ،علـى عـدم حبـس إن مناقشة قضية «الم أرة» – معزولة عن سياق
«المـ أرة» داخـل سـجن الحجـاب الـذي ُي ّعـُد تجسـيًدا الواقـع الاجتماعـي العـام – قـد تـؤدي – فـي كثيـر
رم ّزًيـا لـكل معانـي التغطيـة العقليـة والاجتماعيـة. مـن الأحيـان – إلـى الانـ لزاق فـي هـوة الحديـث عـن
«الأنثـى» والمقارنـة بينهـا وبيـن «الذكـر» ،وتدخـل
وأخيـًار بمـا أن «المـ أرة» هـى نصـ ُف المجتمـع؛ المناقشـة كلهـا فـي إطـار المفاهيـم المطلقـة عـن
لذلـك أرى «زكـى نجيـب محمـود» ضـرورة تغييـر
النظـر إلـى «المـ أرة» تغييـًار كامـاً شـاملاً بحيـث الفـروق النوعيـة بيـن الجنسـين.
يلائـم روح العصـر الجديـد. لا ينكـر «زكـي نجيـب محمـود» الجانـ َب
هــوامـــش الـبـحــث البيولوجـي الطبيعـي المميـز لـكل مـن «المـ أرة»
و»الرجـل» ،لكـ َّن هـذا الجانـ َب يتـم تكييفـه وإعـادة
1.زكـي نجيـب محمـود ،الجبـر الذاتـي ،ترجمـة د .إمـام عبـد صياغتـه – ثقافًّيـا وفك ّرًيـا – وفًقـا للشـروط المحـددة
الفتـاح ،م ارجعـة وتقديـم د .زكـى نجيـب محمـود ،الهيئـة
للوضـع الإنسـاني بصفـة عامـة.
المصريـة العامـة للكتـاب ،القاهـرة ،1973 ،ص.4
إن تحـرر «المـ أرة» المتمثـل فـي ممارسـتها
2.ـــــ ،مــن ازويــة فلســفية ،دار الشـروق ،القاهـرة، لحقوقهـا الطبيعيـة والإنسـانية لا يفـارق عنـد «زكـى
،1982ص.129 نجيـب محمـود» تحـرر «الرجـل» المتمثـل فـي قدرتـه
علـى ممارسـة حقـه الطبيعـي علـى المسـتويات
3.انظـر فـي ذلـك :فوزيـة العشـماوي ،المــ أرة فــي أدب والأصعـدة المختلفـة .لكـن هـذا التحـرر الإنسـاني
نجيــب محفــوظ ،المجلـس الأعلـى للثقافـة ،القاهـرة،
مرتهـن بسـياق تحـرر اجتماعـي وفكـري عـام.
،2002ص.11
إن «المـ أرة» – كمـا رآهـا «هـذا المفكـر الكبيـر»
4.المرجع السابق ،ص ص.80-79 – ليسـت بمثابـة ديكـور أو لوحـة جميلـة أو قطعـة
موسـيقية أو تحفـة فنيـة ...كل مهمتهـا فـي الحيـاة
5.ـــــ ،قيم من الت ارث ،ص.222
6.طريقنـا إلـى الحريـة ،محـاورة بيـن زكـي نجيب محمود،
وأحمـد عتمـان ،عيـن للد ارسـات والبحـوث الإنسـانية
14