Page 53 - مجلة التنوير - العدد الثالث
P. 53

‫المجلس‬                        ‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا‬  ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

        ‫مجلــــــــــــــــة‬

        ‫	‪3.‬وهكـذا يتضـح تدنـي العلاقـات المصريـة الأجنبيـة؛ حيـث قامـت القـوى الأجنبيـة علـى مـر‬

        ‫الأفريقيـة فـي الم ارحـل التاليـة للعهـد الناصـري التاريـخ بتقليـص هـذا الـدور وكان آخرهـا الاسـتعمار‬

        ‫الأوروبـى الـذى ح َّجـم دوَر مصـر فـى تلـك المنطقـة‪.‬‬        ‫علـى كافـة المسـتويات‪ ،‬فالتجـارة البينيـة كانـت‬
        ‫حرصـت مصـر علـى اسـتم ارر دورهـا بمنطقـة‬                    ‫عنـد حدهـا الأدنـى والعلاقـات الثقافيـة أقـل مـا‬
        ‫حـوض النيـل‪ ،‬وأن تضطلـع بمسـئوليات تتناسـب مـع‬              ‫يمكـن وصفهـا بأنهـا منعدمـة‪ ،‬وعلـى المسـتوى‬
        ‫روابط مصر الطبيعية بدول الحوض‪ ،‬والمبنية على‬                 ‫الدبلوماسـي فقـدت مصـر ريادتهـا ودورهـا فـي‬
        ‫اعتبـا ارت جغ ارفيـة ومصالـح عديـدة يأتـى فـى مقدمتها‬       ‫أفريقيـا‪ ،‬بـل أسـهمت فـي ت ارجـع الثقـة لـدى‬
        ‫نهـر النيـل‪ ،‬بالإضافـة إلـى الموقـع المؤثـر والقـد ارت‬      ‫الأفريقييـن فـي الـدور الـذي يمكـن أن تقـوم بـه‬
        ‫البشـرية والعسـكرية والثقـل الحضـارى والثقافـى‪ ،‬إلـى‬        ‫مصر لمسـاندة أفريقيا‪ .‬وهنا تشـوهت العلاقات‬
        ‫غيـر ذلـك مـن اعتبـا ارت تؤهـل مصـر بالفعـل كـى‬             ‫المصريـة الأفريقيـة فـي مجـال تجـارة الخدمـات‬
        ‫تكـون فاعـاً إقليمًّيـا فـى موازيـن القـوى والاتجاهـات‬      ‫التـي تحولـت إلـى علاقـات فرديـة وليسـت علـى‬
                                                                    ‫مسـتوى الـدول‪ ،‬وكذلـك فـي مجـال الز ارعـة‬
                                 ‫السـائدة بحـوض النيـل‪.‬‬             ‫(عصـب التنميـة الأفريقيـة) ممـا جعـل أفريقيـا‬
                                                                    ‫تصبـح قبلـة شـركات ودول أخـرى للاسـتثمار‬
        ‫وعلـى الرغـم مـن الأزمـات التـى تعـرض لهـا‬                  ‫الز ارعـي وفـي تطويـر معـددات آلات الز ارعـة‬
        ‫الـدور الإقليمـى المصـرى والسياسـة المصريـة فـى‬             ‫فـي أفريقيـا التـي كانـت مصـر تسـتحوذ علـى‬
        ‫أفريقيـا منـذ أواخـر السـبعينيات وحتـى ثـورة ‪25‬‬
        ‫ينايـر‪ ،2011‬والتـى تمثلـت أهـم مظاهرهـا فى ت ارجع‬                                ‫هـذا المجـال مـن قبـل‪.‬‬
        ‫الدائـرة الأفريقيـة فـى اهتمامـات السياسـة المصريـة‬
        ‫الفعليـة‪ ،‬ولعـل أهـم مظاهـر تلـك الفتـرة يتمثـل‬             ‫	‪4.‬والسـؤال المطـروح والأهـم مـا علاقـة مصـر‬
        ‫فـى جمـود الحركـة المصريـة الفاعلـة فـى منطقـة‬              ‫بـدول حـوض النيـل؟ ومـا أسـباب الأزمـة‬
        ‫المصالـح الحيويـة (حـوض النيـل) وتنامـى موجـات‬
                                                                                                     ‫ا لراهن ـة ؟‬

        ‫عـدم التعاطـف أو الترحيـب بالتعـاون والتكامـل مـع‬           ‫ثانًّيــا‪ :‬الأهــداف والمصالــح المصريــة فــى‬
                                                                                        ‫منطقــة حــوض النيــل‬
        ‫مصـر؛ فـإن الفتـرة الحاليـة وتحديـًدا منـذ توقيـع‬
        ‫خمـس دول مـن دول المنابـع (أثيوبيـا – أوغنـدا‬

        ‫– كينيـا – روانـدا ‪ -‬تن ازنيـا) فـى مايـو ‪2010‬‬              ‫تعـد منطقـة حـوض النيـل إحـدى أهـم دوائـر‬

        ‫وبورونـدى فـى ‪ 28‬فب اريـر ‪ 2011‬علـى الاتفـاق‬                ‫السياسـة الخارجيـة المصريـة؛ حيـث ترتبـط مصـر‬

        ‫الإطـارى شـهدت نشـا ًطا ملحو ًظـا ومتصاعـًدا فـى‬            ‫بـدول حـوض النيـل ارتبا ًطـا وثيًقـا حضا ًرّيـا وتاريخًّيـا‬
                                      ‫كافـة المجـالات‪.‬‬              ‫وجغ ارفًّيـا واقتصادًّيـا وأمنًّيـا‪ ،‬وقـد ت ازمـن الـدور‬

        ‫ولا شـك أن لغـة الخطـاب السياسـى أصبحـت‬                     ‫الإقليمـى المصـرى مـع دول حـوض النيـل مـع‬

        ‫أكثـر تحديـًدا تجـاه دائـرة حـوض النيـل‪ ،‬التـى عـادت‬        ‫قـدم الدولـة المصريـة‪ ،‬وتواصـل بشـكل متقطـع‪،‬‬
        ‫لتحتـل المرتبـة الأولـى حالًّيـا فـى مجـالات الحركـة‬        ‫أو متفـاوت التأثيـر‪ ،‬حتـى اللحظـة ال ارهنـة‪ ،‬وكان‬

        ‫دور مصـر ينحسـر أو يتقلـص بفعـل التدخـات المصريـة‪ ،‬بينمـا ت ارجعـت الدائـرة الشـرق أوسـطية‬

                                                                ‫‪53‬‬
   48   49   50   51   52   53   54   55   56   57   58