Page 97 - مجلة التنوير - العدد الثالث
P. 97
المجلس لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
مجلــــــــــــــــة
وإذا مـا تسـاءلنا مـرة أخـرى :كيـف للمسـلم أن عنـد هويـدى – يشـمل هذيـن النوعيـن مـن التنميـة
اللذيـن يمارسـهما الإنسـان فـى حياتـه الدنيـا – يسـتحضر هـذه الإ اردة القويـة فـى البعـث الحضـارى
الآخـرة ،وهـو يعتبـر أن أهـم مـا قدمتـه الحضـارة المنشـود؟ لأجابنـا د .هويـدى بأمريـن اثنيـن تخلـا
الإسـامية للعالـم هـو هـذا العمـل الصالـح بهـذا بيانـه مـن القـرآن؛ الأمـر الأول أن نتمثـل الفهـم
المعنـى العلمـى التكنولوجـى الأخلاقـى وذلـك علـى الحقيقـي للديـن الإسـامى ،فهـو فـى نظـره «أبعـد
أنقـاض التأمـل العقلـى الـذي كان يميـز الحضـارة من أن يكون علاقة ثنائية بين الفرد وربه ،فالعقيدة
اليونانيـة ،ولقـد كان بنـاة الحضـارة الإسـامية علـى الدينيـة ملتحمـة بالعقيـدة الوطنيـة؛ لأن الانتمـاء إلـى
الوطـن لا ينفصـل أبـًدا عـن الانتمـاء إلـى الله» ومـا يقيـن منـذ البدايـة بـأن الفكـرة الصائبـة لا تنبـع مـن
أعظـم أن يرتبـط حـب الله والعقيـدة بحـب الوطـن الذهـن فقـط ولا مـن التطبيـق العملـى وحـده بقـدر
حتـى يكـون العمـل خال ًصـا لوجهـه تعالـى وناف ًعـا مـا تنبـع مـن العمـل الصالـح الخيـر المخلـص .إن
للوطن .والأمر الثانى هو أن نسـتحضر فى حياتنا خيريـة العمـل هـى الدافـع الحقيقـي لإتقانـه ومـن
ثـم جودتـه ،ولـو أن المسـلمين طبقـوا هـذا الفهـم الدنيـا وفـى عملنـا المثـل الأعلـى وقدوتنـا للحيـاة
الإسـامي الدقيـق لمعنـى «العمـل الصالـح» وللسـلوك وهـو شـخص النبـي محمـد صلـى الله عليـه
لتغيـرت أوضاعهـم مـن الخمـول والجمـود إلـى وسـلم «فالرسـول ليـس هـو فقـط المبلـغ عـن ربـه،
بـل هـو يمثـل أي ًضـا الموضـوع المباشـر والعينـى الإبـداع والإتقـان ،مـن الاتكاليـة والتـردد إلـى التـوكل
للإيمـان ..الموضـوع الـذي لا يتضـح الإيمـان إلا والإقـدام ،مـن الاعتمـاد علـى الآخـر إلـى الاعتمـاد
بـه ومـن خـال التعـرف عليـه» ،إن هويـدى يعتبـر علـى الـذات وبعـث الهمـم.
أن الرسـول «هـو ظـل الله علـى الأرض وملتقـى يقـول د .هويـدى فـى عبـارة بليغـة ذات دلالات
الآمـال والعلاقـات الاجتماعيـة الإنسـانية التـى يحـب
الله أن ي ارهـا سـائدة بيـن النـاس تدعي ًمـا لملكـه ونفـاًذا كثيـرة «لـن يبعـث الله وطًنـا لا يؤمـن أفـ ارده بالبعـث
لحاكميتـه وتطبيًقـا لشـريعته» ولنتذكـر تدعي ًمـا لذلـك ولا يطبقونـه بينهـم مـع أنـه أكبـر بـاب فـى تطبيـق
قـول السـيدة عائشـة رضـى الله عنهـا عنـه صلـى
الله عليـه وسـلم «كان خلقـه القـرآن» أو «كان قرآًنـا الشـريعة» .إن المدخـل الأهـم لتطبيـق الشـريعة
يمشـى علـى الأرض». الإسـامية إذن هو الإيمان بالبعث بالمعنيين؛ فمن
إن هـذه الـرؤى التفسـيرية الشـاملة والملهمـة يفكـر ويعمـل وعقلـه وقلبـه ملـيء بالإيمـان والتعلـق
للدكتور هويدى من «البيان» القرآنى تصلح أسا ًسا
لمـا ننشـده الآن وندعـو إليـه مـن تجديـد للخطـاب بـالله وبثـواب الآخـرة سـيكون عملـه خيـًار وصال ًحـا
ومتقًنـا بالضـرورة ،وبالعمـل المبـدع الصالـح الـذي
والفكـر الدينـى ،فهـل هنـاك مـن يقـ أر ويتأمـل؟ يحمـل الخيـر للجميـع تبنـى الحضـا ارت وتتقـدم
الأمـم .ومـن هنـا يقـول د .هويـدى أي ًضـا «إن
الإسـام قبـل أن يكـون ديـ َن العقـل هـو ديـن الإ اردة
أو ديـن الصمديـة الـذي يربـي فـى النفـس الصمـود
مـع الترفـع ،إنـه ديـن الإ اردة المصمتـة التـى لا
تعـرف الثغـ ارت وتسـد الفـرج».
97