Page 47 - مجلة فرحة مصر بعد النصر
P. 47
بل وإن احتمالات تكرار استخدام سلاح البترول لا تزال واردة هذا عن التعبئة والحشد في الإطار العربي ،أما عنهما في مصر
باستمرار في حالة الصراع العربي الإسرائيلي دونما حل ،ومن ثم وسوريا ،فقد استطاعت القيادتان تطبيق مبدأ "حشد القوة" -كمبدأ
فإن تأمين الإمدادات البترولية لا بد أن يعود إلى جوهر المشكلة ،وأن رئيس من مبادئ الحروب الحديثة -بشكل جيد ،ويفي بالغرض ،ففي
لب المشكلة هو ضرورة إعادة النظر -وبصورة أكثر اعتدااًل إطار الكتمان والحذر اتخذ القطران مجموعة من التدابير الهادفة إلى
وموضوعية -في الموقف الأوروبي من الصراع العربي الإسرائيلي، حشد ما يمكن حشده من طاقات ووسائل وتوظيفها لمصلحة الحرب،
وأيًضا فيما يتعلق بالحقوق العربية المشروعة حتى لا تتكرر تجربة كما استطاعا -في إطار خداع العدو وأجهزة الاستخبارات الأجنبية
وتضليلها -سوق القوات والأسلحة والعتاد إلى خطوط القتال الأولى
الحظر البترولي مرة أخرى كدرس مستفاد من معارك أكتوبر. في الجبهتين استعداًدا لبدء المعركة ،وهكذا تمكن البلدان -في بداية
وختاما يمكننا القول إن التعاون العربي في أكتوبر 1973هو ذروة الحرب -من التفوق على العدو في القوة البشرية ،والقوة التسليحية،
التعاون العربي الذي لم يكن له سابق ولا لاحق في تاريخ العرب وهو ما سهل على قواتهما دحر العدو في الأيام الثلاثة الأَو ل من
الحديث والمعاصر ،وسلاما على أرواح شهدائنا الأبرار من مصر القتال ،والتقدم في تحرير الأراضي المحتلة ،وفي خلال هذه المدة
والدول العربية الذين روت دماؤهم الزكية الأرض العربية لتضيء القصيرة أنجزت القوات المصرية عبور قناة السويس بعملية تعتبر
لأجيال جاءت بعدهم شمس الطريق وتمحو عار الهزيمة ،وتحية من أنجح وأرقى العمليات في علم وفن الحرب في التاريخ العسكري
إعزاز وإجلال لأبطال نصر أكتوبر المجيد ممن هم على قيد الحياة المعاصر والقديم أيضا ،في حين اقتحمت القوات السورية دفاعات
من كل الدول العربية التي شاركت العدو الحصينة.
وسلاما وإجلالا لروح بطل الحرب وصانع السلام الرئيس الشهيد وهكذا يمكن القول بأن حرب 1973م تميزت بعظم الحشد
المصري– السوري على الجبهتين ،وهو ما ساعد على تحقيق
محمد أنور السادات في الخالدين. المفاجأة واستثمارها ،وخصوًصا أن تدابير الخداع والتضليل والتمويه
أسهمت في ذلك كله ،ويضاف إلى ذلك أن الحشد ارتبط بدقة خطة
العمليات المشتركة ،وتنفيذ مراحلها التمهيدية بشكل سمح للقيادتين
المصرية والسورية بحشد قواتهما وأسلحتهما ومعداتهما في المناطق
الأمامية من الجبهتين دون أن تتعرض هذه الحشود لأعمال العدو
المضادة طوال مدة التحضير للعملية التعرضية.
أما عن استخدام سلاح النفط في حرب أكتوبر ،فإن استخدام الدول
العربية للنفط كسلاح اقتصادي قد أيقظ الدول الأوروبية على حقيقة
مهمة تتمثل في أن البترول لم يعد مادة خاًما فقط ،وإنما أصبح سلاًحا
قوًّيا مثل أي سلاح متقدم تمتلكه الدول المتقدمة خصوًصا أنه استطاع
أن يحطم المفاهيم الغربية بشأن شمولية التفوق الغربي على العالم
الثالث ،وضرورة ممارسة الوصاية عليها،
43

