Page 23 - مجلة فرحة مصر بعد النصر
P. 23
وخلال حرب الاستنزاف كان للإعلام دوره الملموس في استعادة ودعا إليها مجموعة من المتخصصين منهم الدبلوماسيان؛
الشعب المصري للثقة في جيشه وقيادته السياسية ،ورفع روحه إسماعيل فهمي وتحسين بشير اللذان انتقدا بشدة سياسة الاتحاد
المعنوية تحضيًر ا لاستعادة الكرامة وتحرير الأرض ،تجسد ذلك السوفيتي تجاه مصر ،وتفاجئ الجميع بنشر وقائع الندوة على
في التحقيقات الصحفية من جبهة القتال والمتابعة البرامجية صفحات الأهرام ،واشتكى السوفييت مما قاله الدبلوماسيان
لأخبار العمليات البطولية في الإذاعة والتليفزيون؛ منها معركة المصريان فعاقبتهما وزارة الخارجية بإجازة مفتوحة لكل منهما؛
بتوجيه من الرئيس السادات لتهدئة السوفييت ،ولم يمر وقت
رأس العش وإغراق المدمرة إيلات. طويل حتى اندلعت حرب أكتوبر ،واختار السادات إسماعيل
كانت هذه الفترة الممتدة منذ يونيو 1967وحتى انتصار أكتوبر فهمي ليخلف حسن الزيات وزيًر ا للخارجية ،وتحسين بشير
،1973هي بمثابة البوتقة التي انصهر فيها الإعلام بكل مكوناته متحدًثا باسم رئيس الجمهورية ،واتضح أن النشر تم بموافقة
وخبراته المتراكمة ليغادر مدرسة الصوت العالي والمبالغة في الرئيس السادات شخصًيا لرغبته في إظهار مدى تبرم المثقفين
تجسيد الأحداث إلى مدرسة النبرة الهادئة والتحليل الرصين المصريين من سياساتهم إزاء تسليح مصر؛ نظًر ا لتقاعس الاتحاد
مزوًدا بإنجازات حقيقية على أرض الواقع أعادت للإعلام السوفيتي عن تلبية احتياجات مصر من التسليح الحديث كما تفعل
المصري مصداقيته؛ فتعاملت معه الوكالات والمؤسسات أمريكا مع إسرائيل ،وأنه مهتمأكثر بحالة الوفاق مع الولايات
المتحدة والحفاظ على حالة الاسترخاء في الشرق الأوسط التي
الإعلامية العربية جاء ذكرها في البيان المشترك للقمة السوفيتية والأمريكية التي
والدولية كمصدر موثوق تتراجع أمامه محاولات التشويه انعقدت في موسكو مايو 1972بين الرئيس نيكسون والقيادة
السوفيتية .وكانت هذه الندوة في نهاية المطاف مقدمة للقرار
والتحريف المتعمدة من الإعلام الصهيوني المهزوم والمأزوم.
لقد أشارت وثائق حرب أكتوبر 1973التي أفرجت عنها وزارة الحاسم الذي اتخذه السادات بطرد الخبراء السوفييت من مصر.
الدفاع المصرية في فبراير ،2024إلى الدور الكبير الذي لعبه لقد ُظلم الجيش المصري في حرب يونيو ،1967وكذلك ظلم
الإعلام في مرحلة ما قبل العبور وخلال مرحلة الإعداد بما ُيعد الإعلام المصري ،فغياب المصداقية كان بسبب هيمنة النزعة
شهادة على أهمية الإعلام المصري بكوادره وخبراته التراكمية الخطابية والدعائية على إعلام تلك المرحلة والفترة التي سبقتها،
في الأوقات التي تقف فيها الأمة المصرية على أعتاب تحول غير أن المبالغة في تضخيم الاتهامات للإعلام رغم أخطاء
المرحلة ،تصل إلى حد التجني أكثر من كونها حقيقة .لقد لعب
مصيري بحجم حرب السادس من أكتوبر .1973 الإعلام المصري طوال فترة الستينيات مروًر ا بالنكسة دوًر ا
كبيًر ا في تعميق الانتماء الوطني ونشر الوعي القومي ،والحفاظ
على الُلحمة الشعبية الوطنية ،في تحٍد صريح للدعاية الصهيونية
والاستعمارية الهادفة لتقويض تماسك الشعب وفصله عن قياداته
السياسية والعسكرية .والدليل على ذلك كثافة الإنتاج السينمائي
في حقبة الستينيات وتنوع الموضوعات التي قدمتها ملتحمة مع
قضايا الجماهير ومشكلات الطبقة المتوسطة.
19

