Page 43 - 777777المنظور السياسي
P. 43

‫مـا يكـون علـى غيـر وعـى بخطـورة مضمـون مـا يتـم نقله‪.‬‬            ‫وتكنولوجيـا الاتصـالات والهواتـف الذكيـة‪ ،‬الـذي تـم مـن‬
‫اربعـا أنـه إعـام فوضـوى لا تحكمـه قواعـد ولا أخـاق‪ ،‬ولا‬          ‫خلالـه اختـ ارق الوعـى فـى مجتمعاتنـا‪ ،‬حيـث اجتهـدوا فـي‬
‫منظومـة قيميـة‪ ،‬وأسـهم كثيـ ار فـي نشـر منظومـة ثقافيـة‬           ‫هـذا الإطـار لتصديـر وتعميـم الإعـام البديـل‪ ،‬وهـو فـى‬
‫سـلبية‪ ،‬وتشـويه حقائـق تاريخيـة وعلميـة بالنظـر إلـى أنـه‬         ‫الغـرب الإعـام الرقمـي الـذي يأخـذ أشـكالا أكثـر مهنيـة‪،‬‬
‫لا يعتمـد أيـة قواعـد علميـة فيمـا يتـم نشـره عليـه مـن‬           ‫ولـه مـن القواعـد التـي تنظمـه وتحكـم أدواتـه‪ ،‬ووسـائله‪.‬‬
                                                                  ‫إلا أنهـم فـى ظـل حالـة الفوضـى والصيـرورة الثوريـة التـي‬
                               ‫أخبـار أو منشـو ارت‪.‬‬               ‫يصـرون علـى تصديرهـا للمواطـن فـي الدولـة الوطنيـة‬
                                                                  ‫المسـتهدفة‪ ،‬يؤكـدون لـه أن الإعـام البديـل هـو إعـام‬
‫يقيًنـا‪ ،‬نعـود ونؤكـد أن نجـاح أو فشـل أيـة مؤامـرة خارجيـة‬       ‫الفيسـبوك وتويتـر‪ ،‬وأنـه مـن خـال هـذا النمـوذج الذاتـي‬
‫مرهون بتوافر البيئة الحاضنة من قبل العملاء والوكلاء‪.‬‬              ‫مـن الإعـام يمكـن لـكل مواطـن أن يتخطـى كل حـدود‬
‫لـذا‪ ،‬فالتآمـر الداخلـى فـى أى بلـد أقـوى مـن التآمـر‬             ‫الرقابـة‪ ،‬وهيمنـة ومركزيـة الدولـة‪ ،‬وأن يصنـع إعلامـه‬
‫الخارجـي‪ ،‬لكـن يقيًنـا‪ ،‬نعـود ونؤكـد أن نجـاح أو فشـل أيـة‬        ‫الخـاص‪ ،‬ويحـدد فيـه أولوياتـه‪ ،‬وذلـك دون الالتفـات لـكل‬
‫مؤامـرة خارجيـة مرهـون بتوافـر البيئـة الحاضنـة مـن قبـل‬          ‫مـا يمثلـه ذلـك مـن تكريـس للذاتيـة والمصلحـة الفرديـة‬
‫العمـاء والـوكلاء‪ .‬لـذا‪ ،‬نجـاح التآمـر الخارجـى أو فشـله‬          ‫وإعـاء الأنـا الفرديـة علـى الأهـداف والمصلحـة القوميـة‬
‫يعتمـد علـى عملائـه داخـل البلـد بالأثـر الـذي تتركه‪ .‬فكلما‬       ‫والمسـئولية المجتمعيـة‪ ،‬فضـا عـن أن ممارسـة الإعـام‬
‫تعاظـم الأثـر ازد الشـعور بوجـود المتآمـر عليـه‪ .‬والمؤامـرة‪،‬‬      ‫تتطلـب د ارسـة والت ازمـا بقواعـد ومواثيـق الشـرف لممارسـة‬
‫فـى هـذا الإطـار‪ ،‬تعبـر عـن وجودهـا أو عدمـه بحسـب‬
‫وجـود المؤامـرة‪ ،‬رغـم وجودهـا الحقيقـي‪ .‬ولعـل الفكـر‬                                      ‫المهنـة‪ ،‬وتحقيـق المصداقيـة‪.‬‬
‫مؤامـرة‪ .‬وإذا انعـدم الأثـر أسـقط الشـعور والوعـى الجمعـي‬
‫مـن العربـي قـد ضـل الطريـق فـى نظرتـه لنظريـة المؤامـرة‬          ‫هـذا الإعـام البديـل الـذي يحاولـون تسـويقه وفرضـه‬
‫بأدواتهـا التقليديـة‪ ،‬لأنـه لـم يرتـق إلـى المسـتوى الـذى يخلق‬    ‫علينـا يعانـي مجموعـة مـن الإشـكاليات أولا أنـه إعـام‬
‫أيديولوجيـا مـن شـأنها تحصيـن الأمـة التحصيـن السـليم‬             ‫عاطفـي غيـر متخصـص يعتمـد علـى إثـارة عاطفـة‬
                                                                  ‫الجمهـور وعقلـه باسـتخدام لغـة مبرمجـة تتناسـب‬
                ‫القـادر علـى إفسـاد مؤامـ ارت الآخريـن‪.‬‬           ‫وثقافتـه وطبقـا للهـدف المـ ارد تحقيقـه‪ .‬ثانيـا أنـه إعـام‬
                                                                  ‫يسـتغله الـوكلاء والعمـاء مـن أجـل السـيطرة علـى‬
‫الواقـع‪ ،‬أننـا ظلمنـا هـذا المواطـن العربـي خـال فتـ ارت‬          ‫عقـول البسـطاء غيـر المدركيـن لحقائـق الأمـور‪ ،‬وإدارة‬
‫طويلـة سـابقة‪ ،‬بعـدم قدرتنـا علـى توفيـر ب ارمـج حمائيـة‬          ‫سـلوكياتهم‪ ،‬وتنميـط اتجاهاتهـم بمـا يتناسـب ومصلحـة‬
‫ثقافيـة‪ ،‬ومنحهـا حصصـا تعليميـة عادلـة تجعلـه مؤهـا‬               ‫ال ارعـي‪ .‬ثالثـا أنـه إعـام نخبـوي أحـادى الاتجـاه‪ ،‬يعتمـد‬
‫لكـي يكـون مواطنـا دوليـا رقميـا فاعـا بـدلا مـن هـذه‬             ‫علـى ثقافـة التفاعـل النقلـى التشـاركي‪ ،‬حيـث يكـون مركـز‬
‫الحالـة التـي أضحـى عليهـا‪ ،‬والتـي تتمثـل أبـرز ملامحهـا‬          ‫نشـر الأخبـار هـو المتحكـم‪ ،‬فـي حيـن تكـون الأطـ ارف‬
‫فـي كونـه فاقـدا للهويـة‪ ،‬والـولاء والانتمـاء‪ ،‬فالقيـم التـي تـم‬  ‫المهمشـة البعيـدة عـن مركـز إدارة العمليـة هـي المهيمـن‬
‫تنميطهـا فـي عقلـه‪ ،‬الـذى لـم يتـم تحصينـه بالقـدر الكافـي‬        ‫عليهـا ويقتصـر دورهـا التفاعلـى علـى النقـل‪ ،‬الـذى كثيـ ار‬
‫تجعلـه هدًفـا سـهل الاصطيـاد لهجمـات قـد تسـتهدف‬
‫نفسـيته ومعنوياتـه لتدميرهمـا‪ ،‬وذلـك لإفقـاده الثقـة فـي‬

                        ‫دولتـه‪ ،‬ونظامـه‪ ،‬ومؤسسـاته‪.‬‬

‫‪43‬‬
   38   39   40   41   42   43   44   45   46   47   48