Page 26 - مجلة فرحة مصر بعد النصر
        P. 26
     وحتى الآن ،ما زالت إسرائيل تعتبر "مروان" العميل الأهم لها،                              نظريات متضاربة ()2015- 2013
وتؤكد أن إنذاره عشية  6أكتوبر لعب دوًر ا محورًيا في رفع درجة
                                                                    شهد عام  2013سردية حاسمة قدمها أوري نئمان (رئيس أبحاث
                                      التأهب ،لكنه جاء متأخًر ا.    الموساد سابًقا) ،والذي قال إن "مروان" لم يكن مزدوًجا ،بل عمياًل
وخلال الفترة من  2023-2018نشرت الصحف الإسرائيلية                    مخلًصا عّز ز الأمن القومي الإسرائيلي .لكن في  2014عاد الباحث
مجموعة من التقارير المكررة دون أي معلومات جديدة ،والتي              ميخائيل برونشتاين ليؤكد أن بعض المعلومات التي أخفاها تعزز
تؤكد السردية ذاتها بأن أشرف مروان كان عمياًل إسرائيلًيا             فرضية العمالة المزدوجة ،وإن كان إنذاره عشية الحرب ينفيها
مخلًصا ،وتنفي السردية المصرية بأنه عميل مصري تمت زراعته
لدى الكيان في إطار خطة الخداع المحكمة التي أعدها الرئيس                                                                        عملًيا.
                                                                    فيما شكل عام  2015محطة بارزة مع صدور كتاب شمعون مندس
                                                      الموساد.      جهاد السادات ،الذي طرح أطروحة مفادها أن السادات استخدم
بل إن الصحفي الإسرائيلي أمير أورن ذهب لأبعد من ذلك في               مروان كـ "إيلي كوهين مصري" لتضليل إسرائيل ،وأن الاستخبارات
مقال نشرته صحيفة هاآرتس بأن أشرف مروان لم يكن عمياًل                العبرية سقطت في فخ الاعتماد المطلق على مصدر واحد .وعزز
مزدوًجا ،بل "ثلاثًيا" ،مستنًدا إلى وثائق بريطانية ،ومشيًر ا إلى أن  هذا الكتاب الاتجاه القائل بأن "مروان" كان بطاًل قومًيا مصرًيا؛ مما
وثائق حديثة كشفت أنه عمل أيًضا لصالح الاستخبارات البريطانية
 ،MI6وربما قّدم معلومات بطريقة غير مباشرة للأمريكيين                                  أثار ردود فعل واسعة في الإعلام الإسرائيلي)3(.
والسعوديين كذلك ،وأن "مروان" لم يكن أداة مصرية لخداع
إسرائيل فحسب ،بل لاعًبا متعدد الولاءات قّدم خدمات متوازية                               ترجيح كفة الملاك ()2017- 2016
للقاهرة وتل أبيب ولندن؛ مما يجعله عمياًل متعّدد الأبعاد ،وفي
الوقت نفسه يكشف كيف ضّيعت القيادة الإسرائيلية فرًصا متكررة          تعالت في تلك الفترة الأصوات التي ترفض تماًما فرضية العمالة
                                                                    المزدوجة .وأكد مسؤولون سابقون في الموساد مثل دافيد أربيل أن
             للسلام مع السادات قبل اندلاع حرب أكتوبر .1973          المعلومات حول نية الحرب كانت متاحة للجميع ،لكن ساعة الصفر
وفي يونيو  ،2023كشف الموساد الإسرائيلي في كتاب أصدره
تحت عنوان "ذات مرة ،عندما يكون مسموًحا لنا أن نروي"،                             ظلت غير واضحة ،وهو ما قّلل من قيمة إنذار مروان.
بمناسبة مرور  50عاًما على حرب أكتوبر  ،1973وثائق                    وشّدد يوسي ميلمان ،أحد أبرز المحللين ،على أن "مروان" لم يكن
وصوًر ا تاريخية عن أشرف مروان ،صهر جمال عبد الناصر                  مزدوًجا ،بل جاسوًسا إسرائيلًيا حقيقًيا ،وأن زعيرا اخترع الرواية
والمقّر ب من أنور السادات ،الذي ُعرف لدى الجهاز باسم                لتبرئة نفسه .في هذه الفترة أيًضا ،رّسخت المحاكم الإسرائيلية حكمها
"الملاك" ،مشيًر ا إلى أن مروان قّدم تحذيًر ا حاسًما لرئيس الموساد   بأن "مروان" كان يخدم إسرائيل ،كما ُأنتج فيلم "الملاك" بالتعاون مع
الأسبق تسفي زامير في لندن ليلة  5أكتوبر بأن الحرب ستندلع في         نتفليكس لتكريس صورته كأعظم جاسوس في تاريخ إسرائيل .ومع
اليوم التالي بنسبة " "%99وفي حفل توقيع الكتاب ،شّدد رئيس            ذلك ،برزت أصوات تحّذر من الاعتماد على مصدر واحد ،مثل
الموساد دافيد برنيع على دروس الحرب :عدم الاستهانة بالعدو،           شلومو جازيت ،الذي اعتبر أن إسرائيل أخطأت حين جعلت جيشها
        الحذر من الإفراط في الثقة ،وأهمية الوحدة الداخلية للبقاء.                                        ينتظر إشارة من مروان)4( .
                                                                                     العميل الأهم لإسرائيل ()2023-2018
                                                                    رغم مرور  52عاًما على الحرب ،يبدو أن السردية الإسرائيلية
                                                                    الراجحة هي تلك التي تنكر عبقرية الرئيس الراحل محمد أنور
                                                                    السادات ونجاحه في زراعة عميل اخترق كل الأجهزة الاستخبارية
                                                                    والأمنية الإسرائيلية وخدرها بمهارة طبيب تخدير بارع ،وأعمى
                                                                                   جيش الجواسيس الإسرائيلي عن موعد ساعة الصفر.
22





