Page 36 - مجلة فرحة مصر بعد النصر
P. 36

‫خط ماجينو‪:‬‬              ‫وقد بدت أهمية هذه المواجهة البحرية في تأكيدها الصمود وقوة‬
                                                                 ‫الإرادة‪ ،‬وها هو الأسد سرعان ما لملم جراحه‪ ،‬وانقض مؤكدا قمة‬
‫جاءت فكرة إنشاء خط ماجينو بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى‬       ‫الإنجاز والإعجاز في وقت واحد‪ ،‬ولأول مرة في التاريخ تتم مثل هذه‬
‫وانتصار فرنسا عام ‪ ،1918‬وبعدها بدأت الدراسات حول ما‬              ‫العملية البحرية عسكريا‪ ،‬وحسبما ذكر الخبراء العسكريون أن فكر‬
‫يجنبها أي عدوان مرتقب مستقبلا‪ ،‬خاصة على الحدود الشمالية‬          ‫البحرية العسكرية بعد هذه العملية تغير في العالم بأسره‪ ،‬موضحا أن‬
‫الشرقية مع ألمانيا‪ ،‬في منطقتي الألزاس ‪ Alsace‬واللورين‬
‫‪ .Lorraine‬وبعد دراسة الإستراتيجية الألمانية التي تبنت نظرية‬                        ‫جميع الدول توقفت عن بناء القطع البحرية الكبيرة‪،‬‬
‫الحرب الخاطفة اتخذت فرنسا إستراتيجية دفاعية‪ ،‬اعتمدت على‬          ‫واتجهت تدريجيا للاعتماد على الفرقاطات صغيرة الحجم ولنشات‬
‫بناء خط من التحصينات المتوالية القوية "خط ماجينو"‪ .‬نسبة إلى‬      ‫الصواريخ مع تطوير الرادارات البحرية‪ ،‬لاكتشاف الأهداف من‬
‫وزير الحربية الفرنسي أندريه ماجينو ‪ André Maginot‬الذي‬            ‫ارتفاع ‪ 4‬أمتار عن سطح البحر‪ ،‬وتخليدا لهذه المعركة اتخذت القوات‬
‫نادى للأخذ بنظرية الدفاع الثابت‪ ،‬ودافع عنها أمام البرلمان‬
‫الفرنسيين‪ ،‬وهذا الخط يكون قادًر ا على وقف تقدم القوات الألمانية‬                        ‫البحرية المصرية ‪ 21‬أكتوبر عيدا لها كل عام‪.‬‬
‫المهاجمة‪ ،‬مما يسهل قيام القوات الفرنسية المدافعة بتوجيه‬          ‫وإذا كانت هذه العملية قد جرت في مياه البحر المتوسط‪ ،‬فقد جرت‬
                                                                 ‫عمليات فدائية هناك في خليج العقبة‪ ،‬وتدمير ميناء إيلات؛ حيث نفذت‬
                                 ‫ضربات مضادة إليها وسحقها‪.‬‬       ‫الضفادع البشرية المصرية عمليات فدائية مثلت قمة الإنجاز والإعجاز‬
‫وقد تم دراسة وتشييد وتنفيذ تحصينات خط ماجينو خلال أحد‬            ‫معا؛ حيث أغاروا على ميناء إيلات ثلاث مرات‪ ،‬ودمروا أرصفته‪،‬‬
‫عشر عاما‪ ،‬وعلى خمس مراحل ‪ 1919‬حتى ‪،1940‬‬                          ‫وألحقوا أضرارا جسيمة بمعداته البحرية‪ ،‬وذلك في نوفمب ‏ر‪1969‬‏ وفي‬
‫بتحصينات متتالية على مسافات متوالية وتزداد كل منها إعدادا‬        ‫فبراي ‏ر‪1970‬‏ ثم يونيو‏‪1970‬‏ ثم نسفوا الميناء في واحدة من أهم‬
‫وتحصينا‪ ،‬وكانت المهمة الرئيسية في المرحلة الأخيرة ‪-1939‬‬
‫‪ 1940‬هي تقوية الدفاعات والتحصينات بما يحقق تنفيذ مبادئ‬                                  ‫عمليات الضفادع البشرية في تاريخ الحروب‏‏‪.‬‬
‫الدفاع الثابت‪ ،‬ضد هجمات المشاة والدبابات والضربات الجوية‪،‬‬                             ‫ثانيا‪ :‬العبور العالمي (خط ماجينو‪ /‬خط بارليف)‬
‫واستخدام الموانع والتحصينات الدفاعية لصد الهجوم الألماني‪،‬‬        ‫من الأمثلة التي تستدعيها ذاكرتي هنا هو ذاك التكتيك الألماني الذي‬
‫وإمكانية القيام بالضربات المضادة‪ .‬وقد حققت هذه المرحلة‬           ‫ُيضرب به المثل في الخداع العسكري‪ ،‬إثر التفاف الألمان حول خط‬
‫استكمال بناء خط ماجينو وزيادة كثافة الموانع المضادة للدبابات‬     ‫ماجينو وسقوط باريس في أيديهم‪ ،‬وهذا يذكرني بما بدا عليه الحال في‬
‫في المواقع الأمامية‪ ،‬مع استكمال الدفاعات الدائرية عن مدينة‬       ‫استيلاء الجيش على خط بارليف‪ ،‬وتكاد تتماثل بينهما أمور وتختلف‬
                                                                 ‫أخريات‪ ،‬ولكن المقدمات والدوافع بين الخطين متماثلة في كونهما‬
                                               ‫باريس ‪.Paris‬‬      ‫الحصن الحصين والارتكاز لنظرية الدفاع الثابت‪ ،‬وإن جاءت النتائج‬

                                                                                                   ‫أيضا متماثلة في سقوط كل منهما‪.‬‬

‫‪32‬‬
   31   32   33   34   35   36   37   38   39   40   41