Page 37 - مجلة فرحة مصر بعد النصر
P. 37

‫ميل لا تقل عن ‪ 45‬درجة‪ ،‬وقد بلغت في مواضع حوالي ‪80‬‬                                                             ‫خط بارليف‪:‬‬
‫درجة‪ ،‬وُز ِر ع بالألغام ونصبت شراك خداعية فيه‪ ،‬وهو الأمر الذي‬
‫شكل عقبة عسيرة أمام عبور العربات والمدرعات‪ ،‬وزاد من‬                ‫تكاد تتشابه هذه الإستراتيجية الإسرائيلية مع تلك الفرنسية في هذه‬
                                                                   ‫الحالة الدفاعية؛ حيث اعتمدت إسرائيل طوال حروبها في دفاعاتها‬
                                      ‫مخاطر محاولات تجاوزه‪.‬‬        ‫على إستراتيجية خط الدفاع المتحرك‪ ،‬الذي كان يعتمد على إبقاء‬
‫وخلف الحاجز الترابي تقع التحصينات الرئيسية للخط‪ ،‬وتتكون من‬         ‫قوات قليلة في خطوط الدفاع خلال الأوقات العادية على أن تتم‬
‫سلسلتين من الدشم‪ ،‬ومن قاعدتها ُتَو َّصل أنابيب لقذف "النابالم" في‬  ‫التعبئة الشاملة في أثناء الحروب‪ ،‬ولكنها في أعقاب حرب يونيو‬
‫القناة مباشرة؛ مما يؤدي إلى تكوين طبقة من اللهب بارتفاع متر‬        ‫‪ ،1967‬واحتلال شبه جزيرة سيناء‪ ،‬وفي سبيل محاولتها الاحتفاظ‬
‫واحد‪ ،‬ورفع حرارة المياه إلى درجة الغليان‪ ،‬لردع أي محاولة‬           ‫الدائم بها ومنع العبور المصري إليها‪ .‬قامت بتغيير خططها العسكرية‬
                                                                   ‫الإستراتيجية من الدفاع المتحرك إلى خطة الدفاع الثابت‪ ،‬وهذا‬
                   ‫إنزال بحري أو عبور لقوات الجيش المصري‪.‬‬
‫واستوعبت التحصينات ‪ 22‬موقعا دفاعيا و‪ 36‬نقطة حصينة‪،‬‬                                             ‫ُيذكرنا بما كان عليه الحال في ماجينو‪.‬‬
‫ُسِّلحت بالإسمنت والكتل الخرسانية والقضبان الحديدية‪ ،‬لتقاوم‬        ‫ومع نهاية عام ‪ 1967‬قررت قوات الاحتلال إنشاء خط دفاع ثابت‬
‫أنواع القصف المختلفة‪ ،‬وكل نقطة عبارة عن منشأة معقدة تتكون‬          ‫على امتداد الساحل الشرقي القناة‪ ،‬يتضمن تحصينات متتالية‬
‫من عدة طوابق‪ ،‬لها عمق تحت الأرض تقدر مساحته بـ ‪ 4‬آلاف‬              ‫وحواجز دفاعية‪ ،‬وذلك بناء على اقتراح رئيس أركان الجيش‬
                                                                   ‫الإسرائيلي في حينها "حاييم بارليف"‪ ،‬والذي حمل خط الدفاع اسمه‬
                                                     ‫متر مربع‪.‬‬     ‫"خط بارليف"‪ ،‬وكان بارليف قد كّلف قائد وحدات المدرعات أبراهام‬
‫وتشتمل كل نقطة حصينة على ‪ 26‬مكانا لرشاشات المدافع‬                  ‫أدان‪ ،‬وقائد المنطقة الجنوبية الجنرال يشع ياهو غافيتش بالعمل على‬
‫والدبابات‪ ،‬متصل بعضها ببعض عن طريق خنادق عميقة‪ ،‬إضافة‬              ‫المشروع‪ ،‬وشارك خبراء من ألمانيا وبلجيكا وأمريكا بالتخطيط‬
‫إلى حظائر للدبابات والمدفعية‪ُ ،‬تحشد فيها المدرعات ومضادات‬          ‫للمشروع‪ ،‬الذي بدأ في منتصف مارس‪ /‬آذار ‪ ،1968‬واستمر عاما‬

            ‫الدبابات ووحدات المدفعية‪ ،‬ومخازن للذخيرة والسلاح‪.‬‬                       ‫كاملا‪ ،‬وبلغت تكلفة بنائه نحو ‪ 500‬مليون دولار‪.‬‬
‫وتحيط بكل نقطة نطاقات من الأسلاك الشائكة والألغام‪ .‬وتحرس‬           ‫وقد اشتمل المشروع عند الإنشاء خط المواجهة بكامله‪ ،‬بامتداد شرق‬
‫الخط فرقة مكونة من ‪ 3‬ألوية مدرعة واثنين من ألوية المشاة‪ ،‬تضم‬       ‫قناة السويس بطول ‪ 170‬كيلومترا‪ ،‬ابتداء من البحر المتوسط شمالا‪،‬‬
‫حوالي ‪ 260‬دبابة و‪ 70‬قطعة مدفعية وأكثر من ‪ 400‬جندي‪ .‬وقد‬             ‫وحتى خليج السويس جنوبا‪ ،‬وبلغ اتساعه داخل شبه جزيرة سيناء‬
‫توافرت فيه ملاجئ للجنود محمية من الأسلحة الكيميائية والغازات‪،‬‬      ‫نحو ‪ 12‬كيلومترا‪ ،‬ثم تزايدت تحصيناته‪ ،‬بعدما تولي أرييل شارون‪،‬‬
‫ومزودة بوسائل التهوية والإضاءة‪ ،‬وبها خدمات طبية ومطابخ‬             ‫منصب قائد الجبهة الجنوبية‪ ،‬وقد عمرت هذه التحصينات بأعداد‬
‫وقاعات للترفيه والتسلية ومخازن للمؤن وشبكة اتصالات سلكية‬           ‫كبيرة من الجنود والمؤن‪ ،‬والعتاد والأسلحة والذخيرة‪ ،‬وقد ُو صف‬

                                                      ‫ولاسلكية‪.‬‬                                   ‫بأنه أقوى خط دفاع عسكري حينها‪.‬‬
                                                                   ‫وكانت طليعة التحصينات عبارة عن ساتر ترابي‪ ،‬بلغ ارتفاعه بين‬
                                                                   ‫‪ 20‬و‪ 22‬مترا ُأقيم على حافة القناة مباشرة‪ ،‬وانحدر باتجاهها بزاوية‬

‫‪33‬‬
   32   33   34   35   36   37   38   39   40   41   42