Page 124 - ajtimaeiaat althaani mutawasit
P. 124

‫كان من شأن ذلك ان اسقط فوارق اللون والنسب والشرف فتشارك المهاجرون والانصار في‬
‫المسكن والمطعم والمشرب والعمل‪ ،‬وكانوا يتوارثون بإخوة الاسلام لا بإخوة الدم وبقي العمل بهذا‬
‫بعد ان استقر المهاجرون في المدينة وبعد مرور قرابة السنتين على هجرتهم وممارستهم لاعمال‬
‫التجارة والزراعة والمهن المختلفة‪ ،‬والتئامهم مع اسرهم انتفت الحاجة لمبدأ (الاخوة ) الذي كان‬
‫حاجة اجتماعية واقتصادية وسلوكا برهن به الانصار على مدى تفانيهم واخلاصهم لله ورسوله‬
‫ولاخوانهم من المهاجرين ‪ ،‬علماً بان مبدأ الاخوة انتفت حاجته من الناحية الاقتصادية فقط وبقي‬

                                          ‫قائم بين المسلمين من الناحية الاجتماعية والسلوكية ‪.‬‬
                                                                           ‫‪ .3‬وثيقة المدينة‬

‫واجه الرسول محمد (ص) تنوعاً بشرياً قومياً ودينياً في المدينة لم يشهد مثله في مكة‪ ،‬اذ كان سكان‬
‫المدينة من العرب واليهود والعرب الذين تهودوا فضلًا عن من اسلم من اهل المدينة والمهاجرين‬
‫من مكة من المسلمين‪ ،‬ومن اجل تحقيق التجانس الاجتماعي والسلم الاهلي والحفاظ على تماسك‬
‫مجتمع المدينة (المهد الاول للاسلام ) عقد رسول الله (ص) عهدا مع سكان المدينة من غير‬

                                                ‫المسلمين ومن أهم ما نصت عليه وثيقة العهد‪:‬‬
‫‪ .1‬ان السلطة في المدينة المنورة بيد الرسول (ص) ولا يحق لأحد ان يقررشيئا الا باذنه وبعد‬

                                                                           ‫تشاور المسلمين ‪.‬‬
                ‫‪ .2‬على الجميع المشاركة في الدفاع عن المدينة المنورة اذا ما تعرضت للعدوان‪.‬‬
‫‪ .3‬من التزم بهذه الوثيقة من اليهود والديانات الاخرى في المدينة المنورة فله الحقوق التي يتمتع‬

                                           ‫بها المسلمون وعليه الواجبات التي على المسلمين ‪.‬‬
                      ‫‪ .4‬لايحق لاحد من سكان المدينة المنورة نصرة المشركين او مساعدتهم ‪.‬‬
       ‫‪ .5‬لا يجوز لمن تشمله هذه الوثيقة مساعدة من يعبث بالامن ويخرج على المصلحة العامة‬

                                          ‫‪ .6‬ضرورة الحفاظ على وحدة المسلمين وتماسكهم ‪.‬‬
         ‫‪ .7‬تبني مبدا الحوار والتعايش السلمي بين المسلمين وبين الاشخاص من ديانات اخرى ‪.‬‬
‫وقد هدفت هذه الوثيقة الى نشر السكينة والامن في ربوع المدينة وكفالة حرية الدين والعبادة‬
‫والاشتراك في الدفاع عنها (فهي منزلهم المشترك) اذا ما تعرض لعدوان خارجي‪ ،‬فضلًا عن ذلك‬

                                            ‫محاربة اهل الفتن داخل المدينة من كل الاطراف ‪.‬‬
‫ومن دلائل سماحة رسول الله (ص) انه لم يعامل المشركين‪ ،‬من اهل المدينة بطريقة رد الفعل‬
‫لما عامله به اهل مكة من المشركين‪ ،‬اذ ترك لهم حريتهم على ان يحافظوا على التعايش السلمي كما‬
‫انه اقر تسمية المدينة بـ ( يثرب )عند كتابة الوثيقة وهو الذي اسماها ( طيبة ) احتراما لخيارات اهلها‬
‫من غير المسلمين‪ ،‬كما انه اتخذ سبيل الحوار السلمي واحترام الراي الآخرلنشر الدين الاسلامي ‪.‬‬

‫‪123‬‬
   119   120   121   122   123   124   125   126   127   128   129