Page 32 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 32
العـدد 27 30
مارس ٢٠٢1
تحيا بالمدفع والرعب ،حتى صار ْت على أجهزة ...
الهتنان ّفتتسجاّلل الص ٌنذااعت ّيميتحضدعًةومنعفايلآأنخفرهاتمفاوّماه،ةومكدمفاع!يقول
لبنان لبنان ،وراءك ارتجافا ٌت مهجورة
أدونيس“ :كلام الشاعر على تجربته في الكتابة أرى خرطوم مدفع في أنفك ،مستودع جثث في
الشعر ّية يعني الذا َت والآخر في آن .يعني بتعبي ٍر
عينيك،
أد َّق أ ّنه يتّخ ُذ من ذا ِت ِه آخ َر ،ليس إلا هذه الذات شحا ًذا يتبعه كل ٌب على صلعتك
نف ِسها»(.)18 لبنان ،هذا دولار لك ،انصر ْف
هذا التو ّح ُد مع الآخر ،يمت ُّد إلى تو ّح ٍد مع أشيا َء، أريد عطو ًسا .يجب أ ْن أسح َب لبنان من صدري
فيتّسع مفهو ُم الذات ومدلولا ِتها في شعر وديع. في شارع الكسليك ،أتثاءب أحيا ًنا»(.)16
شارع الكسليك هو شار ٌع في منطقة ُجونيّة في
يقول سعادة: بيروت ،سكن فيه الشاعر فتر ًة من حياته ،وهذا
“أكمل ُت تدريبا ِت الانتظار الن ُّص حاف ٌل بذكريات سعادة ،بحديثه عن أصدقا ِئه،
كحصا ٍن يقف حائ ًرا بعد معرك ٍة مات فيها جميع عن هذه المنطق ِة التي ش ّكل ْت جز ًءا أصي ًل في وعيه
وذاكرته ،وكأ ّنها أح ُد الأحر ِف الأولي التي عرف
الجنود بها أبجد ّي َة الوجود ،وخصو ًصا عند ذك ِره في تلك
يتأمل ِح ْب َر معاهد ِة السلام القصيدة لـ»قدموس»( )17ذلك الفينيق ّي الذي يظ ُّن
اللبنانيّون أ ّنه ص ّدر الحرو َف الأبجد ّي َة إلى العالم.
ولا يفهم»(.)19 هذا الشار ُع ،وتلك الذكريا ُت في بيروت ،في لبنان
منها ،على سحبِها لمانيقدد ِمُره،الوشهاوع ُربالعلطىب اعلتلاخلّير ِيصُد
ذات سعادة الرافضة للحرب ،لا تفهم عن أ ّي سلا ٍم التخلّ َص منها ،لكنّها
-متأخ ٍر -يتحدثون؟! ك ّل أطرا ِف النزاع خسروا، إشار ٌة منه إلى كارثيّة الوضع في لبنان ،ودمو ّية
الحاضر البغي ِض وس َط ركا ٍم من الجثث ،ولا
وماتوا ،السلام المتأخر ج ًّدا في نظر سعادة ليس مستفي َد إلا الدولار ،نعم الدولار ،من ينت ُجه ،ومن
أق ّل خيان ًة من الحرب الظالمة. يدف ُعه ،ومن يحص ُل عليه.
وكأ ّن الشاعر يصر ُخ في رعاة السلام :أين كنتم من فقد صارت لبنا ُن بح َر دماء ،فسف ُن القتل ِة تتناح ُر.
قبل؟ وكم كانت عبارته (يتأ ّمل حبر السلام) تفتح الإنسا ُن صار هد ًفا لنيران الطائفيّة التي تتعام ُل
أبوا ًبا من التأويل ،حتى لكأ ّن تلك المعاهدة مجر َد بوحشيّ ٍة مع الآخر ،تفت ُك به وكأ ّنها تسلخه سل ًخا
حبر على ورق. لتعر َض جلو َد الضحايا كسلع ٍة .وكأ ّن لبنا َن
تتخ ّل عن
هنا تنحا ُز الذا ُت إلى ما هو شعر ّي ،ولا يعلو الحد ُث
مهما كانت قيم ُت ُه على ما هو شعر ّي.
يقول أدونيس« :ماذا بقى من الشعر الذي ُكتِ َب
حضار ِتها
وفنو ِنها التي
كانت تجذ ُب
السائحين
من قب ُل،
وصارت
تعرض جلو َد
الضحايا
بد ًل منها!
وكأ ّن لبنا َن
في نظر القتلة