Page 60 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 60
يلحظ القارئ حضور المرأة بشكل واضح
إليه مأخوذة بسحر بشرته السمراء، في الرواية ،سواء كانت امرأة سودانية أو
فيستغل ذلك الشعور و ُيغذيه بتلفيق إنجليزية ،وإن كانت تظهر في كثير من
الأكاذيب والقصص الساذجة حول الأحيان في مركزمتواضع؛ إذ يتم تصويرها
نسبه ،فيقول لإحداهن« :لا بد أن
إما كرمز جنسي أو شخصية ثانوية .ولعل
جدي كان جند ًّيا في جيش طارق بن
زياد» .ومن ث ّم ،تطرح الرواية سلاح
الغرب وأكاذيبه التي تتسبب في النهاية هذا ُطرح بقصد ليلقي الضوء على المفهوم
في تصديق الغرب إياها ،ولا سيما السائد للجنوسة لدى الشرق،وهو البنية
وإن استغلها شخص مثل «مصطفى الأيديولوجية التيتهدف إلى التمييز بين
سعيد» لخداع الغرب نفسه .فلم يقتل
الرجال والنساء ،على أساس علاقة هرمية
«مصطفى سعيد» هؤلاء الفتيات؛ وإنما
هو «إنسان نبيل ،استوعب حضارة من الهيمنة والتبعية
الغرب لكنها ح ّطمت قلبه .هاتان
الفتاتان لم يقتلهما مصطفى سعيد
ولكن قتلتهما جرثومة مرض عضال
أصابهما منذ ألف عام» على حد قول البروفسور لنفسه بأنه «عطيل» ،عربي -أفريقي .يشتمل هذا
ماكسويل كين أثناء محاكمته.
المزيج من الوصف على كل الهويات العرقية الدونية وعليه ،يتحتم أن تشتمل تلك العلاقة بين العالمين
التي تؤثث لدلالات الهمجية والصحراء في مقابل
»-مصطفى سعيد» والفتيات -على عنصر السادية
الشمال والحضارة الغربية .وعليه ،يبدو أ ّن بحث
للتماهى مع رغبة التابع في الانتقام من المستعمر.
«مصطفى سعيد» عن فريسة هو قضية استعمارية ينتقم «مصطفى سعيد» من الثقافة الغربية
في الأساس ،يتبادل فيها «التابع» الدور مع القوى
لاستعمار بلاده باغتصاب فتيات ينتمين إلى عائلات
الاستعمارية عبر اغتصاب وقتل فتيات الإنجليز.
ذات شأن وتحويلهن إلى عاهرات .فـ»آن هاموند»
يقول« :كنت سأفعل كل ما في وسعي لإغراء امرأة على سبيل المثال كانت طالبة تدرس اللغة الشرقية
إلى فراشي» ،فتضمنت قائمته فتيات «من جيش
في أكسفورد وعمتها كانت عض ًوا في البرلمان ،ولكن الخلاص وجمعيات كويكرز وتجمعات الفابيانيين».
يقول «مصطفى سعيد»« :في فراشي حولتها إلى
بل ويستخدم «مصطفى سعيد» تلك السرديات
عاهرة ،غرفة نومي مقبرة تطل على حديقة» ،إلا أنه
الكبرى التي نسجها الغرب عن أفريقيا -حول
رأها فريسة سهلة ،وهو ما لم يكن يشفي غليله؛
الهمجية والتخلف الحضاري -لاستدراج فتيات
لذا يمكن القول إ ّن «مصطفى سعيد» يريد أن يظهر
الغرب والإيقاع بهن؛ وكأنه ُينفذ مبدأ (السحر الذي بمظهر الرجل صاحب السيطرة على الموقف ،وليس
ينقلب على الساحر) ،فيقول ُمغو ًيا إحدى الفتيات:
كضحية للمستعمر.
«بيتنا على ضفة النيل تما ًما بحيث أني إذا استيقظت
في الليل أرفع يدي من النافذة وأداعب ماء النيل بلا «مصطفى سعيد» والنموذج
توقف حتى يغلبني النوم» .وهنا تتمظهر معضلة
الشكسبيري الازدواجية النفسية لدى المُستع ِمر؛ على حد تعبير
«هومي بابا» بأنها حالة التناقض والتذبذب المستمر وهنا يظهر السؤال الذي لا بد من طرحه؛ هل يريد
مصطفى سعيد ح ًّقا الانتقام من المستعمر باغتصاب
بين احتقار الجنوب وهمجيته ،وفي الوقت ذاته
هؤلاء الفتيات جنسيًّا ،وهل فراشه هو ساحة قتاله الرغبة فيه والانجذاب لغرابته الفريدة .فما من
الوحيدة وأسلوبه الأوحد لتحرير وطنه كما يرى؟ امرأة يستدرجها «مصطفى سعيد» إلا وهي تأتي