Page 26 - m
P. 26
اختلفت منهجية "نحن ضحايا عك" عما
هو سائد في الكتابات التاريخية؛ فمن
ناحية ،يختلف الكتاب عن الكتابة
العلمية في مجال التاريخ بصفة عامة،
من حيث الاهتمام بتوثيق المصادر
التاريخية ،وبخاصة إذا كانت هذه
الكتابة تستهدف تقديم رؤية مغايرة
عما هو سائد كما مهد أبو جليل
لرؤيته في العنوان الفرعي للكتاب
عاطف عبيد من خلال استخدامه لوصف "أخرى"؛
دخلوا إليه يستفهموه ر َّدهم النبي (ص) كما يختلف أسلوب الكتاب عن الكتابة
لاشتداد مرضه أو لغلبة الوجع ،أو لغضبه الروائية الإبداعية.
من تنازعهم ،قائ ًل« :دعوني ،فالذي أنا فيه
خي ٌر مما تدعوني إليه». بمقارنة الروايات وتجميعها وترتيبها وفهم ألفاظها
-4يجوز أن قول عمر رضي الله عنه على حقيقتها ،يفهم من هذا الحديث نقاط عدة نود
«غلبه الوجع ،عندنا كتاب الله حسبنا» المذكور في أن نحددها:
روايات أخرى للحديث ،كان بعد أن ر َّد النبي من
دخل إليه يستفهمه ويستوثق منه عما يريد بقوله -1أن الروايات اتفقت على أن هذه الحادثة كانت في
«دعوني ،»..فأراد عمر أن يصرف الصحابة الذين يوم الخميس السابق على وفاة النبي (ص) بأربعة
كانوا ينتظرون بما سيوصي به الرسول (ص). أيام ،بمعنى أن النبي (ص) كان أمامه فسحة من
-5يجوز أن تكون جملة «ولا ينبغي عند نبي الوقت من الخميس إلى الاثنين (يوم الوفاة) ليملي
وصيته بعد أن صرف هؤلاء الذين تنازعوا عنده،
تنازع» من قول ابن عباس ،أو من قول راوي
الحديث سعيد بن جبير الذي سمعه من ابن عباس. ومنعوه من إملاء وصيته كما فهم بعضهم.
-6اختلف ش َّراح الحديث حول دلالة كلمة «أهجر؟» -2أن الأمر لو كان يتعلق بوصية تخص الخلافة،
وهو اختلاف يضيق المقام هنا عن التعرض إليه، وأن النبي (ص) كان سيوصي بها لعلي أو
ولكني أحيل القارئ إلى تتبع ترجيحات الش َّراح للهاشميين لانتهز أحد الهاشميين الفرصة وذهب
في تأويلها في كتاب «فتح الباري بشرح صحيح
إلى النبي ليمليه وصيته.
البخاري»(.)8 -3أن التنازع لم يكن في حضرة النبي (ص) وإنما
-7ينص الحديث على أن النبي (ص) قد أوصى
كان خارج حجرته ،وهذا ما يدل عليه ظاهر لفظ
الصحابة بالفعل ،وتذكر رواية الحديث اثنين منها
جملة «ولا ينبغي عند نبي تنازع» ،وتؤكده جملة
ويسكت عن الثالثة ،ولهذا السكوت أكثر من تأويل.
«ما شأنه ،أهجر ،استفهموه؟» أي اذهبوا إلى النبي -8اختلف شراح الحديث حول قائل جملة «وسكت
استوثقوا منه عما يريد تحدي ًدا مخافة أن يكون
عن الثالثة ،أو قال ونسيتها» الواردة في آخر
السامع لم يفهم حقيقة مقصود النبي من طلبه؛ فلما الحديث ،ويحتمل أن يكون قائلها سعيد بن جبير