Page 122 - m
P. 122

‫العـدد ‪57‬‬                 ‫‪120‬‬

                                                      ‫سبتمبر ‪٢٠٢3‬‬

  ‫يجعلها في باب الإخوانيات‪ ،‬أو القصائد الاجتماعية؛‬    ‫عبد الله الطيب‬             ‫سعدي يوسف‬
    ‫أو المنزع الأمومي للشاعرة‪ ،‬ما يدعونا إلى العناية‬
    ‫بها عناية خاصة‪ ،‬لهذه الدلالة‪ ،‬لمعرفة أهمية هذه‬    ‫عدمه‪ ،‬فالشاعرة تجعل الاحتمالات أربعة‪ ،‬وهي تمني‬
                                                          ‫نفسها أن تجد واح ًدا من هذه الاحتمالات بشي ًرا‬
‫العنونة في حياة الشاعرة‪ .‬وإن جاءت بعض العنوانات‬          ‫بالفرح‪ .‬وفي هذا التشبث بنصف الاحتمال‪ ،‬نشعر‬
   ‫بصورة تقريرية مباشرة تخصم كثي ًرا من جمالها‬
   ‫(مناجاة‪ ،‬اختلف الزمن‪ ،‬تقول للناس‪ ،‬ذكريات‬            ‫بنزعة الرومانسيين وقلقهم وحزنهم الذي يعمرهم‪.‬‬
 ‫المساء)‪ ،‬إلا أن هنالك عنوانات ذات بعد فني جمالي‪،‬‬       ‫وهذا ما تعضده بعض العنوانات الداخلية للقصائد‪،‬‬
    ‫تضيف كثي ًرا لهذا الديوان‪ ،‬من ذلك (لي وحدي‪،‬‬       ‫مثل‪( :‬وجه القمر‪ ،‬جمر الحب‪ ،‬فراشة‪ ،‬فلك ضرير‪،‬‬
  ‫نصف احتمال للفرح‪ ،‬أحببت فيك صبابتي‪ ،‬فلك‬              ‫الوله‪ ،‬أحببت فيك صبابتي‪ ،‬جراح القلب‪ ،‬دعوى‬
                     ‫ضرير‪ ،‬كالورق‪ ،‬عاد ُح ًّرا)‪.‬‬
                                                           ‫الفراق‪ ،‬ذكريات المساء) فجميع هذه العنوانات‬
             ‫عتبة التقديم‬                                ‫ذات منزع رومانسي‪ ،‬يلتحم مع الطبيعة والكون‪،‬‬
                                                        ‫مع نزعة حز ٍن غير خافية‪ ،‬وهو ما يذهب بالعنوان‬
     ‫اختارت الشاعرة أن يأتي تقديم الديوان شع ًرا‪،‬‬     ‫الرئيسي إلى هذا المنحى‪ ،‬وهو بدوره يؤكد أن الديوان‬
     ‫ولكنها لم تقدم شعرها بشعرها‪ ،‬وإنما اختارت‬            ‫امتداد لثقافة الشاعرة وعصرها‪ ،‬الذي تشكل من‬
 ‫خمسة أبيات من مجاراة أمير الشعراء أحمد شوقي‪،‬‬           ‫خلال مدرسة الإحياء والبعث‪ :‬البارودي‪ ،‬وشوقي‪،‬‬
                                                          ‫وحافظ‪ ،‬وخليل مطران‪ ،‬ومدرسة أبولو‪ ،‬وشعراء‬
                       ‫لدالية الحصري القيرواني‪:‬‬        ‫ال َم َهجر‪ ،‬انتهاء بالاتجاه الواقعي الذي ساد على غيره‬
                         ‫يا لي ُل‪ ،‬الصب متى غ ُده‬        ‫بين ‪1990 -1960‬م‪ .‬ولن نغوص أبعد من ذلك في‬
                           ‫أقيام الساع ِة موع ُده؟‬
                              ‫رقد السمار فأرقه‬                                          ‫هذه الإشارات‪.‬‬
                              ‫أسف للبي ِن ُيرد ُده‬
                                                                   ‫عنوانات أخرى‬
  ‫والقصيدتان مشهورتان عذبتان رشيقتان فاتنتان‪،‬‬
    ‫وما اختارته تقدي ًما من قصيدة شوقي هو قوله‪:‬‬       ‫حملت عدد من القصائد عنوانات ذات إيحاء لافت‪،‬‬
                           ‫بيني في ال ُحب وبينك‬       ‫وهي تحمل أسماء نساء (يارا‪ ،‬زينب‪ ،‬سميرة) ما‬
                         ‫ما لا يقدر وا ٍش يفسده‬
                          ‫ما بال العاذل يفتح لي‬
                          ‫باب السلوان وأوصده‬
                            ‫ويقول تكاد ُتجد به‬
                            ‫فأقول وأو ِشك أع ُب ُده‬
                          ‫مولاي وروحي في يده‬
                           ‫قد ضيعها سلمت يده‬
                           ‫ناقوس القلب يدق له‬
                          ‫وحنايا الأضلع معبده‬
      ‫ما يجعلنا نقف أمام هذا الاختيار من زاويتين‪:‬‬
   ‫الزاوية الأولى حسن الاختيار‪ ،‬وهو من أهم أبواب‬

  ‫النقد والكشف عن الذات‪ ،‬والثاني متصل الواشجة‬
   ‫بعنوان هذا الديوان (نصف احتمال للفرح)‪ ،‬وما‬
‫فيه من منزع رومانسي‪ ،‬يتمسك بالحب ونيرانه‪ ،‬على‬

            ‫كثرة ما في الطريق من عقبات كأداوات!‬
   117   118   119   120   121   122   123   124   125   126   127