Page 273 - m
P. 273

‫‪271‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫إعلام‬

    ‫الفرد أثناء الشراء‪ ،‬حتى وإن‬       ‫اعتماد مؤثرات أخرى كالإضاءة‬                ‫ومن ثمة يحاولون تقليدها‪.‬‬
    ‫كان هذا المستهلك عالمًا بكيفية‬      ‫والموسيقى والصوت الناعم أو‬            ‫وعليه‪ ،‬فكلما كانت هذه العلاقة‬
   ‫اشتغال الإشهار والآليات التي‬        ‫الجهوري‪ ،‬فإن الشخصية تبدو‬             ‫وطيدة كانت أق َرب إلى الاختيار‪،‬‬
  ‫يستعملها لهذا الغرض‪ ،‬وهو ما‬                                               ‫لأن المع َجب يتلبس تلك الشخصية‬
 ‫يعني أن «المستهلك لا ينجذب إلى‬      ‫أكثر جاذبية وأنقى جس ًدا وأصفى‬         ‫بكل جزئياتها محاو ًل التشبه بها‬
 ‫هذا المنتوج لأنه الأنفع والأجدى‬                              ‫وج ًها‪.‬‬       ‫سواء في الملامح أو طريقة اللباس‬
 ‫من غيره‪ ،‬إنه يفعل ذلك لأن هذا‬
    ‫المنتوج يقدم نفسه للمستهلك‬       ‫كل هذه العناصر ُتس ِهم‪ ،‬بلا شك‪،‬‬                      ‫أو طريقة التحدث‪.‬‬
   ‫بطريقة أجمل وأذكى من غيره‬            ‫في التأثير في قرارات المستهلك‬        ‫غير أن الصورة التي تقدمها تلك‬
 ‫أو ًل‪ ،‬وثانيًا لأن فعل الشراء ذاته‬     ‫ما دام نموذجه الأعلى يستعمل‬
  ‫تتحكم فيه مجموعة من الصور‬               ‫ذاك المنتج الذي زاده جاذبية‬          ‫الشخصية هي صورة مز َّورة‪،‬‬
                                                                                ‫على اعتبار أن الوسيط يجسد‬
      ‫النمطية الثاوية في الدهاليز‬     ‫وجعله أكثر أناقة بل أحيا ًنا أكثر‬       ‫دو ًرا للحصول على مبلغ مادي‬
‫المظلمة للاشعور‪ ،‬وهي التي تملي‬           ‫سعاد ًة‪ .‬كأن المش ِهر يقول‪ :‬إذا‬      ‫متفق عليه بين الطرفين‪ ،‬وليس‬
                                                                                ‫بالضرورة تفضيل الوسيط‪/‬‬
   ‫شروطها لحظة الشراء وتدفع‬           ‫كنتم تبحثون عن الجمال والقوة‬              ‫الممثل لذلك المنتج على آخر أو‬
   ‫المستهلك إلى اقتناء هذا المنتوج‬      ‫والشهامة والفخامة والسعادة‬
                                        ‫فلتستعملوا هذا المن َتج فو ًرا‪ ،‬ها‬        ‫مداومة استعماله في حياته‬
                  ‫دون ذاك»(‪.)11‬‬        ‫هو ُمع َج ُبكم يستعمله‪ ،‬ولاحظوا‬           ‫الخاصة‪ ،‬بل أحيا ًنا قد يكون‬
     ‫غير أن الذي يبدو أن المشهر‬          ‫كيف أصبح‪ .‬لا تضيِّعوا المزيد‬         ‫كار ًها له أو على الأقل يستعمل‬
  ‫قد يوظف كل العناصر السالفة‬           ‫من الوقت‪ ،‬اقتنوا هذه البضاعة‬         ‫منت ًجا آخر من نفس الصنف غير‬
   ‫الذكر بهدف التأثير في المتلقي‬                                                ‫ذاك‪ ،‬وهو ما يعني أن الهدف‬
‫لشراء بضاعة معينة أو الاستفادة‬       ‫فو ًرا وستلاحظون الفرق قريبًا في‬
  ‫من خدمة ما‪ ،‬وهو أمر مقصود‬            ‫حياتكم الشخصية والاجتماعية‬                             ‫مادي محض‪.‬‬
    ‫يتم دراسته من زوايا مختلفة‬                            ‫والعاطفية‪.‬‬          ‫ومهما يكن من أمر‪ ،‬فإذا أخذنا‬
   ‫وتخصص له ميزانية وكفاءات‬              ‫يتبدى واض ًحا أن الإشهار لا‬            ‫بعين الاعتبار الاختيا َر الأمث َل‬
                                      ‫يكون مباش ًرا أب ًدا وإنما يستعين‬
      ‫بشرية لجلب أكبر عدد من‬           ‫بمثيرات بشرية وفنية وجمالية‬               ‫للشخصية وتوظيف الألوان‬
   ‫الزبائن‪ ،‬لكن المتلقي بدوره قد‬           ‫وتقنية لتقديم المنتوج‪ ،‬وهي‬          ‫الملائمة للمنتوج وتحديد مكان‬
 ‫يبحث في الصورة الإشهارية عن‬              ‫العناصر المؤثرة في لا شعور‬          ‫مناسب للتصوير‪ ،‬بالإضافة إلى‬
‫ذاته محاو ًل قراءتها طلبًا لإشباع‬
     ‫حاجة داخلية أو تحقيق حلم‬
   ‫هارب‪ ،‬وهو الأمر الذي يؤكده‬
‫بنكراد بقوله «كل قارئ يبحث في‬
  ‫الصورة عن ذاته‪ :‬إنه يقرأ فيها‬
   ‫تاريخه وأحلامه وأوهامه»(‪.)12‬‬
    ‫إن المشهرين يعلمون جي ًدا أن‬
 ‫تحقق التأثير بشكل مباشر لا بد‬
   ‫أن يراعي مجموعة من الأمور‬
  ‫التي يمكن أن تسمو بالمستهلك‬
    ‫وترفع مكانته‪ ،‬كما ينبغي أن‬
  ‫تراعي عاداته وتقاليده وتحترم‬
 ‫ُهويته ودينه‪ .‬فلا يمكن أن تكون‬
   268   269   270   271   272   273   274   275   276   277   278