Page 71 - ثقافة قانونية العدد الخامس للنشر الإلكتروني
P. 71

‫المساكن أو جعلها غير صالحة للسكنى مما يؤدى إلى تشرد السكان وهجرتهم إلى أماكن‬         ‫ووقوع المنازعات بينهم؛ وقد تؤدى مستقبلا إلى نشوب الحروب بين الدول؛ ومن ثم‬
       ‫أخرى آمنة ذلك أن حاجة الإنسان إلى السكن الملائم والآمن والصحى تعد من حاجياته‬         ‫يجب أن نسرع الخطى فى التطور الايجابى للتنمية المستدامة التى لا تتحقق بمجرد‬
       ‫الحياتية الأساسية؛ ولذا فهى من أهم حقوق الإنسان؛ مما يتعين معه تعزيز هذا الحق‬        ‫توافر الموارد الطبيعية بل بالحفاظ عليها من ملوثاتها وعدم تبديدها وأن تقترن وفرتها‬
        ‫وحمايته واتخاذ جميع التدابير اللازمة للتخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه‪.‬‬
       ‫ويجدر بالذكر أن اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان اعتمدت الاستراتيجية‬                             ‫بالاستثمار الأفضل لعناصرها لتعم فائدتها لنا وللأجيال القادمة‪.‬‬
       ‫الوطنية لحقوق الإنسان (‪ )2026 -2021‬بهدف النهوض بكافة حقوق الإنسان فى‬                 ‫والمقياس الحقيقى للتقدم ‪ -‬كما ورد فى المذكرة الإيضاحية لقانون حماية نهر‬
       ‫مصر‪ ،‬من خلال تعزيز احترام وحماية كافة الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية‬           ‫النيل والمجارى المائية من التلوث رقم ‪ 48‬لسنة‪ 1982‬المعدل بالقانون رقم ‪ 103‬لسنة‬
       ‫والاجتماعية والثقافية المتضمنة فى الدستور والتشريعات الوطنية والاتفاقيات الدولية‬     ‫‪ -2015‬لا يتمثل فى وفرة الموارد المتاحة بقدر ما يتمثل فى تحقيق أفضل استخدام‬
       ‫والإقليمية المنضمة إليها مصر؛ تحقي ًقا للمساواة‪ ،‬وتكافؤ الفرص دون أى تمييز؛ وتعد‬     ‫لها بما يخدم الأهداف القومية‪ ،‬والماء هو أغلى هذه الموارد جميعا وأعلاها قيمة‬
       ‫هذه الاستراتيجية خارطة طريق وطنية طموحة فى مجال حقوق الإنسان وأداة هامة‬              ‫وأن المصدر الرئيسى للمياه فى مصر هو النيل وتتفرع منه منتشرة فى جميع أرجاء‬
                                                                                            ‫البلاد شبكة الترع بجميع درجاتها‪ ،‬تنقل المياه إلى حيث تروى الأرض لتنبت الزرع‪،‬‬
                                                  ‫للتطوير الذاتى فى هذا المجال‪.‬‬             ‫ولا تقف عند هذه الغاية وحدها وإنما تتعدد الأغراض إلى شرب الإنسان‪ ،‬وسقاية‬
       ‫كما يجدر الإشارة إلى أن وزارة البيئة قامت باعتماد الاستراتيجية الوطنية لتغير‬         ‫الحيوان‪ ،‬وتشغيل المصانع‪ ،‬وتوليد الكهرباء‪ ،‬وتسيير الملاحة‪ ،‬وهى مجالات متعددة‬
       ‫المناخ فى مصر (‪ )2050‬لجعلها خارطة طريق لمواجهة تحديات تغير المناخ من تخطيط‬
       ‫وإدارة تغير المناخ على مستويات مختلفة بطريقة تدعم تحقيق الأهداف الاقتصادية‬                                                           ‫لاستخدام المياه فى بلدنا‪.‬‬
       ‫التنموية للبلاد‪ ،‬باتباع نهج مرن ومنخفض الانبعاثات‪ ،‬والتصدى بفاعلية لآثار وتداعيات‬    ‫وقد أضاف القانون رقم ‪ 9‬لسنة ‪ 2009‬بتعديل بعض أحكام قانون البيئة المادة‬
       ‫تغير المناخ بما يساهم فى تحسين جودة الحياة للمواطن المصري‪ ،‬وتحقيق التنمية‬            ‫رقم ‪ 47‬مكررا (‪ )1‬وأنشئ بمقتضاها برئاسة مجلس الوزراء مجل ٌس أعلى لحماية‬
       ‫المستدامة‪ ،‬والنمو الاقتصادى المستدام‪ ،‬والحفاظ على الموارد الطبيعية والنظم البيئية‪.‬‬   ‫نهر النيل والمجارى المائية من التلوث برئاسة رئيس مجلس الوزراء ويضم المجلس فى‬
       ‫إذن بات واضحا أن حماية حقوق الإنسان بشأن تغير المناخ هى حماية للإنسان‬                ‫عضويته الوزراء المختصين بكل من الموارد المائية والرى ‪ -‬شئون البيئة ‪ -‬الصحة ‪-‬‬
       ‫ذاته ولتعزيز هذه الحماية يتعين حماية الوسط الطبيعى الذى يعيش فيه الإنسان من‬          ‫الصناعة ‪ -‬الزراعة واستصلاح الأراضى ‪ -‬التنمية المحلية ‪ -‬الإسكان والمرافق والتنمية‬
       ‫الآثار الضارة لتغير المناخ عن طريق مكافحتها بالتخفيف منها والتكيف معها وذلك‬          ‫العمرانية ‪ -‬السياحة ‪ -‬النقل النهرى‪ .‬وأسندت إلى هذا المجلس اتخاذ كافة التدابير‬
       ‫بالتقليل من الأنشطة الاقتصادية والصناعية التى تؤدى إلى اختلال التوازن الطبيعى‬        ‫اللازمة لحماية نهر النيل والمجارى المائية من التلوث‪ ،‬على أن يصدر بتحديد سائر‬
       ‫القائم بشكل يهدد بتدهور حياة الإنسان ومستقبله على الأرض‪ ،‬وهذه الحماية وتلك‬           ‫اختصاصاته قرار من رئيس مجلس الوزراء وينعقد المجلس مرة كل ثلاثة أشهر على‬
       ‫المكافحة تحمى حقوق الأجيال الحاضرة والمستقبلة ذلك أنه يتوقع أن يختفى نصف‬             ‫الأقل لمتابعة أحوال النهر‪ ،‬وقد أصدر رئيس مجلس الوزراء بالفعل القرار رقم ‪2318‬‬
       ‫الغابات الاستوائية مما يشكل خللا بالنظام النباتى ينعكس بالضرورة على المناخ‬
       ‫بشكل سلبى مما يؤدى إلى اختلال التوازن البيئى‪ ،‬ويواصل العلماء تسجيل معدلات‬                                                      ‫لسنة ‪ 2009‬بإنشاء هذا المجلس‪.‬‬
       ‫مرتفعة بدرجة خطيرة لوجود المواد المدمرة لطبقة الأوزون‪ ،‬كما يتوقع العلماء أن يرتفع‬    ‫ولحماية حق المواطن المصرى فى الحصول على صرف صحى ومياه صالحة للشرب‬
       ‫متوسط درجات حرارة العالم بنحو درجتين مئويتين بحلول نهاية القرن الحالى؛ فكل‬           ‫فقد حظرت المادة (‪ )2‬من القانون رقم ‪ 48‬لسنة ‪ 1982‬فى شأن حماية نهر النيل‬
       ‫هذا الدمار الذى تحدثه يد الإنسان العابثة والذى يحوله من إنسان معمر إلى إنسان‬         ‫والمجارى المائية من التلوث صرف أو إلقاء المخلفات الصلبة أو السائلة أو الغازية من‬
       ‫مدمر فى حاجة إلى وقفة لمراجعة النفس لحماية حقوق هذا الإنسان ذاته بشأن تغير‬           ‫العقارات والمحال والمنشآت التجارية والصناعية والسياحية ومن عمليات الصرف‬
       ‫المناخ وذلك بتعزيز وحماية حقوقه المار بيانها وسرعة اتخاذ تدابير التخفيف والتكيف‬      ‫الصحى وغيرها فى مجارى المياه على كامل أطوالها ومسطحاتها إلا بعد الحصول على‬
       ‫وإعادة النظر فى أساليب الردع لاسيما الجانب التشريعى والقانونى؛ وفى النهاية؛ فقد‬      ‫ترخيص من وزارة الموارد المائية والرى فى الحالات ووفق الضوابط والمعايير التى يصدر‬
                                                                                            ‫بها قرار من وزير الموارد المائية والرى بناء على اقتراح وزير الصحة ويتضمن الترخيص‬
                     ‫توصلت إلى عدد من النتائج والتوصيات‪ ،‬يمكن إيجازها فيما يلى ‪:‬‬            ‫الصادر فى هذا الشأن تحديدا للمعايير والمواصفات الخاصة بكل حالة على حدة‪.‬‬
       ‫‪ -‬العمل على تعزيز وحماية حقوق الإنسان بشأن تغير المناخ وتوسيع نطاق المسئولية‬         ‫وقد صدر مؤخرا قانون الموارد المائية والرى رقم ‪ 147‬لسنة ‪ 2021‬بغية إدارة الموارد‬
       ‫عن حماية البيئة من الآثار الضارة لتغير المناخ ليشمل كل فرد من أفراد المجتمع؛ فإلقاء‬  ‫المائية من مياه النيل ومياه الأمطار والسيول والمياه الجوفية وتنميتها والحفاظ عليها‪،‬‬
       ‫العبء على عاتق الحكومة وحدها لا يمكن أن يؤدى إلى حماية متكاملة لهذه الحقوق‬           ‫وكذلك إدارة مشروعات تحلية المياه المالحة واستمطار السحب وما يعاد استخدامه‬
                                                                                            ‫من مياه الصرف الزراعى أو الصرف الصناعى أو الصحى بعد معالجتها‪ ،‬وذلك كله‬
                          ‫ويكون ذلك بتنمية الوعى البيئى فى وسائل الإعلام المختلفة‪.‬‬           ‫لتحسين إدارة الموارد المائية وبما يضمن عدالة توزيعها والاستخدام الرشيد للمياه‪.‬‬
       ‫‪ -‬وضع الخطط والبرامج المتعلقة بخفض الانبعاثات المسببة لظاهرة التغير المناخي‪،‬‬
                                                                                                         ‫سادسا ــ الحق فى المسكن الملائم وتغير المناخ‪:‬‬
                  ‫ومتابعة تنفيذها مع الجهات المختصة‪ ،‬واقتراح سبل التكيف مع آثاره‪.‬‬           ‫إن الحق فى المسكن الملائم والآمن والصحى من الحقوق الانسانية التى كفلتها‬
       ‫‪ -‬تشجيع استخدام مصادر الطاقة المتجددة ومشروعات الإنتاج الأنظف والإنتاج‬               ‫الدولة بموجب المادة ‪ 78‬من الدستور للمواطنين‪ ،‬بما يحفظ الكرامة الإنسانية ويحقق‬
                                                                                            ‫العدالة الاجتماعية‪ .‬فقد ألزمت هذه المادة الدولة بوضع خطة وطنية للإسكان تراعى‬
                  ‫المستهلك والمستدام‪ ،‬ومتابعة تنفيذها‪ ،‬بالتنسيق مع الجهات المختصة‪.‬‬          ‫الخصوصية البيئية‪ ،‬وتكفل إسهام المبادرات الذاتية والتعاونية فى تنفيذها‪ ،‬وتنظيم‬
       ‫‪ -‬العمل على توسيع المساحة الخضراء وتشجير الشوارع والطرق والميادين مع إزالة‬           ‫استخدام أراضى الدولة ومدها بالمرافق الأساسية فى إطار تخطيط عمرانى شامل‬
       ‫المخلفات الموجودة فى الحدائق العامة وشواطئ النيل لتتمتع بها أعين الناظرين‪ ،‬مما‬       ‫للمدن والقرى وإستراتيجية لتوزيع السكان‪ ،‬بما يحقق الصالح العام وتحسين نوعية‬
                                                                                            ‫الحياة للمواطنين ويحفظ حقوق الأجيال القادمة‪ .‬كما ألزمتها بوضع خطة قومية‬
                 ‫يكون لديهم إدراكا بأهمية الحفاظ على البيئة يكون نابعا من دواخلهم‪.‬‬          ‫شاملة لمواجهة مشكلة العشوائيات تشمل إعادة التخطيط وتوفير البنية الأساسية‬
       ‫‪ -‬إعداد دليل استرشادى حول مشروعات التنمية النظيفة ومشروعات التكيف مع‬                 ‫والمرافق‪ ،‬وتحسين نوعية الحياة والصحة العامة‪ ،‬كما تكفل توفير الموارد اللازمة‬
       ‫آثار التغير المناخي‪ ،‬وإعداد الدراسات والتقارير الخاصة بالتغير المناخى وحماية طبقة‬    ‫للتنفيذ خلال مدة زمنية محددة‪ .‬وعلى غرار ذلك ألزمت المادة ‪ 41‬من الدستور الدولة‬
                                                                                            ‫بتنفيذ برنامج سكانى يهدف إلى تحقيق التوازن بين معدلات النمو السكانى والموارد‬
                                 ‫الأوزون ووضع الاشتراطات والمتطلبات المناسبة لها‪.‬‬           ‫المتاحة‪ ،‬وتعظيم الاستثمار فى الطاقة البشرية وتحسين خصائصها‪ ،‬وذلك فى إطار‬
       ‫‪ -‬إدخـال التوعية بحقوق الإنسان بشأن تغير المناخ وخطورة آثار الضارة على‬
       ‫الإنسان ضمن مناهج مختلف مراحل التعليم كمادة نجاح ورسوب‪ ،‬مما يربى لدى‬                                                                 ‫تحقيق التنمية المستدامة‪.‬‬
       ‫الناشئة شعورا بضرورة الحفاظ على البيئة وحمايتها من الآثار الضارة لتغير المناخ‬        ‫وقد أنشأ قانون الإسكان الاجتماعى ودعم التمويل العقارى رقم ‪ 93‬لسنة ‪2018‬‬
                                                                                            ‫صندوق الإسكان الاجتماعى ودعم التمويل العقاري‪ ،‬والذى يقوم على شئون الإسكان‬
                                                         ‫فى الحاضر والمستقبل‪.‬‬               ‫الاجتماعى ودعم التمويل العقاري‪ ،‬ويتبع الوزير المختص بالإسكان والمرافق والمجتمعات‬
       ‫‪ -‬تشجيع المنظمات الدولية والهيئات غير الحكومية والمجتمع المدنى التى تتبنى برامجا‬      ‫العمرانية ويعتبر هذا الصندوق هيئة عامة خدمية‪ ،‬وله شخصية اعتبارية مستقلة‪.‬‬
       ‫لتعزيز وحماية حقوق الإنسان بشأن تغير المناخ من أجل تحقيق أهدافها وتشجيع البحوث‬       ‫وقد أسند قانون الإسكان الاجتماعى ودعم التمويل العقارى فى المادة (‪ )1‬منه إلى‬
       ‫الفردية والجماعية التى تهدف إلى وضع التدابير الوقائية والأساليب العلاجية لها‪.‬‬        ‫وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية‪ ،‬فى إطار خطة التنمية الاقتصادية‬
       ‫‪ -‬متابعة تطبيق الاتفاقيات الدولية ذات العلاقة بالتغير المناخي‪ ،‬وإبراز جهود الدولة‬    ‫والاجتماعية للدولة ووفق برنامج الإسكان الاجتماعي‪ ،‬اقتراح وتخطيط وطرح مشروعات‬
       ‫فى مجال تغير المناخ لدى المجتمع الدولي‪ ،‬والتعاون مع الجهات والمنظمات الدولية‬         ‫الإسكان الاجتماعى والإشراف على تنفيذها‪ ،‬بغرض توفير مسكن ملائم للمواطنين‬
       ‫للاستفادة مما تقدمه من برامج وأنشطة ودعم تحت إطار الاتفاقيات المتعلقة بتغير‬
                                                                                             ‫منخفضى ومتوسطى الدخل وقطع أراض عائلية صغيرة لذوى الدخول المتوسطة‪.‬‬
                                                 ‫المناخ والبروتوكولات الملحقة بها‪.‬‬          ‫ويشكل تغير المناخ تهديدا حقيقيا لحق الإنسان فى السكن الملائم والآمن والصحي‪،‬‬
                                                                     ‫وبعد؛‬                  ‫ويترتب على آثاره الضارة الناتجة من الفيضانات والسيول وغيرها من الكوارث تدمير‬

       ‫فنحن فى حاجة إلى تعزيز وحماية حقوق الإنسان بشأن تغير المناخ وذلك بأن نحمى‬
       ‫الطبيعة من آثاره الضارة ولا سيما اتخاذ تدابير التخفيف والتكيف لأننا بحمايتها‬

                                                  ‫نحمى أنفسنا بل نحمى الحياة‪.‬‬

‫‪71‬‬
   66   67   68   69   70   71   72   73   74   75   76