Page 14 - ثقافة قانونية العدد الخامس للنشر الإلكتروني
P. 14

‫رئيس‬
                                                     ‫التحرير‬

   ‫يحيا العدل ‪..‬‬                                                                                                                      ‫بقلم‪:‬‬
‫أم يحيا القاضى !!‬

                                                            ‫د‪ .‬خالد القاضى‬

‫تتـردد عبـارة « يحيـا العـدل « ‪ ..‬لـكل مـن يحصـل علـى البـراءة فـى المحاكـم ‪ ،‬أو يظفـر بحقـه الـذى عانـى‬
‫طويـا للحصـول عليـه فـى صـراع مـع فريـق آخـر ‪ ..‬وكان كلا الفريقيـن يعتقـد أنـه صاحـب الحـق ‪ ..‬فحينمـا‬
‫ُينطـق بالحكـم ‪ ..‬يـراه البعـض عـدلا ‪ ..‬فـى حيـن أن الفريـق الآخـر يشـكو الظلـم ممـا كان يعتقـد – هـو كذلـك‬

                                                                                                                       ‫‪ -‬أنـه عـدل ‪.‬‬

‫وقــد أتــت الـفـكـرة الأفـاطـونـيـة لـتـدحـض الفكر‬  ‫ولعل تلك العبارة أثــارت بداخلى شجو ًنا قانونية‬
‫ال َّسفسطائى ‪ ،‬فـقـررت أن قيمة الـعـدل هـى التى‬      ‫وقضائية واجتماعية كذلك ‪ ..‬الأمـر الـذى يدعونى‬
‫توجه قوى النفس باعتبارها فضيلة الفضائل ‪ ..‬أما‬        ‫لمحاولة طرح المفاهيم الأساسية لمصطلح « العدل « ‪..‬‬
‫(أرسطو) فإنه يختلف مع أفلاطون فى تم ّثله للعدالة ‪،‬‬   ‫وكيف يمكن الوصول إلى هذا العدل ‪ ..‬ومدى ارتباط‬
‫حيث يرى أرسطو أن العدالة تتم ّثل نظرياً فى الوسط‬     ‫هذا المصطلح بمصطلح “ القانون “ الذى يتقيد به‬
‫الذهبى (لا إفـراط ولا تفريط) الذى يستطيع وحده‬        ‫القاضى ‪ ،‬ويطبقه ‪ ..‬ولماذا أطلقت عبارة أن “ العدالة‬
‫أن يضمن الفضيلة ‪ ،‬كما ربط الفيلسوف الإنجليزى‬         ‫معصوبة العينين “‪ ،‬وصوًل إلى تكوين قناعات يقينية‬
‫(ديفيد هيوم) العدل بالرفاهية التى يجب تحقيقها‬
‫للفرد بوصفه مستهلكاًمما سيؤدى إلى احترام القوانين‬        ‫حول هذين المصطلحين “ العدل “ ‪ ..‬و” القانون”‪.‬‬
‫والالتزام بها‪..‬ويعتقد (مونتسكيو) أنه لا يمكن ضمان‬    ‫البداية من هـؤلاء ال َّس ْف َسطائيين الذين كانوا من‬
‫العدالة الفردية إلاّ بفصل السلطات الثلاث‪ :‬التشريعية‬  ‫أوائل من عالجوا إشكالية ‪ ‬العدل ؛ وقد كانت قناعاتهم‬
                                                     ‫الفلسفية تقوم على اعتبارات ترتبط بالشك المذهبى‬
                     ‫والتنفيذية والقضائية ‪.‬‬          ‫‪ ،‬فكانوا يعتبرون الفرد مقياس كل شيء ‪ ،‬وعلى هذا‬
‫وإذا تجـــاوزنـــا هــذا الـطـرح‬                     ‫الأساس اعتقد ال َّسفسطائيون أن العدالة غير موجودة‬
‫الفلسفى فإننا نصادف‬                                  ‫أو على الأرجح ‪ ،‬إنها مفهوم غامض وقيمة لا يؤمن بها‬
‫الـفـيـلـسـوف الألمــانــى‬
                                                                                        ‫إلاّ الضعفاء ‪.‬‬

                                                                                                                                             ‫يناير ‪2025‬‬  ‫‪14‬‬
   9   10   11   12   13   14   15   16   17   18   19