Page 15 - ثقافة قانونية العدد الخامس للنشر الإلكتروني
P. 15
وتوزيع الثروة واحترام الحق فى الحياة ..يقول القديس (كـانـ ْت) يحاول أن يؤ ِّطر العدالة فى إطـار معيارى
باسيليوس« :من يأخذ ثياب إنسان يدعى سالبا ،والخبز أخلاقى لأن العدل – فى تقديره – قيمة أخلاقية
الذى تحتفظ به هو ملك للجائع ،وللرجل العريان هو ترتبط بثلاثة معايير أخلاقية هى ؛ الحرية ،الكرامة
الــرداء الـذى تخفيه خزائنك ،ولحافى القدمين هو
الحـذاء الـذى يبلى عندك وللبائس والفقير هو المال والواجب.
الذى تحويه خزانتك» .وهذا القديس يعقوب يقول فى و قد جمعت الأديان السماوية بين كل هذه القيم العليا
رسالته فى الفصل « 4،/5ها ان أجرة العملة الذين للعدل ،فقد تواترت الآيات القرآنية الكريمة فى وجوب
حصدوا حقولكم تلك التى بخ ّستموهم إياها ،تصرخ الحكم بالعدل وتحريم الظلم ،ومن ذلك قوله تعالى (( :
إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذى القربى وينهى
وصراخ هؤلاء الحصادين قد بلغ أذن ّي رب الجنود». عن الفحشاء والمنكر والبغى يعظكم لعلكم تذكرون ))
ولكن هل بالقانون ..يتحقق العدل ؟ وقال تعالى (( :ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا
،اعدلوا هو اقرب للتقوى )) .وفى الحديث القدسى :
والإجابة – فى اعتقادى – بالنفى الحاسم ،فلا ( قال الله تعالى يا عبادى إنى حرمت الظلم على نفسى
يتحقق العدل بالقانون ..بل يتحقق « بالقاضى « ..لأن وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ) ..وقد ط ّبق المسلمون
القاضى هو من يطبق هذا القانون ..وصولاً ( للعدل «العدل» فى أعلى صوره ،بدءاً بالرسول الأكرم « صلى
) المنشود ممن لاذ به ،واستعصم ( بالقانون ) أمام الله عليه وسلم» الذى حكى عنه القرآن قوله((:إنما أنا
بشر مثلكم)) فقد وضع نفسه فى مصاف مرتبة البشر
ساحات القضاء سبيلاً للإنصاف والحق . ،ولم يحمله شرفه العظيم للامتياز عن الناس تبريراً
وتبدو الإجابة كذلك واضحة جلية على ما طرح ُته لأخذ حقوقهم من غير وجه حق ،بل كان نموذجاً رائعاً
سل ًفا لعبارة أن “ العدالة معصوبة العينين “ ،نعم ، فى إقامة العدل ،حتى على نفسه الكريمة رغم كونه
فالقاضى الذى تتحقق العدالة من خلاله لا يرى أى
من الخصوم ..بل يرى العدل والحق ..ويطبق القانون نبى الله ورسوله.
الذى يساعده على استيداء الناس لحقوقهم المسلوبة أو وفى المسيحية ..ورد العدل فى صلب تعاليم العهد
الاعتداء على حرماتهم وحرياتهم المصانة ،وتتكامل مع القديم ،يقول ارمياء النبى «ويل لمن يبنى بيته بغير عدل،
تلك الحقائق عبارة أن « الرحمة فوق العدل « فالمخاطب وعلياءه بغير حق ،ويستخدم قريبه بلا أجرة ولا يوفيه
هنا هو (القاضى الإنسان) ،وليس ( القانون النص ) ثمن عمله» (ارميا .)13:22وورد كذلك فى الإنجيل،
،ولا ( العدل الرمز ) ،فالقاضى هوالمرآة التى تعكس يعلن يسوع أن الناس متساوون «ليس هناك عبد ولا
سيد ،رجـل ولا امــرأة ،بل الكل واحـد فى المسيح»،
وجه الدولة وقوتها وهيبتها أو ضعفها و استكانتها.
ولأن المواطن أولا ً ،فإن المحاكمات القضائية فى كذلك جاءت تعاليم آباء الكنيسة تحض على العدل
مصر ترتكز -بحسب الأصل -على مبدأ
أن التقاضى على درجتين ،فقد تشوب
الحكم عند صدوره بعض الأخطاء
الإجرائية أو الموضوعية ،أو يبين
بعد صـدوره ما يجعله مجاف ًيا
للوقائع أو الـقـانـون ،الأمــر الـذى
يتعين معه فتح باب الطعن فى هذا الحكم،
وهى أداة شرعها القانون تداركاً لخطأ القاضى فى
أول درجة.
15