Page 53 - ثقافة قانونية العدد الخامس للنشر الإلكتروني
P. 53

‫بسيادة القانون‪ ،‬وجعل منهما أساساً للنظام الجمهورى الديمقراطى الذى‬            ‫الديمقراطى المنحل أو أمي ًنا عا ًما له أو كان عض ًوا بمكتبه السياسى أو‬
       ‫تقوم عليه الدولة‪ ،‬ونص كذلك فى المادة (‪ )4‬منه على أن السيادة للشعب‬            ‫أمانته العامة « ‪ ،‬وذلك دون غيرهم ممن شغلوا المناصب ذاتها‪ ،‬خلال مدة‬
       ‫وحده‪ ،‬يمارسها ويحميها‪ ،‬وهو مصدر السلطات‪ ،‬ويصون وحدته الوطنية‬
       ‫التى تقوم على مبادئ المساواة والعدل وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين‪،‬‬         ‫سابقة للسنوات العشر المشار إليها ‪ ،‬وكذلك من تولى مناصب تماثل‪ ،‬من‬
       ‫كما كفل فى المادة (‪ )87‬منه مشاركة المواطن فى الحياة العامة كواجب‬
       ‫وطني‪ ،‬وجعل لكل مواطن الحق فى الانتخاب والترشح وإبداء الرأى فى‬                ‫حيث طبيعتها ومسؤولياتها‪ ،‬المناصب الواردة بالنص ‪ ،‬وخلال المدة المحددة‬
       ‫الاستفتاء‪ ،‬وفى هذا السبيل؛ تلتزم الدولة بإدراج اسم كل مواطن بقاعدة‬
                                                                                    ‫فيه ‪ ،‬ومن ذلك منصب نائب رئيس مجلس الوزراء ‪ ،‬والوزراء ‪ ،‬والأمناء‬
            ‫بيانات الناخبين دون طلب منه‪ ،‬متى توافرت فيه شروط الناخب ‪.‬‬
       ‫وحيث إنه متى كان ما تقدم؛ وكان المدعي‪ ،‬باعتباره مواطناً‪ ،‬قد ثبتت‬             ‫العامين المساعدين بالحزب الوطنى المنحل ‪ .‬وبذلك يكون النص المحال‬
       ‫له صفة الناخب؛ إعمالاً لما نصت عليه المادة (‪ )87‬من الدستور من التزام‬         ‫قد تضمن تميي ًزا تحكم ًيا لا يستند إلى أسس موضوعية تبرره ‪ ،‬فضلاً‬
       ‫الدولة بإدراج اسم كل مواطن بقاعدة بيانات الناخبين دون طلب منه‪ ،‬متى‬           ‫مقاييس‬   ‫أسس أو‬   ‫إلى‬  ‫توقماسياًماستتتبشعرهيعذًيلاكبينمنالماونافطنصيانللأا يحركتاكمهن‬  ‫عن تبنيه‬
       ‫توافرت فيه شروط الناخب‪ ،‬وقد خلت أوراق الدعوى الراهنة مما يستفاد‬              ‫‪ ،‬ليصير‬  ‫أهدافها‬  ‫عن‬                                                                   ‫منطقية ‪،‬‬
       ‫منه أن صفة الناخب قد زايلته أو أنه قد تجرد منها لأى سبب‪ ،‬فضلاً‬
       ‫عن أنه لم يثبت بالأوراق قيام أى مانع يحول بينه وبين مباشرة حقوقه‬             ‫اتصالها بها واه ًيا ‪ ،‬وليغدو التمييز الذى أورده مستن ًدا إلى وقائع يتعذر‬
       ‫السياسية‪ ،‬وكان قد طعن‪ ،‬أمام محكمة الموضوع على قرار رئيس اللجنة‬               ‫حمله عليها ‪ ،‬ومصطن ًعا لفوارق غير حقيقية بين أصحاب المراكز القانونية‬
       ‫العليا للانتخابات رقم (‪ )20‬لسنة ‪ 2015‬بفتح باب الترشح لعضوية مجلس‬              ‫المتماثلة ‪ ،‬بما يوقعه فى حومة مخالفة مبدأى المساواة وتكافؤ الفرص‪.‬‬
       ‫النواب لسنة ‪2015‬؛ طالباً وقف تنفيذه ثم إلغائه‪ ،‬مستهدفاً وقف إجراء‬
       ‫انتخابات مجلس النواب؛ ثم أقام دعواه الدستورية الراهنة‪ ،‬طالباً الحكم‬          ‫وحيث إنه‪ ،‬ولئن كانت كل مخالفة دستورية اعتورت ذلك النص على‬
       ‫بعدم دستورية المواد (‪ )4‬و(‪ )5‬و(البند»‪ )»1‬من المادة (‪ )8‬من قانون مجلس‬
       ‫النواب‪ ،‬لمخالفتها المواد (‪ )1‬و(‪ )9‬و(‪ )53‬و(‪ )87‬و(‪ )88‬و(‪ )244‬من الدستور‪،‬‬       ‫نحو ما تقدم‪ ،‬تكفى بذاتها لإبطاله‪ ،‬إلا أن اجتماع تلك المثالب الدستورية‪،‬‬
       ‫ولما كانت المواد المطعون فيها تمس المركز القانونى للمدعي‪ ،‬بصفته ناخباً‪،‬‬
       ‫وتؤثر فيه‪ ،‬ومنها ما يقف حجر عثرة فى سبيله كطالب للترشح‪ ،‬ومن ثم‬               ‫مع عدم خفاء أمرها على أعضاء المجلس التشريعى ـ على ما كشفت عنه‬

                ‫تتوافر للمدعى المصلحة الشخصية المباشرة فى دعواه الماثلة‪.‬‬            ‫مضابط مجلس الشعب ذات الصلة ـ واتجاه المجلس فى غالبيته‪ ،‬لتجاهلها‪،‬‬
       ‫وحيث إن المشرع الدستورى قد غاير فى شرط حمل الجنسية المصرية‬
       ‫بالنسبة للمترشح لمنصب رئيس الجمهورية‪ ،‬ومن يعين رئي ًسا لمجلس الوزراء‪،‬‬        ‫وإقراره لمشروع القانون‪ ،‬ما يجافى ـ عن قصد ـ الأغراض التى كان يجب‬
       ‫باشتراطه ألا يكون أيهما يحمل جنسية دولة أخرى‪ ،‬وإسقاط هذا الشرط‬
       ‫بالنسبة للمترشح لعضوية مجلس النواب‪ ،‬فمن ثم كان على المشرع العادى‬             ‫أن يتوخاها التشريع‪ ،‬وهو الأمر الذى يفقده عموميته وتجريده‪ ،‬ويوصمه‬
       ‫الالتزام بحدود وضوابط ممارسته التشريعية وبمراعاة مراتب التدرج‬
       ‫التشريعى‪ ،‬فإذا ما خرج عنه وأحل نفسه موضع المشرع الدستورى وأضاف‬                                      ‫ـ بالتالى ـ بعيب الانحراف التشريعى ‪.‬‬
       ‫للنص المطعون فيه قي ًدا وشر ًطا جدي ًدا بالانفراد بالجنسية المصرية‪ ،‬فإنه‬
       ‫يكون قد انطوى على مخالفة لنصوص المواد (‪ )87‬و(‪ )88‬و(‪ )102‬من‬                   ‫‪ -2‬عدم دستورية اشتراط التمتع بالجنسية المصرية منفردة للترشح‬
       ‫الدستور‪ ،‬مما يستوجـــــــــب القضاء بعدم دستوريته فى النطاق المحدد سل ًفا ‪.‬‬
       ‫ونرى أن المحكمة الدستورية العليا فى الحكمين المشار إليهما‪ -‬كما يبين‬                                 ‫لعضوية مجلس النواب‪:‬‬
       ‫من حيثياتهما‪ -‬قد ربطت بين المواطنة وبين مبدأ السيادة الشعبية وسيادة‬
       ‫القانون‪ ،‬باعتبار أن المواطنة أساس النظام الديمقراطى فى الدولة بجانب‬          ‫حكمت المحكمة الدستورية العليا بتاريخ ‪ 2015/3/7‬بعدم دستورية عبارة‬
       ‫سيادة القانون‪ ،‬وأن السيادة الشعبية هى جوهر تلك الديمقراطية‪ ،‬وعليه‬
       ‫فإن المواطنة تعد طريق ممارسة الشعب لسيادته‪ ،‬وذلك عن طريق ممارسته‬             ‫« متمت ًعا بالجنسية المصرية منفردة» الواردة بالبند (‪ )1‬من المادة (‪ )8‬من‬
       ‫لحقوقه السياسية جميعها وعلى الأخص منها حقا الترشيح والانتخاب‪.‬‬                ‫قانون مجلس النواب الصادر بقرار رئيس الجمهورية رقم ‪ 46‬لسنة ‪.2014‬‬
       ‫كما أنها وضعت ضوابط حاكمة للحقوق والحريات يجب على المشرع‬
       ‫أن يتقيد بها عند تنظيمها لها وإلا وقع مسلكه فى حومة عدم الدستورية؛‬           ‫وأسست المحكمة حكمها على مخالفة النص المقضى بعدم دستوريته‬
       ‫ولعل أهم تلك الضوابط‪ :‬أ) أن سلطة المشرع التقديرية فى تنظيم الحقوق‬
       ‫والحريات مقيدة بالالتزام بالضوابط والحدود التى نص عليها الدستور‬              ‫لمواد الدستور المتعلقة بالمواطنة‪ ،‬السيادة الشعبية‪ ،‬حق الانتخاب‪ ،‬والترشح‪،‬‬
       ‫ب) أن سلطة المشرع فى التمييز بين أصحاب المراكز غير المتماثلة ففضلاً‬
       ‫عن ضرورة ارتباطها بالأغراض المشروعة التى يتوخاها‪ ،‬فإنه يشترك فى‬                                     ‫مبدأ المساواة‪ ،‬ومبدأ تكافؤ الفرص‪.‬‬

                   ‫تلك المراكز المختلفة وجود فوارق بينها حقيقية لا متوهمة‪.‬‬          ‫ومن أهم ما جاء بحيثيات هذا الحكم ‪« :‬وحيث إن دستور سنة ‪2014‬‬
       ‫وجدير بالذكر أن الحق فى المواطنة يقابله واجب يرتبط به ارتباطا لا يقبل‬
       ‫التجزئة؛ هو واجب “ الحفاظ على الوحدة الوطنية‪ ،‬ذلك الواجب المنصوص‬             ‫القائم قد أولى صفة «المواطنة» أهمية بالغة‪ ،‬إذ قرنها‪ ،‬بنص أولى مواده‪،‬‬
       ‫عليه فى المادتين رقم ( ‪ )60 ، 3‬من دستور سنة ‪ ، 1971‬والمادة (‪ )5‬من‬
       ‫دستور سنة ‪ ، 2012‬والمادة (‪ )4‬من الدستور المعدل الصادر سنة ‪.2014‬‬
       ‫إذن فيقع على مواطن واجب مفاده التصدى لكل المحاولات المباشرة‬
       ‫وغير المباشرة‪ ،‬الصريحة والضمنية التى يكون الغرض منها المساس والنيل‬
       ‫من وحدة الوطن وشعبه بكل فئاته وطوائفه ‪ .‬فالوحدة الوطنية وصيانة‬
       ‫أسرار الدولة يحتلان موق ًعا بار ًزا فى مجال كيان الدولة وبقائها وسيادتها‪،‬‬
       ‫وبالتالى كان لزا ًما أن يفرض على كل مواطن يعيش فيها ويحيا على ارضها‬

                                        ‫واجب حمايتها وعدم المساس بها ‪.‬‬
       ‫وأخي ًرا‪ ،‬نضع هذه الكلمات التى أوردتها المحكمة الدستورية العليا”‬
       ‫مشاعر الوطنية المصرية التى يجب أن تكـون الوهج الذى لا يخبو داخل‬
       ‫وجدان كـل مصرى‪ ،‬والشـعلة التى تضـئ له الطريق أياً كان مكانه فى‬
       ‫العالم‪ ،‬توجب أن يوفر المشرع لكل مواطن المناخ الذى يشعر فيه بتمسك‬
       ‫الوطن به ‪ ،‬وإعزازه إياه‪ ،‬ليس فقط بحسبانه فرداً مصرياً ‪ ،‬وإنما أيضاً‬
       ‫باعتباره عضواً فى أسرة مصرية تحفل بها مصر وترعاها وتبارك ولاءها‬
       ‫حيثما غدت‪ ،‬فيصبح حفظ الأسرة المصرية فى اجتماعها هو حفاظ على‬

                                        ‫الوطنية المصرية فى مهج أبنائها”‪.‬‬

‫‪53‬‬
   48   49   50   51   52   53   54   55   56   57   58