Page 36 - merit 50
P. 36

‫العـدد ‪50‬‬                           ‫‪34‬‬

                                                              ‫فبراير ‪٢٠٢3‬‬

‫حمادة محمد‬

‫(المغرب)‬

‫سيميائيات‬
‫«المتعة اليقظة»‪..‬‬
‫عند عبد الفتاح كليطو‬

‫لقد ظل البعد الفكري والثقافي حاض ًرا وبقوة‪ ،‬غير أن البعد المفاهيمي‬
‫غائب بشكل واضح‪ ،‬بينما تظل المتعة اليقظة موج ًها كتاب ًّيا وقرائ ًّيا في‬
‫كتاب‪ ،‬في الممارسة النقدية عند كليطو‪ ،‬ولعل هذا البعد الفكري المتعدد‬
‫هو ما م َّكن كليطو من صياغة ونحت مفاهيم مضمرة تتناسب وطبيعة‬
‫الخطاب السردي‪ ،‬فقد مكنته الخلفية الفكرية‪ ،‬التي استند إليها في‬
‫قراءته‪ ،‬من وضع تجريد صوري للمفاهيم والأدوات لكن بشكل مضمر‪،‬‬
‫حيث لا يجد القارئ خطاطات أو ترسيمات تتميز بالتجريج‪ ،‬لكن النفس‬
‫السردي في النقد ‪-‬في الوقت نفسه‪ -‬يحفظ للفاعلية النقدية حيويتها‬
‫وقوتها المعنوية‪.‬‬

                              ‫على بقائها كنظام‪.‬‬    ‫العمل النقدي لعبد الفتاح كليطو ضمن ما‬              ‫يندرج‬
    ‫لهذا يعتبر المساس بهذا النسق ‪-‬أقصد العمود‬     ‫يسمى بالنقد الأدبي وتحليل أنظمة السرد‬
‫الشعري أو الخروج عنه‪ -‬م ًّسا بأمن الذات العربية‬
   ‫واستقرارها‪ ،‬وعلى أساس هذا الفهم فقد خلخل‬         ‫القديم‪ ،‬ذلك أنه يتعرض لموضوع شائك‬
    ‫مترجم كليلة ودمنة وكذلك كتاب المقامة بنظام‬         ‫وهو قضية المؤلف في الثقافة العربية‬
 ‫الشعر وأمنه عندما خلخل تمثلاته حول «المؤلف»‬
‫في الثقافة العربية‪ ،‬وهدم نسق الأوهام والأساطير‬    ‫وعلاقته الجدلية بالقارئ‪ ،‬وخاصة في شق‬
                                                  ‫التلقي‪ ،‬إذ على امتداد تاريخ الإبداع العربي‬
                       ‫المؤسسة لأنصار الشعر‪.‬‬
  ‫أفضل استعمال كلمة «المتعة اليقظة» في التعاطي‬       ‫يسعى المبدعون العرب إلى إبعاد كل كتاب مؤلفه‬
   ‫مع مؤلفات عبد الفتاح كليطو‪ ،‬للدلالة على تفرد‬                                          ‫مجهول‪.‬‬

      ‫الممارسة النقدية عنده في تعاطيها مع التراث‬      ‫تلتقي مركزية الذات العربية بالدوال الهامشية‬
   ‫السردي القديم‪ ،‬لاشك أن قارئ المقال سيلمس‬       ‫للكتابة السردية في كون منها يؤسس نظا ًما خا ًّصا‬
‫تقار ًبا بين عبد الفتاح كليطو وبين سميائيين كبار‬
   ‫أمثال محمد مفتاح وعبد اللطيف محفوظ وعبد‬           ‫به‪ ،‬فالثقافة العربية تؤسس لنظام من التمثلات‬
   ‫الله بريمي‪ ،‬فهؤلاء يؤكدون على ضرورة اتخاذ‬        ‫والأفكار والحقائق حول الذات الشاعرة‪ ،‬أو «الأنا‬

                                                      ‫الشاعرة»‪ ،‬وحول الآخر‪ ،‬كما أشار إلى ذلك عبد‬
                                                   ‫الله الغذامي في كتابه النقد الثقافي‪ ،‬وتحافظ الثقافة‬

                                                     ‫العربية من خلال مركزية الشاعر وثقافة الشعر‬
   31   32   33   34   35   36   37   38   39   40   41