Page 37 - merit 50
P. 37

‫‪35‬‬                ‫إبداع ومبدعون‬

                  ‫رؤى نقدية‬

                                                                  ‫الحيطة والحذر من الرموز‬

                                                                  ‫والعلامات سواء اللغوية‬

                                                                  ‫أو غير اللغوية من خلال‬

                                                                  ‫مساءلتها وتفكيكها‪ ،‬فهي‬

                                                                  ‫أدوات لحجب المعنى‬

                                                                  ‫وستره أكثر مما هي‬

                                                                  ‫وسائل وآليات للكشف‬

                                                                  ‫عنه والبوح به‪ .‬لهذا‬

                                                                  ‫يتطلب من القارئ سبر‬

                                                                  ‫أغوارها وتبيان جانبها‬

                                                                  ‫الباطني وجورها المستور‪.‬‬

                                                                  ‫انكب عبد الفتاح كليطو‬

                                                                  ‫على نقد الأشكال السردية‬

                                                                  ‫القديمة في جانبها الثقافي‬

                                                                  ‫والبنيوي‪ ،‬وهي تعني‬

‫عبد الفتاح كليطو‬  ‫عبد الله الغذامي‬                    ‫محمد مفتاح‬  ‫عنده الوعي بأنظمة‬
                                                                  ‫الثقافة الهامشية في‬

   ‫والمقتول «يمليه الاحتراس والخوف من المقايضة‬        ‫مقابل الثقافة المركزية التي تعتبر الكتابة السردية‬
                                   ‫والاضطهاد»‪.‬‬
                                                      ‫وعيًا مش َّو ًها وزائ ًفا ومقلو ًبا‪ ،‬بل هي تبرير فكري‬
   ‫هذا الخوف والاضطهاد حسب الناقد عبد التفاح‬          ‫هامشي للطبقات الاجتماعية الفقيرة وللحيلة‬
‫كليطو راجع إلى أن المكتوب عكس الشفوي‪ ،‬فالكتابة‬
 ‫تعتبر حجة على صاحبها‪ ،‬وقد تؤدي به إلى الهلاك‬         ‫وأشكال الانحراف السائدة في المجتمع‪ .‬فكيف‬

    ‫إذا فهمت بطريقة غير صحيحة‪ ،‬غير أن اهتمام‬          ‫اشتغلت ثقافة الهامش في حقل الأدب العربي؟‬
  ‫الناقد كليطو بتلقي الكتابة السردية القديمة راجع‬
 ‫بالأساس إلى أنه يعتقد جاز ًما أنه لن يضيف شيئًا‬      ‫عبد الفتاح كليطو وإشكالية الهامش في‬
                                                               ‫قراءة السرد العربي‬
      ‫إن هو تحدث في الكتابة الشعرية‪ ،‬لأن الشعر‬
   ‫بالنسبة له قد قيل فيه الكثير والكثير‪ ،‬لذلك يمم‬           ‫يعتبر فعل القراءة فعل مشاركة؛ أي تفاعل‪،‬‬
  ‫وجهه صوب السرد القديم باعتباره يؤدي وظيفة‬              ‫وهي فعل يسبق الكتابة‪« ،‬على اعتبار أن الشيء‬
    ‫الطبقة الهامشية‪ ،‬وهي وظيفة ثقافية وسياسية‬
  ‫قبل كل شيء‪ ،‬وظيفة ثقافية‪ :‬فالمقامة مث ًل وجدت‬            ‫الأساسي في كل عمل أدبي هو التفاعل وبينه‬
 ‫للدفاع عن طبقة أو عن مجموعة معينة في المجتمع‪،‬‬         ‫وبين متلقيه(‪ ،»)1‬إن شرط التفاعل إذن هو أساس‬
                                                        ‫العلاقة بين المنطوق والمكتوب‪ ،‬بين المتلقي وبين‬
     ‫عكس الثقافة العالمة‪ ،‬وهي ثقافة الشعر الموجه‬        ‫الكاتب‪ ،‬ولعل الجاحظ فطن إلى هذه النقطة المهمة‬
 ‫للمركز؛ كمدح الأمراء وعلية القوم‪ ،‬كما أن للكتابة‬
                                                            ‫على مستوى التلقي‪ ،‬لذلك حرص على إدخال‬
     ‫السردية وظيفة معرفية وهو ما نجد في كتاب‬          ‫عنصر المتعة إلى متنه المقروء‪ ،‬غير أنه حسب الناقد‬
 ‫الجاحظ من خلال التعريف بنسق البخلاء وأنساق‬
                                                         ‫عبد الفتاح كليطو؛ العلاقة بين المؤلف والقارئ‬
                       ‫اشتغالهم ورؤيتهم للعالم‪.‬‬        ‫مبنية على العداوة‪ ،‬يقول كليطو في هذا الإطار‪ :‬إذا‬
    ‫أما الثقافة العالمة؛ أي ثقافة الشعراء في علاقتها‬    ‫سلمنا بأن القارئ عدو‪ ،‬فالنتيجة الحتمية أن كل‬
    ‫بهذه الثنائية؛ مركز وهامش‪ ،‬فهي تتموضع في‬           ‫كاتب في وضعية شهرزاد‪ ،‬وكل قارئ في وضعية‬
                                                       ‫شهريار(‪ .»)2‬هذا الصراع بين القطبين‪ ،‬بين القاتل‬
   32   33   34   35   36   37   38   39   40   41   42