Page 43 - merit 50
P. 43

‫‪41‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫شعر‬

   ‫طير ِه الورقي الذي‪ ،‬من رفرفة‬       ‫البحر حام ًل صنارت َك‪ ،‬وإيا َك أن‬                          ‫سجون قديمة‪.‬‬
     ‫جانبي ِه‪ ،‬أظن ُه يتمت ُع بمشاهد‬                                                       ‫***‬
                                      ‫تسمع من يحاض ُر عن الذئاب‪ ،‬أو‬                 ‫لتك ْن مقدس ًة أسماء مخدرات‬
  ‫مدينة‪ .‬الطف ُل خائ ٌف من طائرا ٍت‬    ‫تنشغل بتجميل تمثا ٍل لزوجتك‪.‬‬              ‫الخشخاش‪ ،‬الشابو‪ ،‬الكوكايين‪،‬‬
       ‫حربية تناو ُر هنا‪ .‬أنا لس ُت‬                                             ‫الحشيش ومشروبا ٌت مثل الجن‪،‬‬
                                      ‫إذا بدأ ْت ذاكرتك تصر ُخ في طري ٍق‪،‬‬       ‫الويسكي‪ ،‬الفودكا‪ ،‬النبيذ والعرق‬
  ‫مثله‪ ،‬لا أخا ُف‪ :‬كن ُت مع جحافل‬     ‫انظ ْر حولك‪ ،‬فهناك رؤوس أسماك‬             ‫العراقي‪ .‬استسلم ُت لإحداها مرة‬
   ‫ف َّلحين‪ :‬دفعنا جب ًل كان يعي ُق‬        ‫كبيرة‪ ،‬تن َّح جانبًا‪ ،‬حي َن ترى‬     ‫أخرى والليل يلهث خارج غرفتي‪،‬‬
 ‫لقاء كلمتين وتعلم ُت‪ ،‬وهذا سبب‬       ‫عيونها تتحرك‪.‬‬                                 ‫وق ٌت أطلب من امرأ ٍة مغرية‪.‬‬
                                                                                    ‫وصل ُت إلى كشوفا ٍت جديدة‪،‬‬
     ‫آخر لشجاعتي‪ ،‬من شغلي في‬          ‫***‬                                           ‫منها أن شاع ًرا سعي ًدا أفضل‬
  ‫غر ِس أقلاٍم في وديا ٍن‪ ،‬لسنوات‪،‬‬    ‫ما أريد ُه‪ ،‬أرغب ُه‪ ،‬موجو ٌد ف َّي‬         ‫من شاع ٍر حزي ٍن أو كئي ٍب‪ ،‬وأه ُّم‬
                                      ‫شيء حتى من أمي‬      ‫لا اطل ُب اي‬           ‫من احتضا ِن مدفأ ٍة في هذا البر ِد‬
                      ‫وبلا أمل‪.‬‬         ‫أو جريد ٍة قديمة‬  ‫مثل قمي ٍص‬              ‫وكأنها أمك الغائبة منذ سنين‪.‬‬
            ‫***‬                       ‫ث َّم إنني عطو ٌف‪ :‬أق ُف الآن عن َد‬                  ‫***‬
  ‫عجيب ٌة جالسة أمامي هي جدول‬                              ‫هضب ٍة‬                 ‫قبل مهرجاني هذا‪ ،‬وفي طريقي‬
    ‫هرب اليوم من سج ِن قلعة‪-‬‬          ‫لأر ِّح ُب بنه ٍر مري ٍض‪ ،‬وص َل اليو َم‬       ‫إلى البيت‪ ،‬رأي ُت عما ًل للبي ِع‪،‬‬
  ‫قاموس صمتي مملو ٌء بفراغا ٍت‬                            ‫لاجئًا‬                   ‫فتذكر ُت شعبًا ممسو ًسا يقت ُل‬
  ‫في أحدها هذا الجدول‪ ،‬وفي آخر‬                                                   ‫مل ًكا شا ًّبا بلا سبب‪ .‬فجأة مر ْت‬
     ‫موتى ينتظرو َن حول مائدة‪،‬‬        ‫من إحدى القارات!‬                               ‫أسرا ُب طيو ٍر بدينة وبلُحى‪.‬‬
      ‫عشاؤهم أجزاء من سحابة!‬                                                    ‫اسرع ُت إلى فتح صدري‪ ،‬أخفي ُت‬
            ‫***‬                       ‫***‬                                      ‫فيه كلارينتي ورسال ًة من صدي ٍق‬
    ‫إذا اضطجع ُت فإني أبدو‪ ،‬من‬        ‫فا َت أوا ُن رغبات كبيرة‪ .‬أتقلَّ ُب‬          ‫مات يرجوني شراء لحا ٍف ل ُه‬
‫بعيد‪ ،‬رج ًل مستطي ًل‪ ،‬لكن لا أحد‬      ‫في فراشي وأر ِّدد هذا‪ .‬لا يفي ُد‬
‫يعر ُف ما في أعماقي‪ :‬أزقة عراقية‬         ‫أن تمح َص أصل َك وأخطاءك‬                                      ‫وملعقة‪.‬‬
‫قديمة‪ .‬مهمتي في هذه الأيام لملمة‬      ‫لتفه َم سبب عيش َك مع مهرجي َن‬                       ‫***‬
  ‫آهات شعبي‪ ،‬من كل البلدان‪ ،‬في‬         ‫وصعالي َك لأعوام‪ .‬طردو َك من‬                ‫كلماتي غير مرئية وأنا أكت ُب‪.‬‬
  ‫حقيب ٍة‪ ،‬وقراءة قصائدي لأطفال‬       ‫مدينة بعد مدينة وفي ك ِّل مر ٍة‬          ‫أسمعها وسط هذه الغرفة فإذا هي‬
 ‫مأوى وأنا في مزا ٍج رائع‪ ،‬وتزي ُن‬                                               ‫من فم امراتي النائمة‪ .‬كثي ٌر من‬
‫رأسي خرزات مندائيين يختبئون‪،‬‬          ‫وقف َت خارج الأسوار لتهنى َء‬              ‫ماض َّي في هذه الكلمات‪ .‬قبل أيام‬
     ‫منذ أعوام‪ ،‬في أعماق معجم‪.‬‬                            ‫نفس َك‪:‬‬              ‫رجو ُت قنف ًذا ليرافقني إلى هضبة‪،‬‬
            ‫***‬                       ‫ترف ُع بصرك‪ ،‬تجد َك على مسر ٍح‬             ‫ليس لاأني خائ ٌف وإنما لا أذهب‬
‫أتخطى قبرات قريتي كي أص َل إلى‬            ‫مد َّر ٍج ومفتو ٍح‪ ،‬ولي َس هنا َك‬      ‫بعي ًدا بلا رفيق‪ .‬ظلي لا يكفيني‪:‬‬
 ‫سفين ٍة تنتح ُب وسط ألمحي ِط وهي‬                             ‫غيرك‪.‬‬             ‫عزلتي محصنة بجدا ٍر من هواء‪،‬‬
  ‫فارغة‪ .‬أذه ُب إليها‪ ،‬أجل ُس فيها‪،‬‬                                              ‫ومن ثق ٍب فيه أشاهد ثعلبًا يلع ُب‬
  ‫فتصم ُت‪ ،‬وألح ُظ الأفق من هناك‬      ‫***‬                                         ‫مع أيتا ٍم‪ ،‬وغرا ًبا مشنو ًقا يتدلى‬
             ‫يشب ُه ابتسامة أمي‪.‬‬         ‫حين تنا ُم المدين ُة أمشي على‬
            ‫***‬                       ‫سطو ِح بيو ٍت وأبنية‪ ،‬باحثًا عن‬                           ‫من ربطة عنق‪.‬‬
  ‫كل ما أحتاج ُه الآن فرا ٌش دافىء‬    ‫هوا ٍء نقي‪ .‬من هنا َك أرى غيو ًما‬                    ‫***‬
      ‫قضي ُت يومي أجم ُع مفاتيح‬         ‫جالسة في حدائق‪ ،‬وعند أزق ٍة‬              ‫أيها الرجل‪ ،‬إذا أنت مهمو ٌم فان‬
                                      ‫رومانية الطراز غارق ٌة في تأملا ٍت‬          ‫أيامك ستم ُّر في بط ٍء‪ .‬اذه ْب إلى‬
                        ‫مبعثرة‬        ‫لاهوتية‪ ،‬بد َل أن تتعلَّ َم التلويح‬
    ‫سقط ْت‪ ،‬ليلة أمس‪ ،‬من مجر ٍة‪.‬‬      ‫لأسرا ِب طيو ٍر تهاجر‪.‬‬
    ‫ساعدني كلبي بلسان ِه الطويل‬
                                      ‫***‬

                                      ‫يمكنني‪ ،‬في هذا العمر‪ ،‬تق ُّم َص‬
                                      ‫حال طف ٍل يسح ُب‪ ،‬بقل ٍق‪ ،‬خيط‬
   38   39   40   41   42   43   44   45   46   47   48