Page 110 - merit el thaqafya 38 feb 2022
P. 110
العـدد 38 108
فبراير ٢٠٢2
بعضهم بضرورة تركيب كاميرات المراقبة. للقطط لأنها لا تريد قط ًطا في العمارة ،فهي تتبول
ووجدوا فيها نو ًعا من الردع لمن تسول له نفسه في المنور وتتصارع على السلالم الخلفية مصدرة
السطو على الشقق أو توسيخ العمارة .أما البعض أصوا ًتا مزعجة .وعلى الرغم من أنه تجاهل الأمر إلا
الآخر فقد رأى فيها انتها ًكا للخصوصية العامة. أنه لاحظ أن القطط بدأت تختفي .وساورته الشكوك
فالأستاذ عاصم الذي يسكن في الدور الأول كان في أنها كانت تدس السم لها في الطعام .كما كان
قل ًقا من أن تكشف الكاميرا وجه السيدة التي كانت صوتها الأجش العالي ليل نهار وهي تصرخ في
تتردد عليه .أما المحامي عزت الأمير فقد كان قل ًقا وجه أبنائها يضرب على أعصابه .وأصوات أبنائها
بسبب الاجتماعات التي كان يعقدها دور ًّيا لرموز
وهم يتقاذفون السباب بألفاظ خادشة للحياء
المعارضة .ودولت هانم ومفيدة هانم وتهاني يثير اشمئزازه .هذا بالإضافة إلى شغلهم المدخل
كن قلقات بشأن مؤخراتهن .فماذا لو تلصص الرخامي الواسع بلعبهم بالاسكوتر وما تصدره
الأرمل العجوز الذي يسكن في الدور السابع على من أصوات مزعجة وإرباك للمارة خاصة من كبار
مؤخراتهن كما كان يفعل عندما كانت إحداهن السن .كما شعر السكان باستياء شديد منها عندما
تمشي في الشارع وتلتفت وراءها لتجده يتبعها. حاولت قطع عيش الزبال المسكين الذي أمضى
وماذا عن الشاب الأعزب الذي ورث الشقة عن جده عمره في خدمة العمارة .وأخبرتهم أنه رجل «معفن»
وجدته في الدور السادس وهدده جاره ذو الميول
الأصولية بإحضار شرطة الآداب إذا عاد واستقبل لا يفقه في النظافة .وأخذت تجمع القمامة بد ًل
أي سيدة في شقته .كما أثار تركيب الكاميرات عنه .وبدأت تنظف طرقات المطابخ المطلة على المنور
أسئلة مهمة أخرى .فمن هو الشخص الذي دون إذن منهم .ولم تتوقف إلا بعد أن تجاهلوها
سيضعون ثقتهم فيه لتفريغ المحتوى والاطلاع ولم يعرضوا عليها أي مقابل مادي .أما عم حسين
عليه؟ فقد كان لها بالمرصاد .فما إن يراها تطرق باب
وفي النهاية أجمع أغلبية السكان على تركيب أحدهم وتعرض عليه شراء حاجياته حتى تجده
كاميرات المراقبة .ولكنهم وضعوا شر ًطا واح ًدا يقف وراءها يراقبها .وما إن تغيب حتى يطرق باب
وهو ألا يطلع أحد على المضمون إلا الأستاذ عاصم
الشاعر الرقيق وأمين الصندوق الجديد عند الساكن من جديد ويحذره من التعامل معها.
-إياك ..ست مش كويسة أب ًدا.
الضرورة فقط.
وهكذا بد ًل من أن تعلو الفرحة وجه د.محمود عبد ولم يكن يحتاج إلى شرح عبارته الغامضة تلك،
فالكل بات يعرف ماذا يقصد بكلامه .خاصة بعد أن
المقصود ،جلس بينهم متكد ًرا .فقد خاب أمله من سرت شائعة بين السكان بأن زوجة د.محمود عبد
وراء تركيب الكاميرات .فكل غرضه كان التلصص المقصود كانت قد أطلعت عم حسين على صورة من
على الداخل والخارج إلى البدروم بعد أن رأى أحلام
العقد العرفي قبل أن تترك الشقة.
تقف عند البقال أسفل العمارة تثرثر مع الشاب وكان آخر شيء أثار غضب السكان الشديد
الذي يعمل في توصيل الطلبات إلى المنازل ،وسمع منها هو تلك الزينة التي علقتها في مدخل العمارة
بمناسبة حلول شهر رمضان .فعندما رأتها دولت
قهقهاتها المجلجلة تشق فضاء الشارع ،فثارت
غيرته عليها ولم يعد يغفو له جفن وهو يتخيل هانم سألتها بحدة:
الشاب يتسلل إلى غرفتها في البدروم لي ًل ،وأحلام -من سمح لك بتزيين المدخل؟
تفتح له الباب وتأخذه بين ذراعيها وتنهال عليه
فأجابتها وهي تضحك:
بقبلاتها الحارة. -أنا «أصلي بحب الفرفشة”.
فردت عليها دولت هانم بوجه صارم:
-طيب من فضلك نزليها ،إحنا مش في حارة بلدي
هنا.
بعد مناقشة طويلة بين سكان العمارة ،اقتنع