Page 245 - merit el thaqafya 38 feb 2022
P. 245

‫‪243‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

       ‫ومدفأة على الطراز‬          ‫يتعارض اسمه مع حاله‪،‬‬                  ‫المتلقي ثانيًا‪ ،‬حيث يقول‪:‬‬
 ‫الروسي‪ ،‬ولوحة تشكيلية‬            ‫سوى رأيه الذي يتلخص‬                  ‫«ذلك الخيال الذي ظهر في‬
                                ‫في قوله‪« :‬لا يوجد في القرن‬
     ‫تحاكي الأوان القاتمة‬          ‫الواحد والعشرين تقاليد‬                ‫مقاطع الفيديو ليس لي‪،‬‬
‫للفنان «بول سيزان» الذي‬                                             ‫أموت ألف مرة أهون عليَّ من‬
‫مهد لنظرية الفن التجريدي‬            ‫تتعارض وحرية الفرد‪،‬‬
                                  ‫احترام الحرية هو أساس‬                ‫الوقوف في موقف مشبوه‬
                 ‫الحديث‪.‬‬                                            ‫كهذا»‪ ،‬لندرك أن «سعيد» هو‬
      ‫ثم جعلنا بعد عرض‬              ‫احترامنا للقانون»‪ ،‬ولم‬
      ‫حواراته مع أصدقاء‬          ‫يزعم ‪-‬أى الكاتب‪ -‬إدانته‬               ‫الشخصية الحاملة لإرادة‬
‫طفولته‪« :‬ثابت»‪ ،‬و»زكريا»‬         ‫بهتا ًنا‪ ،‬ولم ُيحرض المتلقي‬            ‫القوة‪ ،‬التي تنزع به نحو‬
   ‫نقرر إلى أى منهم نميل‬        ‫على ذلك‪ ،‬إنما مد إلى وصف‬             ‫المخاطرة‪ ،‬والبحث عن المتعة‬
      ‫نفسيًّا‪ ،‬ونتجه عقليًّا‪،‬‬                                         ‫من خلال نظرته إلى الداخل‬
‫فـ»ثابت» يميل إلى مفاهيم‬            ‫معيشته التي تجلت في‬                ‫وليس إلى قيم وأخلاقيات‬
       ‫العقل الميتافيزيقي‪،‬‬          ‫تفاصيل المكان‪ ،‬فعرض‬                ‫المجتمع‪ ،‬فالمعرفة الحقيقية‬
‫و»زكريا» لا يعرف الفشل؛‬         ‫علينا آثار (الموت النفسي)‪،‬‬
    ‫لأنه ُيق ِّدر العواقب‪ ،‬أما‬   ‫ومظاهر (العزلة)‪ ،‬فالغرفة‬                  ‫هى معرفة الشىء من‬
  ‫«سعيد» فيرى أن المسار‬         ‫التي يسكن فيها مستطيلة‪،‬‬                 ‫الداخل(‪ ،)2‬يحدثنا الكاتب‬
  ‫الفلسفي السقراطي أدى‬          ‫مطلية باللون الأصفر‪ ،‬الذي‬              ‫من خلال شخصية البطل‬
‫إلى اقصاء المخيلة‪ ،‬واختزال‬        ‫يذهب بنا مباشرة للوحة‬             ‫الرئيسي‪ ،‬عن المعرفة التي قد‬
‫العواطف الإنسانية لصالح‬           ‫البيت الأصفر‪ ،‬يؤكد ذلك‬               ‫تكون معبرة عن شخصية‬
‫الجدل العقلي الذي يرفضه‪،‬‬          ‫وجود الحذاء الذي يشبه‬             ‫الإنسان الحقيقية‪ ،‬فـ»سعيد»‬
 ‫لذا يوجه طعناته مباشرة‬            ‫إلى حد قريب حذاء «فان‬                ‫اتسم بخيال مبتكر‪ ،‬قادر‬
   ‫إلى (الجدل) وأخلاقيات‬         ‫جوخ»‪ ،‬الذي ُيعد من رواد‬
   ‫المجتمع‪ .‬من خلال ذلك‬         ‫المدرسة الانطباعية‪ ،‬وسرير‬                 ‫على تصنيف المعلومات‬
     ‫الحوار بين الأصدقاء‬            ‫متهالك يوحي بالبؤس‬              ‫واختيار بعضها‪ ،‬ليؤلف منها‬
‫ُيع ِّرج بنا الكاتب إلى مفهوم‬     ‫الذي وصل إليه صاحبه‪،‬‬
‫الجمال‪ ،‬ومقاربة «هيجل»‪:‬‬          ‫وآلة موسيقية كلاسيكية‪،‬‬               ‫صو ًرا جديدة تجعل الحياة‬
     ‫«إن أردأ فكرة تخترق‬                                                 ‫أكثر متعة‪ ،‬فنراه يجمع‬
  ‫فكر إنسان أفضل وأرفع‬                                 ‫حسن المغربي‬
  ‫من أعظم إنتاج للطبيعة»‪،‬‬                                               ‫في شخصيته بين صفات‬
 ‫ليستدل المتلقي من خلال‬                                              ‫السخرية من مجاورة فندق‬
 ‫الفصل الأول على خطورة‬
‫(الإملاء الثقافي) والملاحقة‬                                            ‫العاهرات عندما يقول‪« :‬لا‬
‫الأدبية التي نعدها ضاغطة‬                                             ‫يمكن عمل أى شىء بجانب‬
      ‫على الأدباء في العالم‬                                           ‫فندق عمومي يصدح طول‬
    ‫العربي‪ ،‬يقول «ثابت»‪:‬‬
 ‫«هل تعلم أن بعض أدعياء‬                                                  ‫الليل بضحك العاهرات»‬
‫الأدب وصلت بهم الوقاحة‬                                               ‫وصفات الكمال المثالي‪ ،‬الذي‬
‫أنهم دعوا إلى شطب اسمك‬                                               ‫ُيتخيل ولا يتحقق من خلال‬

                                                                       ‫رغبته في العودة إلى حياة‬
                                                                       ‫الريف‪ ،‬ففي المشهد الثاني‬
                                                                       ‫من الفصل الأول‪ ،‬يخاطب‬
                                                                      ‫نفسه من خلال (المونولوج‬
                                                                    ‫الذهني) عما سيحدث لو ترك‬
                                                                        ‫المدينة ورحل إلى الريف‪.‬‬

                                                                          ‫لم يذكر لنا الكاتب من‬
                                                                      ‫أسباب بؤس «سعيد» الذي‬
   240   241   242   243   244   245   246   247   248   249   250