Page 252 - merit el thaqafya 38 feb 2022
P. 252

‫العـدد ‪38‬‬                ‫‪250‬‬

                                                                 ‫فبراير ‪٢٠٢2‬‬

    ‫رسم الحدود الفاصلة‬            ‫يحظى بالقسم الأكبر من‬                       ‫هنري برجسون‬  ‫فردريك نيتشه‬
  ‫بين ما هو أدبي وما هو‬                   ‫البيان الإشاري‪.‬‬
  ‫فلسفي‪ .‬كما نلاحظ ذلك‬                                                            ‫المغربي طه عبد ال ّرحمن‬
                                    ‫كما يقدم المفكر إدوارد‬                         ‫يق ِّسم اللّغة إلى قس َمين‪:‬‬
     ‫مث ًل من خلال أعمال‬            ‫سعيد إطا ًرا لحركة نقل‬                       ‫الأ ّول هو الكلام العباري‬
   ‫مونتيني ‪،Montaigne‬‬           ‫النظريات والأفكار وتداولها‬                    ‫والثاني هو الكلام الإشاري‪،‬‬
    ‫وروسو‪ ،‬وكير كجارد‬             ‫في دراسته القيمة «عندما‬                     ‫ُمعتبِ ًرا الفلسفة كلا ًما ِعبار ًّيا‬
                                ‫تسافر النظرية»‪ ،‬وهو إطار‬
                 ‫ونيتشه‪.‬‬            ‫مك ّون من أربع مراحل‬                            ‫والأدب كلا ًما إشار ًّيا‪.‬‬
             ‫وفي الختام‪..‬‬          ‫يمكن تلخيصها كالتالي‪:‬‬                       ‫وعليه «فإ ّن ك ًّل من الفلسفة‬
   ‫ُيمكننا القول إ َّن خطوط‬         ‫أو ًل‪ :‬مجموعة الظروف‬                       ‫والأدب يختلفان فيما بينهما‬
 ‫التماس الإبداعيَّة تتقارب‬       ‫الأصلية التي رافقت ميلاد‬
       ‫وتتباعد بين الأدب‬                                                          ‫بمقدار نصيب ك ٍّل منهما‬
   ‫والفلسفة بحسب قدرة‬                ‫فكرة ودخولها ميدان‬                       ‫من ه َذين القس َمين البيانيَّين‬
 ‫الكا ِتب وإمكاناته الفكر َّية‬     ‫الخطاب‪ .‬وثانيًا‪ :‬المسافة‬
  ‫والأدبيَّة على مزج الأدب‬                                                            ‫المُتعار َضين‪ :‬العبارة‬
      ‫بالفلسفة أو الفلسفة‬            ‫المقطوعة أو المم ُّر الذي‬                ‫والإشارة أو ق ّوة العقل وق ّوة‬
‫بالأدب‪ ،‬أو بتعبير آخر على‬         ‫تجتازه الفكرة عبر ضغط‬
  ‫كتابة الفلسفة بلغة أدبيّة‬        ‫السياقات المختلفة خلال‬                       ‫التخيّل»‪ ،‬وهنا لا يذهب طه‬
  ‫وكتابة الأدب بمضامين‬          ‫انتقالها من نقطة معيّنة إلى‬                    ‫عبد ال ّرحمن إلى الفصل بين‬
                                 ‫زمان ومكان تصبح فيهما‬
                 ‫فلسفيّة‪.‬‬                                                        ‫الأسلو َبين فص ًل تا ًّما‪ ،‬بل‬
                                    ‫واضحة البروز‪ ،‬وثالثًا‬                     ‫يشير إلى أ ّن ك ًّل من الفلسفة‬
           ‫الهوامش‪:‬‬                 ‫شروط القبول وأشكال‬                         ‫والأدب يشتملان على ه َذين‬
                                 ‫المقاومة في البيئة الجديدة‪،‬‬
       ‫* محاضر الفلسفة‬          ‫وأخي ًرا تغيير الفكرة المكيّفة‬                  ‫النّو َعين من البيان م ًعا‪ ،‬إ ّل‬
           ‫وتاريخ العلوم‪.‬‬          ‫أو المدمجة جزئيًّا أو كليًّا‬                    ‫أ ّنه وبينما تنال الفلسفة‬
                                 ‫وفق استعمالاتها الجديدة‬                             ‫قس ًما أكبر من البيان‬
 ‫‪ -1‬أفلاطون‪ :‬الجمهورية‪.‬‬           ‫وموقعها الجديد في مكان‬
 ‫ترجمة فؤاد زكريا‪ ،‬الهيئة‬                                                      ‫العباري‪ ،‬فإ َّن السرد الأدبي‬
  ‫المصرية للكتاب‪ ،‬القاهرة‪،‬‬             ‫وزمان جديدين»(‪.)3‬‬
                                      ‫وعلى هذا النسق نجد‬
     ‫سنة ‪ ،1985‬ص‪.534‬‬                ‫أن الفيلسوف والأديب‬
‫‪ -2‬سعدية أحمد مصطفى‪.‬‬
                                       ‫يتجاوران ويلتقيان‬
 ‫البقاء والفناء في شعر أبو‬           ‫في غالب الأحيان‪ ،‬ذلك‬
‫العتاهية‪ .‬دار المنهل‪ ،‬عمان‪،‬‬           ‫أن الفيلسوف يواجه‬
                                ‫بالضرورة مشكلات أدبية‪،‬‬
      ‫سنة ‪ .2011‬ص‪.52‬‬              ‫مثلما أن الأديب يأنس في‬
 ‫‪ -3‬إدوارد‪ ،‬سعيد‪ .‬عندما‬          ‫نفسه القدرة على لعب دور‬
   ‫تسافر النظرية‪ .‬ترجمة‪:‬‬        ‫المفكر‪ ،‬فيجد نفسه غار ًقا في‬

     ‫مصطفى سعيد‪ .‬مجلة‬                      ‫قضايا الفلسفة‪.‬‬
    ‫الحكمة‪ ،‬المغرب‪ ،‬يوليو‬        ‫فالفلسفة تقدم نفسها على‬
    ‫‪ ،1986‬ع ‪ ،2‬ص‪-139‬‬
‫‪ .140‬نق ًل عن محمد أحمد‬             ‫شكل نصوص‪ ،‬تجعلنا‬
    ‫اليانكي‪ .‬قراءة التفكيك‬           ‫أحيا ًنا نجد صعوبة في‬
   ‫في الفكر النقدي العربي‪.‬‬
‫المؤسسة العربية للدراسات‬
     ‫والنشر‪ ،‬بيروت‪ ،‬سنة‬

          ‫‪ ،2005‬ص‪.55‬‬
   247   248   249   250   251   252   253   254   255   256   257