Page 51 - merit el thaqafya 38 feb 2022
P. 51
49 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
يمكن الاشتغال عليه من خلال ما
بينهما من قواسم مشتركة،
«لأن الموروثات الشعبية تمثل
في الحقيقة منج ًزا للغائبين
من البشر ،فيها شيء من
اللامعقول ،كما أنها لا تخلو من
اللامنطقي وبذلك فإنها ذات
خصائص تقترب من العتبات
البدئية والأساطير»( .ص)133
إن ما يفكر فيه المعموري وما
يسعى إليه لاجتراح أسطورة
خاصة به ،وما يبتكره من رموز
ودلالات لإغناء واقع يتناغم
مع الأسطورة ،هو أسطرة
الواقع بما لديه من قدرة عجيبة
فرانك أوكونور محمد مهدي الجواهري موفق محمد أنضجتها معارفه التي حرص
على أن تكون مختبره الخاص،
غرائبي وظرفي ،نقرأ ونكتب وسط جهنم عراقية، يعالج فيه ما يرى أنه يضيف إلى منجزه الإبداعي،
مختلفة عن جهنمات مجاورة .هذا إصرار من أجل فض ًل عما يضيفه هو إلى المكتبة العربية من أطاريح
الهوية الحقيقية التي تحاول قوى العدوان تشويهها
وتلويثها ،وسندافع عن مكان هو الرحم لكل أحلامنا من شأنها أن تدعو إلى التفكير في الواقع المعاصر
وطموحاتنا ،مكان نلوذ به منه ،ونحتمي بقوة الشعر وقراءته على وفق مؤشرات المعموري التي تبرز في
الكامنه فيه حتى يتحقق لنا الخلاص»( .ص)165 حيويته ،وتعاظم همته وغزارة ما ينتجه في ميدان
ليس هذا هو حلم المعموري فحسب ،بل له أحلامه البحث الأسطوري ،الذي يرى فيه ضالته برغم ما فيه
من تعقيد وهو القائل «اتخذت قرا ًرا حكي ًما وخطي ًرا
التي تنعش الثقافة في بلد أصبح الكتاب الجريء بأن ابتعد بالكامل عن كتابة الرواية لأني اكتشفت
فيه محظو ًرا ،وهذا ما دعاه إلى السفر إلى الأردن، المتعة التي توفرها المعرفة للباحث إذا استطاع أن
«فلا غرابة إذا ما لفت ناجح النظر إلى سعة ثقافتة
يمسك بخيوط ما ينوي التسلل إليه ،وعملية التسلل
المتفتحة وفرض حضوره المتمايز في قاعة محاضرات إلى الأسطورة عملية معقدة»( .ص)151
سواء كان مستم ًعا أو محاض ًرا ..بما يضفي عليها ما الذي يكمن وراء رغبة المعموري في التسلل إلى
من تعقيبات ونقاشات حوارية وجدل بطريقة جذابة
الأسطورة؟ وهو الحالم أب ًدا -وكأنه يجسد مقولة
-وهو القائل :-تحولت إلى محاضر في جاليري الفينيق لينين :الحياة بحاجة إلى إنسان حالم -الحالم
عن (المسكوت عنه في ملحمة جلجامش) وتميزت تلك بمستقبل أفضل وللمثقف بشكل خاص لوعيه بما
الأمسية بزحمة المكان واستقطاب كثير من العراقيين لأقلام المثقفين من دور في تعميق الوعي ،وتبصير
الوافدين إلى عمان صي ًفا والموجودين فيها ،وكانت الآخرين بقوة الإبداع ،وما له من دور في ترصين
المحاضرة عاصفة غطتها الصحف الأردنية بعد ثلاثة وحدة المناهضين لكل ما ينال من إنسانية العراقي،
أيام»( .ص)168 لم يف ُّت ذلك في عضده وهو يصرخ فيهم« :سنظل
نكتب ونحلم ولن نتعطل عن الحلم ،لأن إنسانيتنا
أدرك المعموري ما للكتاب من دور في تعزيز الوعي تنتهي في اللحظة التي تموت فيها ذاكرتنا ،وتنطفئ
تما ًما أحلامنا ،نحن نعيش الآن ولكن بصعوبة وتعب الثقافي ،لاسيما التنويري منها ،مما يتعذر توفيره في