Page 155 - merit 38 feb 2022
P. 155
حول العالم 1 5 3
بذلك يشبهون القديسين. من الحياة .بحكم مسبق، هذا وذاك ،إن لم يكن بين
ومن الضروري إذن أن ُي َحل أو باستحالة واقعية ،لا الإله والشعر ،فعلى الأقل
بين متطلبات هذا وذاك.
التناقض الظاهري .فحيث يعرف الفنانون والشعراء،
تتواجه الحقيقة والحرية أو لا يودون معرفة سوى إنهم يتعرفون ،بشكل
كعدوتين لبعضهما البعض، عام ،إلى الينبوع الإلهي
يتعالى نداء على الإحسان ما يفعلونه ،أو بالأحرى لمواهبهم .ويقول الشعراء
تسمعه القداسة .يوجد ِثقل ما ُيفعل فيهم :انفعالهم، والموسيقيون« :فيك كل
محبة وقداسة في مكان ما، تصور المنجزة فيهم ،عملهم، الينابيع( .»)1لكنهم ينظرون
يضيف إلى الخير الزمني تعبيرهم .لو كان بوسعهم إلى متطلبات شريعة الإله
خي ًرا ذا قيمة أبدية ،ينقذ بفعل التواضع قبول واقعية كمعيق لحريتهم الإبداعية،
جمال هذا العالم الذي يمر، العالم الموضوعي للكائنات وإلى طاعة هذه الشريعة
ويعيد شراء الجمال الذي والقوانين التي وضعها خالق كعملية بتر .إنهم لا يعرفون
خلقه الشعراء ،وينتزعه ممن الشعراء في الوجود أي ًضا، أن هذه الشريعة روحية؛
يستغل حقوقه على كل جمال لكان من الممكن أن ُتكشف وبالتالي هي ُمح ِّررة من
مخلوق ،لأنه أمير هذا العالم. لهم من دون شك ،حقول حريتنا الشخصية« .إن
في الحقيقة ،ما من شيء جديدة وعديدة من الجمال. الذين يؤمنون بالمسيح ،هم
جميل ُيخلق من دون محبة. سيصبحون حينئذ -البعض خاضعون لشريعة الإله
َيخلق الفنان خل ًقا يستر ُّده منهم ،الأعظم -ملهمين كمثل خضوعهم لنور في
المقدس من الشيطان ،الذي حقيقيين ،أنبياء هذا العالم، طريق الحرية(« .»)2فإننا
غالبًا ما كان قد ساهم في وستزيد التجربة الروحية نعلم أن الناموس روحي،
خلقه بمنحه للشاعر تجربة للحقيقة الإلهية ،وس ُت َنا ِغم يقول القديس بولس ،وأما
عن العالم ،وعن «الأباطيل»، أنا فجسدي مبيع تحت
وعن الملاذ .ولكن لا وجود وس ُتنير فيهم التجربة الخطية( .»)3كان بودلير
لخير ،ولجمال ،ولكينونة، الروحية للحالة الشعرية. يعرف ذلك (ورامبو أي ًضا،
ما لم ُت ِرد وتستطع العناية من دون شك) ،ولقد قبل
إنقاذه ،إذا ما اصطففنا على يرى الفنان -في حالته تما ًما جميع التمزقات التي
الأقل في طابور المذنبين، الخامة -نفسه أقل كثي ًرا تحضرها معرفة من هذا
وإذا ما اعترفنا على الأقل مما يرى ملحد في حالته القبيل معها ،والتواضع الذي
بمسؤوليتنا عن دم المسيح الخامة نفسه .ومع ذلك
تأمر به.
وعن شهيد الأولياء فإنه من الضروري أن كان بودلير يقبل بعالم
يمنح الإله مكا ًنا ،في الحياة الحقيقة الموضوعية ،التي لم
هوامش: الأخروية الخالدة ،للمتصفين تكن تشكل فضيحة بالنسبة
منهم بحسن النية ،والذين له .أمسى ذلك ناد ًرا لدى
* نيويورك 21 ،نوفمبر .1941 يعتقدون أن هناك تناق ًضا فناني عصرنا؛ فسماء العالم
* نشر في مجلة فونتين، الميتافيزيقي النضرة ،في
مارس -أبريل .1942 لا يمكن التغلب عليه بين نظرهم ،شبيهة بصحراء
متطلبات الفن ومتطلبات كئيبة .بالنسبة لهم ،يشبه
-1مزمور ( 7 ،87الإنجيل). الإله .من الواجب أن يحصل التعاطي مع موضوع دائم
-2جاك ماريتان« ،فكر القديس من حيث ماهيته ،الخروج
عمال ال َجمال ،الذين لا
بولس». يظنون استبعاد الإله برفض
-3رسالة بولس الرسول إلى
أهل رومية ( 14 ،7الإنجيل). شريعته ،على أجرهم،
على الأقل أولئك الذين لا
يحصلون عليه في الدنيا ،وهم