Page 222 - merit 38 feb 2022
P. 222
العـدد 38 220
فبراير ٢٠٢2 الرباعيات السابقة؛ فالرباعيات
عند الخيام وجاهين مقطوعات
الكثرة في الواحد أخرى ،يعاني الحيرة في شعرية من أربعة أبيات تدور
والواحد كثرة(.)2 الغالب الأعم. حول موضوع معين ،وتك ِّون
ومع هذه الافتتاحية نجد فكرة تامة ،وفيها إ َّما أن تتفق
أنفسنا في ثنايا “نظرية ولذلك لم يكن غريبًا أن قافية الشطرين الأول والثاني
الفيض” ،وهى نظرية تمتلئ السطور الأربعة
يونانية قديمة ق َّدمها بالحضور الفلسفي الطاغي مع الرابع ،أو أن تتفق جميع
أفلوطين ،ذلك الفيلسوف نتيجة لتأثر الجزار بالفلسفة الشطور الأربعة في القافية ،أ َّما
المصري المولد الذي استقر التي درسها في جامعة رباعيات الجزار فمن الممكن ألا
في روما ،لكيفية صدور القاهرة ،ولم يستطع التخلص
الموجودات الكثيرة عن الله منها ،فطغت على رواياته يتفق أي شطر فيها من حيث
الواحد ،حيث لا يصدر عن المختلفة .إذ يتجلى فيها القافية مع الآخر ،وهذا هو
الواحد إلا واحد مثله ،لأنه الحضور الفلسفي من شتى
اعتقد أن صدور الكثرة أصقاع الفلسفة وأنواعها، الغالب الأعم منها .كما تختلف
عن الواحد توجب في الذات ومن كافة عصورها المختلفة؛ أي ًضا عن فن الواو الذي
الخالقة تعد ًدا وتغي ًرا، اليونانية والهيلنستية
وهو ما ين ِّزه عنه أفلوطين ينتشر بصعيد مصر ،والذي
الخالق الواحد الأوحد المطلق والعربية الإسلامية يتكون من أربعة شطور يوجد
اللامتناهي ،فرأى أن الواحد والوسطى المسيحية والحديثة
يشاهد ذاته ،وينتج عن هذا فيها جناس تام بين الشطر
انبثاق الأقنوم الثاني وهو والمعاصرة ،فهي أشبه الأول والثالث وجناس تام
العقل ،وهو أقل كما ًل منه بصلاة إكليل لعاشق وعابد آخر بين الشطر الثاني والرابع
رغم أنه يشبهه من حيث لتعطي في النهاية فكرة تامة.
الوحدة ،لكنه في الآن نفسه في محراب الفلسفة. إن رباعيات السطور الأربعة
يقبل الكثرة ،وعندما يتأمل فإذا وقفنا عند المفتتح ومع ح ًّقا بدعة جديدة ابتدعها
الجزار ليعبر بها عن حيرته
أولى رباعيات السطور الفلسفية ،ويقدم فيها خلاصة
الأربعة وجدناه يقول: تأملاته عن الكينونة والوجود
والإنسان والقدر والمصير
الواحد في الكثرة والجبر والاختيار ،عن الحب
والكثرة واحد والعشق الإلهي ،عن ثنائية
الروح والجسد ،وعن وحدة
الوجود وفلسفة الإنسان،
عن جماليات ال ُحسن والقبح،
وفلسفة الوجه في محاولة منه
للوصول إلى معرفة الحقيقة.
فنراه في أكثر الأحيان تار ًكا
أفكاره الحائرة ليد المجهول،
وكأنه فيلسوف حقيقي ما
زال في فترة التأملات تجتاحه
الحدوس الصوفية والعقلية،
فنراه مبته ًجا مقب ًل على الحياة
تار ًة ،حزينًا محب ًطا تار ًة