Page 226 - merit 38 feb 2022
P. 226
العـدد 38 224
فبراير ٢٠٢2 التي َت ُرد الكثرة المشاهدة في
العالم إلى خالق واحد يعتني
كتابه: عبثية الكون يبحث الوجودي بها ولا يزال ،فالله تعالى خلف
لما لزمت الأدب والصمت عن العقل والمنطق ،وفي وسط كل كثرة وهو واحد أحد ،فنجد
جاءت هي ،جلست واستوت صاحب كتاب السطور الأربعة
الوجه في الوجه والعينان في الأساطير يبحث عن الحق،
وفي خضم الدمار يبحث عن يقول:
العينين طوق النجاة .وبصفة عامة تعددت الأسباب والموت واحد
حل البهاء وانتفى كل تسيطر النزعة الوجودية على
معظم أعمال حمدي الجزار، ميتة واحدة وحيوانات كثر
بغض()20 وإن تجلت بصورة واضحة تفردت البصمة والكتابة
وهكذا تمتزج الفلسفة مع والنقش
الأدب في فلك كتاب السطور جلية في روايته الأثيرة وخلف كل كثر ٍة واحد()14
الأربعة ،لتقدم لنا شك ًل “لذات سرية”( .)17فيقول:
فري ًدا كان لزا ًما علينا أن يقدرون المراتب والمناصب ثم ينتقل بنا صاحب الرباعيات
نتوقف عنده طوي ًل ،حتى يص ُّفون في الخانات الغني إلى رحاب الفلسفة الحديثة،
نتمكن من فك طلاسمه والبائس وإلى عصورها التنويرية التي
وفض غموضه ،والحقيقة يمسكون الريح ويخطون باتت تنشد إعمال العقل على
أوسع نطاق ،فأخذت فلسفة
أن من يقف على تلك الأقدار التنوير شعا ًرا للتنوير فحواه
الرباعيات المسطورة في ذلك وما ملكوا من أمرهم شيئًا()18
الكتاب من الممكن أن يلاحظ “كن جريئًا في استعمال
لتظل رباعيات الجزار عقلك” .وهنا يقود الفيلسوف
أن الكاتب يريد أن يلحق مسكونة بالفلسفة ،حيث
بركب الفلاسفة والصوفية، النرويجي باروخ اسبينوزا
تقود الفلسفة صاحب حملة شعواء على المعجزة
يقف عند الأسئلة الكبرى الرباعيات وتسيطر عليه
محاو ًل الإجابة عليها ،فيقدم حتى يصل إلى الفلسفة بمعناها الشائع ،فالمعجزة لديه
المعاصرة ،فيطالعنا بفلسفة ليست هي خوارق العادات،
لنا أسئلة أخرى تزيد من الوجه وجه للفيلسوف
ظمئنا نحو الحقيقة التي الفرنسي المعاصر ايمانويل لكنها حوادث طبيعية تقع طب ًقا
ليفيناس ،والذي أكد في لقوانين طبيعية نجهل أسبابها
لا تجيء أب ًدا .فيحصر فلسفته التي يمكن أن نطلق حتى الآن ،وتقدم العلم كفيل
الكاتب نفسه في مجال عليها بالمعنى العام «فلسفة
الهموم الفلسفية الكبرى الوجه» ،والتي تنص على بمعرفتها( .)15وبناء على هذا
وأسئلتها الكونية التي لا أن النظر إلى الآخر يمنعني الفهم للمعجزة ،فليس غريبًا
تنتهي ..إنها ح ًّقا لذة الحيرة من إيذائه بأي صورة من
التي بحث عنها الجزار صور الإيذاء نظ ًرا لقداسة على أي ُم َّد ٍع أن يدعي أ َّنه
طوي ًل ،ووجدناها معه في الوجه ،ولأن الوجه الذي هو صاحب معجزة طالما جهل
هذا السفر الملغز ج ًّدا ،وفي مرآة الروح ينطق بأن الآخر الناس الأسباب الطبيعية لها،
هذه الرباعيات المسكونة يحتوى الإنسانية كلها ،مما ويعبر الجزار عن ذلك في
يشعرني بمسئوليتي عنه،
بالفلسفة بل إنه عندما تلتقي الوجوه رباعية تقول:
ببعضها ينتفي كل ُبغض(.)19 َصد َق هذا الدع ُّي
فيقول الجزار من خلال تمثل يسعى كذبابة ،يتطفل ويأكل
هذا المعنى الليفيناسي في يشرب ثم يمشي ويصيح:
أنا المعجزة()16
كما تظهر الروح الوجودية بين
التشاؤم والأمل ،ففي وسط