Page 239 - merit 38 feb 2022
P. 239
يمكن إدراج رواية الحمار الذهبي التي يعتز فيها بأصله،
في جنس الروايات الأنوية ،أي وثقافته المداورية ،أو اللوبية
النص الذي يتحدث فيه الكاتب
كما يتفق على تسميتها
داخل المتن بصيغة المتكلم ،حيث البعض ،ففي الدفاع ،وفي
يظهر التقاطع بين الرواية و الحمار الذهبي تتجلى روح
المقاومة للهيمنة الرومانية،
شخصية أبوليوس في كثير من والفخر بأصالته ،ففي دفاع
اللحاظ ،مما حدا البعض من النقاد صبراتة نجده يفخر تما ًما
إلى القول بأن الشخصية المركزية بأن أصله ليبي بمعنى قديم
في شمال أفريقيا ،ويتحدى
في الرواية ليست إلا شخصية العالم الروماني ،ويقارن
الكاتب نفسه
نفسه بكبار المشهورين
الضيقة ،ولكنه رغم ذلك على شاطئ البحر مناش ًدا في العالم الذين كانوا
يتضمن عنص ًرا ذهبيًّا هو القمر (الذي يرمز إلى
عظماء عصره ،ويدافع
العقل ،أو النور الإلهي، إيزيس ر َّبة القمر والأمومة عن معتقداته ،وذلك بعد
والتحول الذي كان يأمل عند الفراعنة) تمنحه عبر رفضه للديانة الرومانية،
وانطلاقه في البحث عن
أن يصل إليه لوكيوس ألطافها توجيهات ،ومق ِّدمات ذاتيته الشرقية ،ويعتبر
هو الطيران ،والتح ُّرر من لحريته التي كان يأمل في التنويه بإزيس وأوزيريس
عالم الأرض ،والتشاوج بلوغها ديانة إيزيس هو
مع الفلسفة ،أو الحكمة، شكل من أشكال الخلاص، المعبودين المصريين
الخلاص الأبدي من خطايا القديمين اللذين يمثِّلان
فالبومة عند الرومان تجاربه السابقة بما فيها التح ِّدي الديني والثقافي في
رمز الحكمة ،فاستخدام تحصيله المعرفي؟
لوكيوس البومة في المطلب وتأخذ أزمة الهوية عند العالم الروماني.
لوكيوس في الرواية من ًحى ويبدو أن البطل في الرواية
من التحويل دالة على أخلاقيًّا ،فالطبيعة البشرية
الرغبة في السمو إلى عالم ميالة نحو المحظور ،فهي معني بفن السحر ،حيث
الفكر ،والروح ،حيث ينأى بالتعبير القرآني أ َّمارة يضمر في الباطن اهتما ًما
عن الناس ويهاجر إلى بالسوء ،وهذا راجع لطبيعة بالإيزيسية التي ينتهي
عالم المثل بعي ًدا عن عالم التركيبة التي جبل عليها إليها كديانة وأسلوب
الفساد ،والخسة البشرية.
كما يمكن أن تكون البومة الجسد ،فهو بحاجاته يشد حياة ،فتح َّول لوكيوس
رم ًزا للكائن الذي اختلطت الإنسان مع عالم الحاجيات إلى حمار ،يقابله تح ُّوله
الموازي من كائن مولع
فيه الرغبة الإنسانية الحيوية ،والضرورات بالسفر والمخاطرة والمتعة
الشريرة في معرفة
والاكتشاف ،إلى عابد
إيزيس ،من مغامر إلى
كاهن ،فالرواية تتح َّدد
من خلال نهايتها ،وحمل
الحمار لتمثال إيزيس
مق ِّدمة للولوج في عالم النقاء
والطهارة ،فتجربته التأملية