Page 249 - merit 38 feb 2022
P. 249
247 الملف الثقـافي
لا يجعل المادة الحسية العلاقة بين الأدب د.ياسر عاشور جدلية العلاقة بين الأدب والفلسفة
لتفكيرها لا تتدخل في إسماعيل
تنظيم صورة الفكر ،أو في والفلسفة هي بمثابة علاقة
تنظيم التعبير .بهذا القدر بين ملكتين مختلفتين:
وفي هذا الاتجاه سيجد العقل بالنسبة للفلسفة،
الفيلسوف نفسه في هذه
الحدود كاتبًا ،يلجأ مؤقتًا والتخييل بالنسبة للأدب،
إلى الصور الأدبية ،حين والتمايز بين الملكتين تبرره
تعوزه الوسيلة للتعبير
بواسطة حدود مجردة الغاية المستهدفة من كل
ودقيقة عن الحقائق التي منهما .فإذا كانت الفلسفة
يرغب في استخلاصها
من التجربة المعيشة ،ومع منذورة للبحث والتعبير
ذلك نتوقع منه أن يتخلص عن الحقائق ،فإن الأدب
من هذه اللحظة ليتقدم من جهته مخصص لإمتاع
ويقترب أكثر من الخطاب الفكر والتأثير في القارئ.
العقلاني المجرد. وما دامت الحقيقة من
إن ثقافتنا تميل إلى إبراز طبيعة نظرية ومجردة،
وعلى أساس أن العقل هو
الاختلاف بين الأدب ملكة للتجريد واستنباط
والفلسفة ،بوصفه اختلا ًفا الحقائق المجردة ،يبدو إذن
أن كل ما له علاقة بالمشاعر
بين نمطين من التفكير، والخيال يبقى غريبًا عنه.
أحدهما مرتبط بالعاطفة وبالمقابل يعتبر التخييل
بوصفه حركة مشخصة
والتخييل ،ولا علاقة للإحساسات ،هو الأنسب
له بالتجريد العقلاني، لتحقيق التأثير العاطفي
والثاني مرتبط بالعقل، المنشود في الأدب ،وبالتالي
ومنذور لصفاء التجريد فإن أي لجوء للتجريد
سيؤدي إلى إبعاد الفكر
والصور المنطقية، عن العاطفة ،ويجعله أكثر
وبالتالي عد ًوا للتخييل برودة وصلابة ،ويقلل
-بالتالي -من التأثير الذي
والإحساسات. تستهدفه الأعمال الأدبية.
إذا حاولنا اعتبار هذا صحيح أنه لا يمكن إنكار
وإلغاء ملكة التفكير في
التمييز والاختلاف مجال الأدب ،ولا الغوص
حقيقيًّا ،فإن هذا يعني إما في عالم الذات بالنسبة
للفلسفة ،ولكننا نتوقع من
أن الحقيقة على مستوى الفلسفة التي تهتم بالمعيش
الأدب والفلسفة أساسها أن تقوم بذلك بغاية تقديم
تفسير عقلاني ،بشكل
الاختلاف ،وإما أنها
مشتركة ،ولكن معالجتها
تتم بطريقتين مختلفتين،
وبذلك فإن التمييز بين
الحقيقة الأدبية والحقيقة