Page 19 - merit 52
P. 19

‫‪17‬‬              ‫إبداع ومبدعون‬

                ‫رؤى نقدية‬

                                                              ‫(‪)2‬‬

                                                              ‫وبالعودة إلى صورة‬

                                                              ‫المثقف الملتزم وعلاقتها‬

                                                              ‫بشخصية أمينة رشيد‪،‬‬

                                                              ‫نجد أن التزامها ظهر‬

                                                              ‫عبر صور مختلفة‪ ،‬منها‬

                                                              ‫ما تبدى من نشأتها‬

                                                              ‫المتوترة داخل بيئة‬

                                                              ‫أرستقراطية توصلت إلى‬

                                                              ‫أنها لا تشعر بالانتماء‬

                                                              ‫الكافي إليها‪ ،‬فبدأت تمد‬

                                                              ‫عيونها إلى واقع مغاير‬

                                                              ‫يعبر عن هموم طبقات‬

                                                              ‫أخرى‪ ،‬هموم أكثر قسوة‬

‫جيرار دي نرفال‬  ‫سلمى مبارك‬                         ‫سيزا قاسم‬  ‫وضراوة وقي ًدا‪ ،‬ووجدت‬
                                                                 ‫داخل الفكر الماركسي‬

       ‫وقت عملها بكلية الآداب‪ ،‬مع صافيناز كاظم‪،‬‬               ‫ومفاهيمه وتوجهاته ما‬
‫وشاهندا مقلد‪ ،‬ووداد متري‪ ،‬وعدد كبير من المثقفين‬
                                                   ‫يمدها بمقومات العبور هذه بين الطبقات‪ ،‬وما يمدها‬
                         ‫المصريين في ذلك الوقت‪.‬‬
     ‫وكان لمجلتي (خطوة) و(فصول) –كما أشارت‬         ‫بمقومات تعينها على تحقيق ما ترجوه من مقاومة‬
    ‫سلمى مبارك‪ -‬أثرهما في تحقيق أشكال من هذا‬
  ‫العبور إلى الآخر في جيل أمينة رشيد من المثقفين‪،‬‬                  ‫وتغيير‪.‬‬

       ‫حيث أتاحتا مجا ًل للكتابة بشكل أكثر حرية‪،‬‬   ‫وقد عبرت سيزا قاسم في تقديمها لكتاب (أمينة‬
 ‫للتعبير عن قضايا المجتمع وهمومه وللتعبير كذلك‬
                                                   ‫رشيد أو العبور إلى الآخر) عن هذه الرغبة الشجاعة‬
     ‫عن قضايا الإبداع وتحولات النظرية الأدبية في‬
     ‫ذلك الوقت‪ ،‬كل هذا بجانب مشاركتها في اتحاد‬     ‫من رشيد لتخطي الحدود والدفاع عن الحقوق‪،‬‬
  ‫الطلاب المصريين بباريس في فترة دراستها هناك‪،‬‬
‫ومشاركتها في لجنة الدفاع عن الثقافة الوطنية‪ ،‬التي‬  ‫سواء الحقوق السياسية أو حقوق المرأة أو حق‬
 ‫أتاحت لها الإسهام في الحياة النضالية والدفاع عن‬
    ‫عدد من الحقوق والحريات في مجالات مختلفة‪.‬‬       ‫الدفاع عن القضية الفلسطينية‪ ،‬مما دفع بها إلى‬

                 ‫(‪)3‬‬                               ‫الوقوف في وجه أستاذها ومشرفها على رسالتها‬

   ‫لم تقف مقاومة أمينة رشيد والتزامها عند حدود‬     ‫للدكتوراه‪ ،‬رينيه إيتيامبل‪ ،‬أستاذ الأدب المقارن‬
  ‫المقاومة بمفهومها الأقرب وهي النضال ضد سلب‬
                                                   ‫البارز‪ ،‬عندما و َّقع مع عدد من المثقفين الفرنسيين‬
       ‫الحريات‪ ،‬بل امتدت إلى آفاق مغايرة ارتبطت‬
‫بتجربتها في مجال العمل الأكاديمي‪ ،‬وتبدأ من كونها‬   ‫بيا ًنا يهاجم بصورة ما حق الدفاع عن القضية‬

                                                   ‫الفلسطينية‪ ،‬وتروي سيزا قاسم بع ًضا من حديثها‬

                                                   ‫معها حول ما حدث في باريس‪ ،‬حيث ردت رشيد‬

                                                   ‫«في ذلك الزمان كنت شجاعة»‪ ،‬وتؤكد بعدها قاسم‬

                                                   ‫«ولي أن أضيف‪( :‬إنها كانت دوما شجاعة)»(‪،)6‬‬

                                                   ‫وهذه الحادثة إشارة واضحة لالتزام أمينة رشيد‬

                                                   ‫‪-‬بمفهوم جان بول سارتر‪ -‬حيث «يربط سارتر‪..‬‬

                                                   ‫عمل المثقف بتحرير نفسه وتحرير الآخرين»(‪ ،)7‬ولم‬

                                                   ‫يتوقف دفاعها عن القضايا المهمة عند هذه النقطة‪،‬‬

                                                   ‫بل وصل إلى حد دخولها السجن في عهد السادات‪،‬‬
   14   15   16   17   18   19   20   21   22   23   24