Page 217 - merit 53
P. 217

‫‪215‬‬               ‫الملف الثقـافي‬

‫فرانثيسكو فرانكو‬  ‫خورخي فيديلا‬    ‫بينيتو موسوليني‬                    ‫‪ ،١٩٥٠‬عندما تغلبت إسبانيا‬
                                                                      ‫على إنجلترا في كأس العالم‬
‫ورمز ًّيا‪ ،‬في ظل ديموقراطية‬           ‫مونديال سويسرا ‪١٩٥٤‬‬              ‫‪ ١٩٥٠‬أرسل رئيس اتحاد‬
     ‫عامة هشة إلى حد ما‪.‬‬              ‫بدت منبوذة من الجميع‪،‬‬         ‫الكرة برقية لفرانكو «صاحب‬
                                   ‫حمل اللاعبون أوزار الدمار‬           ‫الفخامة‪ ،‬لقد هز ْمنا الغدر‬
   ‫وبحلول السبعينيات من‬             ‫الذي خلفته النازية بالعالم‪.‬‬      ‫الأبرص»‪ .‬وبدا الفوز وكأنه‬
   ‫القرن الماضي‪ ،‬أصبحت‬            ‫ألمانيا ذاتها التي منعتها الفيفا‬
  ‫كرة القدم فع ًل جماهير ًّيا‬        ‫من المشاركة في المونديال‬           ‫ثأر لتدمير «الأرمادا» في‬
  ‫رفي ًعا وغير قابلة للفصل‬         ‫الأول بعد الحرب في ‪،١٩٥٠‬‬          ‫‪ ١٥٨٨‬على حد قول جاليانو‪.‬‬
 ‫عن التصور الذاتي لألمانيا‬            ‫استغلت البطولة للترويج‬         ‫ربما كان هذا بجملة أخرى‪،‬‬
  ‫الغربية‪ .‬بنفس القدر مثل‬                                            ‫نو ًعا من الحفر على الحاضر‬
   ‫علامة «صنع في ألمانيا»‪.‬‬               ‫لسردية دولة تحاول‬
‫في غمرة العلاقة المثيرة بين‬       ‫مبارحة تراث الدم والبارود‪.‬‬                   ‫بوجدان الماضي‪.‬‬
  ‫الكرة والسردية القومية‪،‬‬           ‫وعمو ًما‪ ،‬طوال فترة وجود‬             ‫لقد جرى استخدام كرة‬
    ‫كانت كرة القدم أحيا ًنا‬                                         ‫القدم على نحو متعمد لتعزيز‬
   ‫كالعنقاء التي تساهم في‬            ‫ما يسمى بجمهورية بون‬              ‫سردية واحدة موحدة عن‬
  ‫عودة الروح لجسد قومي‬                   ‫(‪ )١٩٩٠ -١٩٤٩‬كان‬             ‫الوطن والقومية والوطنية‪.‬‬
                                                                    ‫ولم يختلف الأمر بعد الحرب‬
     ‫أصابه الهزال أو ربما‬            ‫لكرة القدم تأثر قوي على‬          ‫العالمية الثانية التي شهدت‬
‫الإحباط‪ ،‬التي ستعيد إنتاج‬            ‫تكوين الهوية الجماعية في‬       ‫انفجا ًرا عني ًفا في الهويات‪ ،‬لم‬
‫معنى جديد للحلم الوطني‪.‬‬             ‫أمة مقسمة إلى قسمين‪ .‬في‬          ‫ينقطع هذا الفوران الهوياتي‬
                                     ‫ألمانيا الغربية ق َّدم كل من‬     ‫بعد نهايتها‪ ،‬بل أُعيد تقديم‬
   ‫فحسب لوثيانو بيرنيكي‬            ‫البوندسليجيا ‪Bundesliga‬‬            ‫صياغات جديدة للسرديات‬
   ‫في كتابه أغرب الحكايات‬                                           ‫القومية‪ ،‬عبر أبجديات ناعمة‬
   ‫في تاريخ المونديال‪ ،‬بعد‬                    ‫والفريق القومي‬           ‫ككرة القدم والثقافة‪ .‬كان‬
 ‫كارثة ماركانا الشهيرة في‬               ‫‪Nationalmanschaft‬‬            ‫عالم ما بعد الحرب محط ًما‪،‬‬
                                       ‫مجتم ًعا متخي ًل مطمئنًا‬
                                                                           ‫نفوس كسيرة‪ ،‬وعزة‬
                                                                       ‫مفتقدة وكرامة مهدرة‪ ،‬في‬

                                                                        ‫مقابل فيضان من الفخر‬
                                                                    ‫الوطني‪ ،‬وانتشاء حد التخمة‬

                                                                          ‫بالانتصار‪ .‬قيم ثقافية‬
                                                                          ‫وأيديولوجيات وأنظمة‬
                                                                         ‫اقتصادية زالت وأخرى‬
                                                                     ‫سادت‪ .‬كان هذا عالم ما بعد‬
                                                                      ‫الحرب العالمية الثانية‪ ،‬التي‬
                                                                     ‫توقفت خلالها كأس العالم؛‬
                                                                         ‫فلم تلعب دورتي ‪١٩٤٢‬‬
                                                                         ‫و‪ .١٩٤٦‬وكانت العودة‬
                                                                       ‫لكرة القدم للبعض‪ ،‬كأنها‬
                                                                      ‫إعادة إنتاج الذات الوطنية‪.‬‬
                                                                      ‫ألمانيا‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬في‬
   212   213   214   215   216   217   218   219   220   221   222